(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=135قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=135قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى )
. اعلم أنه تعالى لما صبر رسوله عليه السلام على ما يقولون ، وأمره بأن يعدل إلى التسبيح أتبع ذلك
[ ص: 117 ] بنهيه عن مد عينيه إلى ما متع به القوم فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك ) وجهان : أحدهما : المراد منه نظر العين وهؤلاء قالوا : مد النظر تطويله وأن لا يكاد يرده استحسانا للمنظور إليه إعجابا به كما فعل نظارة
قارون حيث قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ) [القصص : 79] حتى واجههم أولو العلم والإيمان بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ) [القصص : 80] وفيه أن النظر غير الممدود معفو عنه ، وذلك كما إذا نظر الإنسان إلى شيء مرة ثم غض ، ولما كان النظر إلى الزخارف كالمركوز في الطباع قيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك ) أي لا تفعل ما أنت معتاد له . ولقد شدد المتقون في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في اللباس والمركوب وغير ذلك لأنهم اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة ، فالناظر إليها محصل لغرضهم وكالمقوي لهم على اتخاذها . القول الثاني : قال
أبو مسلم الذي نهي عنه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك ) ليس هو النظر ، بل هو الأسف أي لا تأسف على ما فاتك مما نالوه من حظ الدنيا .
المسألة الثانية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=96أبو رافع : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013233نزل ضيف بالنبي صلى الله عليه وسلم فبعثني إلى يهودي لبيع أو سلف ، فقال : والله لا أفعل ذلك إلا برهن ، فأخبرته بقوله فأمرني أن أذهب بدرعه إليه فنزل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك ) وقال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013234إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم " وقال
أبو الدرداء : الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له . وعن
الحسن : لولا حمق الناس لخربت الدنيا ، وعن
عيسى ابن مريم عليه السلام قال : لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم لها عبيدا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير أنه كان إذا رأى ما عند السلاطين يتلو هذه الآية ، وقال : الصلاة يرحمكم الله . أما قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131إلى ما متعنا به ) [ أي ] ألذذنا به ، والإمتاع الإلذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الأصوات المطربة ويشم من الروائح الطيبة وغير ذلك من الملابس والمناكح ، يقال : أمتعه إمتاعا ومتعه تمتيعا ، والتفعيل يقتضي التكثير ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131أزواجا منهم ) أي أشكالا وأشباها من الكفار وهي من المزاوجة بين الأشياء وهي المشاكلة ، وذلك لأنهم أشكال في الذهاب عن الصواب ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : أصنافا منهم ، وقال
الكلبي والزجاج : رجالا منهم ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131زهرة الحياة الدنيا ) ففي انتصابه أربعة أوجه . أحدها : على الذم وهو النصب على الاختصاص أو على تضمين متعنا معنى أعطينا وكونه مفعولا ثانيا له أو على إبداله من محل الجار والمجرور أو على إبداله من أزواجا على تقدير ذوي ، فإن قيل : ما معنى الزهرة فيمن حرك ، قلنا : معنى الزهرة بعينه وهو الزينة والبهجة كما جاء في الجهرة ، قرئ : أرنا الله جهرة ، وأن يكون جمع زاهر وصفا لهم بأنهم زهرة هذه الدنيا لصفاء ألوانهم وتهلل وجوههم بخلاف ما عليه الصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131لنفتنهم فيه ) فذكروا فيه وجوها .
