(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )
[ ص: 109 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )
. واعلم أنه سبحانه بين أنه عظم
آدم عليه السلام بأن جعله مسجودا للملائكة ، وبين أنه عرفه
nindex.php?page=treesubj&link=28798شدة عداوة إبليس له ولزوجه وأنه لعداوته يدعوهم إلى المعصية التي إذا وقعت زالت تلك النعم بأسرها ، ثم إنه مع ذلك اتفق منه ومن
حواء الإقدام على الزلة ما اتفق ، والعجب ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي قال : " لو أن أحلام بني
آدم إلى قيام الساعة وضعت في كفة ميزان ووضع حلم
آدم في الأخرى لرجح حلمه بأحلامهم " ولكن المكادحة مع قضاء الله تعالى ممتنعة ، واعلم أن واقعة
آدم عجيبة وذلك لأن الله تعالى رغبه في دوام الراحة وانتظام المعيشة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=117فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=118إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=119وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) ورغبه إبليس أيضا في دوام الراحة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120هل أدلك على شجرة الخلد ) وفي انتظام المعيشة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120وملك لا يبلى ) فكان الشيء الذي رغب الله
آدم فيه هو الذي رغبه إبليس فيه إلا أن الله تعالى وقف ذلك على الاحتراس عن تلك الشجرة وإبليس وقفه على الإقدام عليها ، ثم إن
آدم عليه السلام مع كمال عقله وعلمه بأن الله تعالى مولاه وناصره ومربيه أعلمه بأن إبليس عدوه حيث امتنع من السجود له وعرض نفسه للعنة بسبب عداوته ، كيف قبل في الواقعة الواحدة والمقصود الواحد قول إبليس مع علمه بكمال عداوته له وأعرض عن قول الله تعالى مع علمه بأنه هو الناصر والمربي . ومن تأمل في هذا الباب طال تعجبه وعرف آخر الأمر أن هذه القصة كالتنبيه على أنه لا دافع لقضاء الله ولا مانع منه ، وأن الدليل وإن كان في غاية الظهور ونهاية القوة فإنه لا يحصل النفع به إلا إذا قضى الله تعالى ذلك وقدره . وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فوسوس إليه الشيطان ) فقد تقدم في سورة البقرة أنه كيف وسوس ، وبماذا وسوس . فإن قيل : كيف عدى وسوس تارة باللام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20فوسوس لهما الشيطان ) وأخرى بإلى ؟ قلنا : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فوسوس إليه ) معناه لأجله ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فوسوس إليه ) معناه أنهى إليه الوسوسة كقوله حدث له وأسر إليه ثم بين أن تلك الوسوسة كانت بتطميعه في أمرين :
أحدهما : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120هل أدلك على شجرة الخلد ) أضاف الشجرة إلى الخلد وهو الخلود لأن من أكل منها صار مخلدا بزعمه . الثاني : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120وملك لا يبلى ) أي من أكل من هذه الشجرة دام ملكه ، قال القاضي : ليس في الظاهر أن
آدم قبل ذلك منه ، بل لو وجدت هذه الوسوسة حال كون
آدم عليه السلام نبيا لاستحال أن يكون
آدم عليه السلام قبل ذلك منه ، لأنه لا بد وأن تحصل بين حال التكليف وحال المجازاة فترة بالموت ، وبالمعنى
فآدم لما كان نبيا امتنع أن لا يعلم ذلك ، قلنا : لا نسلم بأنه لا بد من حصول هذه الفترة بين حال التكليف وحال المجازاة ، ولم لا يجوز أن يقال : لا حاجة إلى الفترة أصلا ، وإن كان ولا بد فيكفي حصول الفترة بغشي أو نوم خفيف ، ثم إن كان ولا بد من حصول الفترة بالموت فلم قلت : النبي لا بد وأن يعلم ذلك ، أليس قوم منكم يقولون : إن
موسى عليه السلام إنما سأل الرؤية لأنه ما كان يعرف امتناعها على الله تعالى فإذا جاز ذلك الجهل فلم لا يجوز هذا الجهل ، ثم ما الدليل على أن
آدم كان نبيا في ذلك الوقت فإن مذهبنا أن واقعة الزلة إنما حصلت قبل رسالته لا بعدها ، ثم إن الذي يدل على أن
آدم عليه السلام قبل ذلك قوله تعالى عقيب ذكر الوسوسة (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فأكلا منها ) وهذا الترتيب مشعر بالعلية كقولهم : " زنى
ماعز فرجم " ، " وسها رسول الله
[ ص: 110 ] فسجد " فإن هذه الفاء تدل على أن الرجم كالمسبب للزنا والسجود كالمسبب للسهو ، فكذلك ههنا يجب أن يكون الأكل كالمعلل باستماع قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) وإنما يحصل هذا التعليل لو قبل
آدم ذلك منه ، فإنه لو رد قوله لما أقدم على الأكل بناء على قوله ، فثبت أن