أحدها : لنعذبهم به كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ) [التوبة : 55] . وثانيها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : إضلالا مني لهم . وثالثها : قال
الكلبي ومقاتل : تشديدا في التكليف عليهم ؛ لأن الإعراض عن الدنيا عند حضورها والإقبال إلى الله أشد من ذلك عند عدم حضورها ، ولذلك كان رجوع الفقراء إلى خدمة الله تعالى والتضرع إليه أكثر من تضرع الأغنياء ، ولأن على من أوتي الدنيا ضروبا من التكليف لولاها لما لزمتهم تلك التكاليف ، ولأن القادر على المعاصي يكون الاجتناب
[ ص: 118 ] عن المعاصي أشق عليه من العاجز الفقير ، فمن هذه الجهات تكون الزيادة في الدنيا تشديدا في التكليف ، ثم قال لرسوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ورزق ربك خير وأبقى ) والأظهر أن المراد أن مطلوبك الذي تجده من الثواب خير من مطلوبهم وأبقى لأنه يدوم ولا ينقطع ، وليس كذلك حال ما أوتوه من الدنيا ، ويحتمل أن يكون المراد ما أوتيته من يسير الدنيا إذا قرنته بالطاعة خير لك من حيث العاقبة وأبقى ، فذكر الرزق في الدنيا ووصفه بحسن عاقبته إذا رضي به وصبر عليه ، ويحتمل أن يكون المراد ما أعطي من النبوة والدرجات الرفيعة ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28991_844قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وأمر أهلك بالصلاة ) فمنهم من حمله على أقاربه ، ومنهم من حمله على كل أهل دينه ، وهذا أقرب وهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=55وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ) [مريم : 55] وإن احتمل أن يكون المراد من يضمه المسكن ، إذ التنبيه على الصلاة والأمر بها في أوقاتها ممكن فيهم دون سائر الأمة ، يعنى كما أمرناك بالصلاة فأمر أنت قومك بها ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132واصطبر عليها ) فالمراد كما تأمرهم فحافظ عليها فعلا ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=18499_26527الوعظ بلسان الفعل أتم منه بلسان القول ،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعلي عليهما السلام كل صباح ويقول : " الصلاة " وكان يفعل ذلك أشهرا ، ثم بين تعالى أنه إنما يأمرهم بذلك لمنافعهم وأنه متعال عن المنافع بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) وفيه وجوه . أحدها : قال
أبو مسلم : المعنى أنه تعالى إنما يريد منه ومنهم العبادة ولا يريد منه أن يرزقه كما تريد السادة من العبيد الخراج ، وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ) [الذاريات : 56] . وثانيها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132لا نسألك رزقا ) لنفسك ولا لأهلك بل نحن نرزقك ونرزق أهلك ، ففرغ بالك لأمر الآخرة ، وفي معناه قول الناس : من كان في عمل الله كان الله في عمله . وثالثها : المعنى أنا لما أمرناك بالصلاة فليس ذلك لأنا ننتفع بصلاتك ، فعبر عن هذا المعنى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132لا نسألك رزقا ) بل نحن نرزقك في الدنيا بوجوه النعم وفي الآخرة بالثواب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013236كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله ضيق أو شدة أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية " .
واعلم أنه ليس في الآية رخصة في ترك التكسب لأنه تعالى قال في وصف المتقين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) [النور : 37] ، أما قوله : والعاقبة للتقوى فالمراد
nindex.php?page=treesubj&link=19889_19888والعاقبة الجميلة لأهل التقوى يعني تقوى الله تعالى ، ثم إنه سبحانه بعد هذه الوصية حكى عنهم شبهتهم ، فكأنه من تمام قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=130فاصبر على ما يقولون ) وهي قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133لولا يأتينا بآية من ربه ) أوهموا بهذا الكلام أنه يكلفهم الإيمان من غير آية ، وقالوا في موضع آخر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) [الأنبياء : 5] وأجاب الله تعالى عنه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ) وفيه وجوه : أحدها : أن ما في القرآن إذا وافق ما في كتبهم مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشتغل بالدراسة والتعلم وما رأى أستاذا البتة كان ذلك إخبارا عن الغيب فيكون معجزا . وثانيها : أن بينة ما في الصحف الأولى ما فيها من البشارة
بمحمد صلى الله عليه وسلم وبنبوته وبعثته . وثالثها : ذكر
ابن جرير والقفال [ أن ] المعنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ) من أنباء الأمم التي أهلكناهم لما سألوا الآيات وكفروا بها كيف عاجلناهم بالعقوبة فماذا يؤمنهم أن يكون حالهم في سؤال الآيات كحال أولئك ، وإنما أتاهم هذا البيان في القرآن ، فلهذا وصف القرآن بكونه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133بينة ما في الصحف الأولى ) واعلم أنه إنما ذكر الضمير الراجع إلى البينة لأنها في معنى البرهان والدليل ، ثم بين أنه تعالى أزاح لهم كل عذر وعلة في التكليف ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا ) والمراد كان لهم أن يقولوا ذلك فيكون عذرا لهم ، فأما الآن وقد أرسلناك وبينا على لسانك لهم ما
[ ص: 119 ] عليهم وما لهم فلا حجة لهم البتة بل الحجة عليهم . ومعنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134من قبل ) يحتمل من قبل إرساله ويحتمل من قبل ما أظهره من البينات فإن قيل فما معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ) والهالك لا يصح أن يقول ؟ قلنا : المعنى لكان لهم أن يقولوا ذلك يوم القيامة ولذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134من قبل أن نذل ونخزى ) وذلك لا يليق إلا بعذاب الآخرة ، روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال عليه السلام : "
يحتج على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة : الهالك في الفترة يقول : لم يأتني رسول وإلا كنت أطوع خلقك لك ، وتلا قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134لولا أرسلت إلينا رسولا ) والمغلوب على عقله يقول : لم تجعل لي عقلا أنتفع به ، ويقول الصبي : كنت صغيرا لا أعقل ، فترفع لهم نار ، ويقال لهم : ادخلوها فيدخلها من كان في علم الله تعالى أنه شقي ويبقى من في علمه أنه سعيد ، فيقول الله تعالى لهم : " عصيتم اليوم فكيف برسلي لو أتوكم " والقاضي طعن في الخبر وقال : لا يحسن العقاب على من لا يعقل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=135قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=135قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى )
. اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا صَبَّرَ رَسُولَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مَا يَقُولُونَ ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَعْدِلَ إِلَى التَّسْبِيحِ أَتْبَعَ ذَلِكَ
[ ص: 117 ] بِنَهْيِهِ عَنْ مَدِّ عَيْنَيْهِ إِلَى مَا مَتَّعَ بِهِ الْقَوْمَ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ) وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : الْمُرَادُ مِنْهُ نَظَرُ الْعَيْنِ وَهَؤُلَاءِ قَالُوا : مَدُّ النَّظَرِ تَطْوِيلُهُ وَأَنْ لَا يَكَادَ يَرُدَّهُ اسْتِحْسَانًا لِلْمَنْظُورِ إِلَيْهِ إِعْجَابًا بِهِ كَمَا فَعَلَ نَظَّارَةُ
قَارُونَ حَيْثُ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) [الْقَصَصِ : 79] حَتَّى وَاجَهَهُمْ أُولُو الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=80وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ) [الْقَصَصِ : 80] وَفِيهِ أَنَّ النَّظَرَ غَيْرَ الْمَمْدُودِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ، وَذَلِكَ كَمَا إِذَا نَظَرَ الْإِنْسَانُ إِلَى شَيْءٍ مَرَّةً ثُمَّ غَضَّ ، وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ إِلَى الزَّخَارِفِ كَالْمَرْكُوزِ فِي الطِّبَاعِ قِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ) أَيْ لَا تَفْعَلْ مَا أَنْتَ مُعْتَادٌ لَهُ . وَلَقَدْ شَدَّدَ الْمُتَّقُونَ فِي وُجُوبِ غَضِّ الْبَصَرِ عَنْ أَبْنِيَةِ الظَّلَمَةِ وَعُدَدِ الْفَسَقَةِ فِي اللِّبَاسِ وَالْمَرْكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِعُيُونِ النَّظَّارَةِ ، فَالنَّاظِرُ إِلَيْهَا مُحَصِّلٌ لِغَرَضِهِمْ وَكَالْمُقَوِّي لَهُمْ عَلَى اتِّخَاذِهَا . الْقَوْلُ الثَّانِي : قَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ) لَيْسَ هُوَ النَّظَرَ ، بَلْ هُوَ الْأَسَفُ أَيْ لَا تَأْسَفْ عَلَى مَا فَاتَكَ مِمَّا نَالُوهُ مِنْ حَظِّ الدُّنْيَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=96أَبُو رَافِعٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013233نَزَلَ ضَيْفٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَنِي إِلَى يَهُودِيٍّ لِبَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا بِرَهْنٍ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَذْهَبَ بِدِرْعِهِ إِلَيْهِ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ) وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013234إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَإِلَى أَعْمَالِكُمْ " وَقَالَ
أَبُو الدَّرْدَاءِ : الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ . وَعَنِ
الْحَسَنِ : لَوْلَا حُمْقُ النَّاسِ لَخَرِبَتِ الدُّنْيَا ، وَعَنْ