آدم عليه السلام قبل ذلك من إبليس ، ثم إنه سبحانه بين أنهما لما أكلا بدت لهما سوآتهما ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : عريا من النور الذي كان الله ألبسهما حتى بدت فروجهما ، وإنما جمع فقيل سوآتهما كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4صغت قلوبكما ) [التحريم : 4] فإن قيل : هل كان ظهور سوآتهما كالجزاء على معصيتهما ؟ قلنا : لا شك أن ذلك كالمعلق على ذلك الأكل ، لكن يحتمل أن لا يكون عقابا عليه ، بل إنما ترتب عليه لمصلحة أخرى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى )
[ ص: 109 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى )
. وَاعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ عَظَّمَ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ جَعَلَهُ مَسْجُودًا لِلْمَلَائِكَةِ ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ عَرَّفَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28798شِدَّةَ عَدَاوَةِ إِبْلِيسَ لَهُ وَلِزَوْجِهِ وَأَنَّهُ لِعَدَاوَتِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَعْصِيَةِ الَّتِي إِذَا وَقَعَتْ زَالَتْ تِلْكَ النِّعَمُ بِأَسْرِهَا ، ثُمَّ إِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ اتَّفَقَ مِنْهُ وَمِنْ
حَوَّاءَ الْإِقْدَامُ عَلَى الزَّلَّةِ مَا اتَّفَقَ ، وَالْعَجَبُ مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ : " لَوْ أَنَّ أَحْلَامَ بَنِي
آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وُضِعَتْ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ وَوُضِعَ حُلْمُ
آدَمَ فِي الْأُخْرَى لَرَجَحَ حُلْمُهُ بِأَحْلَامِهِمْ " وَلَكِنَّ الْمُكَادَحَةَ مَعَ قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مُمْتَنَعَةٌ ، وَاعْلَمْ أَنَّ وَاقِعَةَ
آدَمَ عَجِيبَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَغَّبَهُ فِي دَوَامِ الرَّاحَةِ وَانْتِظَامِ الْمَعِيشَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=117فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=118إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=119وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) وَرَغَّبَهُ إِبْلِيسُ أَيْضًا فِي دَوَامِ الرَّاحَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) وَفِي انْتِظَامِ الْمَعِيشَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) فَكَانَ الشَّيْءُ الَّذِي رَغَّبَ اللَّهُ
آدَمَ فِيهِ هُوَ الَّذِي رَغَّبَهُ إِبْلِيسُ فِيهِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى الِاحْتِرَاسِ عَنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَإِبْلِيسَ وَقَّفَهُ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا ، ثُمَّ إِنَّ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ كَمَالِ عَقْلِهِ وَعِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْلَاهُ وَنَاصِرُهُ وَمُرَبِّيهِ أَعْلَمَهُ بِأَنَّ إِبْلِيسَ عَدُوُّهُ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنَ السُّجُودِ لَهُ وَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِلَّعْنَةِ بِسَبَبِ عَدَاوَتِهِ ، كَيْفَ قَبِلَ فِي الْوَاقِعَةِ الْوَاحِدَةِ وَالْمَقْصُودِ الْوَاحِدِ قَوْلَ إِبْلِيسَ مَعَ عِلْمِهِ بِكَمَالِ عَدَاوَتِهِ لَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ هُوَ النَّاصِرُ وَالْمُرَبِّي . وَمَنْ تَأَمَّلَ فِي هَذَا الْبَابِ طَالَ تَعَجُّبُهُ وَعَرَفَ آخِرِ الْأَمْرِ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَافِعَ لِقَضَاءِ اللَّهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ ، وَأَنَّ الدَّلِيلَ وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَنِهَايَةِ الْقُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ النَّفْعُ بِهِ إِلَّا إِذَا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَقَدَّرَهُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ) فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنَّهُ كَيْفَ وَسْوَسَ ، وَبِمَاذَا وَسْوَسَ . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ عَدَّى وَسْوَسَ تَارَةً بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ ) وَأُخْرَى بِإِلَى ؟ قُلْنَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ) مَعْنَاهُ لِأَجْلِهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ) مَعْنَاهُ أَنْهَى إِلَيْهِ الْوَسْوَسَةَ كَقَوْلِهِ حَدَّثَ لَهُ وَأَسَرَّ إِلَيْهِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ تِلْكَ الْوَسْوَسَةَ كَانَتْ بِتَطْمِيعِهِ فِي أَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) أَضَافَ الشَّجَرَةَ إِلَى الْخُلْدِ وَهُوَ الْخُلُودُ لِأَنَّ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا صَارَ مُخَلَّدًا بِزَعْمِهِ . الثَّانِي : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) أَيْ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ دَامَ مُلْكُهُ ، قَالَ الْقَاضِي : لَيْسَ فِي الظَّاهِرِ أَنَّ
آدَمَ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ ، بَلْ لَوَ وُجِدَتْ هَذِهِ الْوَسْوَسَةُ حَالَ كَوْنِ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَبِيًّا لَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ تَحْصُلَ بَيْنَ حَالِ التَّكْلِيفِ وَحَالِ الْمُجَازَاةِ فَتْرَةٌ بِالْمَوْتِ ، وَبِالْمَعْنَى
فَآدَمُ لَمَّا كَانَ نَبِيًّا امْتَنَعَ أَنْ لَا يَعْلَمَ ذَلِكَ ، قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ هَذِهِ الْفَتْرَةِ بَيْنَ حَالِ التَّكْلِيفِ وَحَالِ الْمُجَازَاةِ ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : لَا حَاجَةَ إِلَى الْفَتْرَةِ أَصْلًا ، وَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَيَكْفِي حُصُولُ الْفَتْرَةِ بِغَشْيٍ أَوْ نَوْمٍ خَفِيفٍ ، ثُمَّ إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْفَتْرَةِ بِالْمَوْتِ فَلِمَ قُلْتَ : النَّبِيُّ لَا بُدَّ وَأَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ ، أَلَيْسَ قَوْمٌ مِنْكُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا سَأَلَ الرُّؤْيَةَ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَعْرِفُ امْتِنَاعَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ الْجَهْلُ فَلِمَ لَا يَجُوزُ هَذَا الْجَهْلُ ، ثُمَّ مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ
آدَمَ كَانَ نَبِيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ وَاقِعَةَ الزَّلَّةِ إِنَّمَا حَصَلَتْ قَبْلَ رِسَالَتِهِ لَا بَعْدَهَا ، ثُمَّ إِنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبِلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَقِيبَ ذِكْرِ الْوَسْوَسَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فَأَكَلَا مِنْهَا ) وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُشْعِرٌ بِالْعِلِّيَّةِ كَقَوْلِهِمْ : " زَنَى
مَاعِزٌ فَرُجِمَ " ، " وَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ
[ ص: 110 ] فَسَجَدَ " فَإِنَّ هَذِهِ الْفَاءَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجْمَ كَالْمُسَبَّبِ لِلزِّنَا وَالسُّجُودَ كَالْمُسَبَّبِ لِلسَّهْوِ ، فَكَذَلِكَ هَهُنَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْأَكْلُ كَالْمُعَلَّلِ بِاسْتِمَاعِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) وَإِنَّمَا يَحْصُلُ هَذَا التَّعْلِيلُ لَوْ قَبِلَ
آدَمُ ذَلِكَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ لَوْ رَدَّ قَوْلَهُ لَمَا أَقْدَمَ عَلَى الْأَكْلِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ ، فَثَبَتَ أَنَّ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْ إِبْلِيسَ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ أَنَّهُمَا لَمَّا أَكَلَا بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : عَرِيَا مِنَ النُّورِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ أَلْبَسَهُمَا حَتَّى بَدَتْ فُرُوجُهُمَا ، وَإِنَّمَا جَمَعَ فَقِيلَ سَوْآتُهُمَا كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) [التَّحْرِيمِ : 4] فَإِنْ قِيلَ : هَلْ كَانَ ظُهُورُ سَوْآتِهِمَا كَالْجَزَاءِ عَلَى مَعْصِيَتِهِمَا ؟ قُلْنَا : لَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ كَالْمُعَلَّقِ عَلَى ذَلِكَ الْأَكْلِ ، لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ عِقَابًا عَلَيْهِ ، بَلْ إِنَّمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ أُخْرَى .