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : لَا تَتَّخِذُوا الدُّنْيَا رَبًّا فَتَتَّخِذَكُمْ لَهَا عَبِيدًا . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى مَا عِنْدَ السَّلَاطِينِ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ ، وَقَالَ : الصَّلَاةَ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ . أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ ) [ أَيْ ] أَلْذَذْنَا بِهِ ، وَالْإِمْتَاعُ الْإِلْذَاذُ بِمَا يُدْرَكُ مِنَ الْمَنَاظِرِ الْحَسَنَةِ وَيُسْمَعُ مِنَ الْأَصْوَاتِ الْمُطْرِبَةِ وَيُشَمُّ مِنَ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَلَابِسِ وَالْمَنَاكَحِ ، يُقَالُ : أَمْتَعَهُ إِمْتَاعًا وَمَتَّعَهُ تَمْتِيعًا ، وَالتَّفْعِيلُ يَقْتَضِي التَّكْثِيرَ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ) أَيْ أَشْكَالًا وَأَشْبَاهًا مِنَ الْكُفَّارِ وَهِيَ مِنَ الْمُزَاوَجَةِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ وَهِيَ الْمُشَاكَلَةُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَشْكَالٌ فِي الذَّهَابِ عَنِ الصَّوَابِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَصْنَافًا مِنْهُمْ ، وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ وَالزَّجَّاجُ : رِجَالًا مِنْهُمْ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) فَفِي انْتِصَابِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ . أَحَدُهَا : عَلَى الذَّمِّ وَهُوَ النَّصْبُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ عَلَى تَضْمِينِ مَتَّعْنَا مَعْنَى أَعْطَيْنَا وَكَوْنِهِ مَفْعُولًا ثَانِيًا لَهُ أَوْ عَلَى إِبْدَالِهِ مِنْ مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ أَوْ عَلَى إِبْدَالِهِ مِنْ أَزْوَاجًا عَلَى تَقْدِيرِ ذَوِي ، فَإِنْ قِيلَ : مَا مَعْنَى الزَّهْرَةِ فِيمَنْ حَرَّكَ ، قُلْنَا : مَعْنَى الزَّهْرَةِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الزِّينَةُ وَالْبَهْجَةُ كَمَا جَاءَ فِي الْجَهْرَةِ ، قُرِئَ : أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ، وَأَنْ يَكُونَ جَمْعُ زَاهِرٍ وَصْفًا لَهُمْ بِأَنَّهُمْ زَهْرَةُ هَذِهِ الدُّنْيَا لِصَفَاءِ أَلْوَانِهِمْ وَتَهَلُّلِ وُجُوهِهِمْ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ الصُّلَحَاءُ مِنْ شُحُوبِ الْأَلْوَانِ وَالتَّقَشُّفِ فِي الثِّيَابِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ) فَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا .
أَحَدُهَا : لِنُعَذِّبَهُمْ بِهِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [التَّوْبَةِ : 55] . وَثَانِيهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِضْلَالًا مِنِّي لَهُمْ . وَثَالِثُهَا : قَالَ
الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ : تَشْدِيدًا فِي التَّكْلِيفِ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنِ الدُّنْيَا عِنْدَ حُضُورِهَا وَالْإِقْبَالَ إِلَى اللَّهِ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ حُضُورِهَا ، وَلِذَلِكَ كَانَ رُجُوعُ الْفُقَرَاءِ إِلَى خِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ تَضَرُّعِ الْأَغْنِيَاءِ ، وَلِأَنَّ عَلَى مَنْ أُوتِيَ الدُّنْيَا ضُرُوبًا مِنَ التَّكْلِيفِ لَوْلَاهَا لَمَا لَزِمَتْهُمْ تِلْكَ التَّكَالِيفُ ، وَلِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْمَعَاصِي يَكُونُ الِاجْتِنَابُ
[ ص: 118 ] عَنِ الْمَعَاصِي أَشَقَّ عَلَيْهِ مِنَ الْعَاجِزِ الْفَقِيرِ ، فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي الدُّنْيَا تَشْدِيدًا فِي التَّكْلِيفِ ، ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَطْلُوبَكَ الَّذِي تَجِدُهُ مِنَ الثَّوَابِ خَيْرٌ مِنْ مَطْلُوبِهِمْ وَأَبْقَى لِأَنَّهُ يَدُومُ وَلَا يَنْقَطِعُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ حَالُ مَا أُوتُوهُ مِنَ الدُّنْيَا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا أُوتِيتَهُ مِنْ يَسِيرِ الدُّنْيَا إِذَا قَرَنْتَهُ بِالطَّاعَةِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حَيْثُ الْعَاقِبَةِ وَأَبْقَى ، فَذَكَرَ الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا وَوَصَفَهُ بِحُسْنِ عَاقَبَتِهِ إِذَا رَضِيَ بِهِ وَصَبَرَ عَلَيْهِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا أُعْطِيَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالدَّرَجَاتِ الرَّفِيعَةِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28991_844قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ ) فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَقَارِبِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ دِينِهِ ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=55وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ) [مَرْيَمَ : 55] وَإِنِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْ يَضُمُّهُ الْمَسْكَنُ ، إِذِ التَّنْبِيهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْأَمْرُ بِهَا فِي أَوْقَاتِهَا مُمْكِنٌ فِيهِمْ دُونَ سَائِرِ الْأُمَّةِ ، يَعْنَى كَمَا أَمَرْنَاكَ بِالصَّلَاةِ فَأْمُرْ أَنْتَ قَوْمَكَ بِهَا ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) فَالْمُرَادُ كَمَا تَأْمُرُهُمْ فَحَافِظْ عَلَيْهَا فِعْلًا ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18499_26527الْوَعْظَ بِلِسَانِ الْفِعْلِ أَتَمُّ مِنْهُ بِلِسَانِ الْقَوْلِ ،
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ يَذْهَبُ إِلَى فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ كُلَّ صَبَاحٍ وَيَقُولُ : " الصَّلَاةَ " وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَشْهُرًا ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ لِمَنَافِعِهِمْ وَأَنَّهُ مُتَعَالٍ عَنِ الْمَنَافِعِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ) وَفِيهِ وُجُوهٌ . أَحَدُهَا : قَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يُرِيدُ مِنْهُ وَمِنْهُمُ الْعِبَادَةُ وَلَا يُرِيدُ مِنْهُ أَنْ يَرْزُقَهُ كَمَا تُرِيدُ السَّادَةُ مِنَ الْعَبِيدِ الْخَرَاجَ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ) [الذَّارِيَاتِ : 56] . وَثَانِيهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ) لِنَفْسِكَ وَلَا لِأَهْلِكَ بَلْ نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَنَرْزُقُ أَهْلَكَ ، فَفَرِّغْ بَالَكَ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ النَّاسِ : مَنْ كَانَ فِي عَمَلِ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ فِي عَمَلِهِ . وَثَالِثُهَا : الْمَعْنَى أَنَّا لَمَّا أَمَرْنَاكَ بِالصَّلَاةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّا نَنْتَفِعُ بِصَلَاتِكَ ، فَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ) بَلْ نَحْنُ نَرْزُقُكَ فِي الدُّنْيَا بِوُجُوهِ النِّعَمِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالثَّوَابِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013236كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ بِأَهْلِهِ ضِيقٌ أَوْ شِدَّةٌ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ " .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ رُخْصَةٌ فِي تَرْكِ التَّكَسُّبِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي وَصْفِ الْمُتَّقِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) [النُّورِ : 37] ، أَمَّا قَوْلُهُ : وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى فَالْمُرَادُ
nindex.php?page=treesubj&link=19889_19888وَالْعَاقِبَةُ الْجَمِيلَةُ لِأَهْلِ التَّقْوَى يَعْنِي تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ حَكَى عَنْهُمْ شُبْهَتَهُمْ ، فَكَأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=130فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ) وَهِيَ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) أُوهِمُوا بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يُكَلِّفُهُمُ الْإِيمَانَ مِنْ غَيْرِ آيَةٍ ، وَقَالُوا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=5فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ) [الْأَنْبِيَاءِ : 5] وَأَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ) وَفِيهِ وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : أَنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ إِذَا وَافَقَ مَا فِي كُتُبِهِمْ مَعَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالدِّرَاسَةِ وَالتَّعَلُّمِ وَمَا رَأَى أُسْتَاذًا الْبَتَّةَ كَانَ ذَلِكَ إِخْبَارًا عَنِ الْغَيْبِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا . وَثَانِيهَا : أَنَّ بَيِّنَةَ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى مَا فِيهَا مِنَ الْبِشَارَةِ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنَبُّوتِهِ وَبَعْثَتِهِ . وَثَالِثُهَا : ذَكَرَ
ابْنُ جَرِيرٍ وَالْقَفَّالُ [ أَنَّ ] الْمَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ) مِنْ أَنْبَاءِ الْأُمَمِ الَّتِي أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا سَأَلُوا الْآيَاتِ وَكَفَرُوا بِهَا كَيْفَ عَاجَلْنَاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ فَمَاذَا يُؤَمِّنُهُمْ أَنْ يَكُونَ حَالُهُمْ فِي سُؤَالِ الْآيَاتِ كَحَالِ أُولَئِكَ ، وَإِنَّمَا أَتَاهُمْ هَذَا الْبَيَانُ فِي الْقُرْآنِ ، فَلِهَذَا وَصَفَ الْقُرْآنَ بِكَوْنِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ إِلَى الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبُرْهَانِ وَالدَّلِيلِ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى أَزَاحَ لَهُمْ كُلَّ عُذْرٍ وَعِلَّةٍ فِي التَّكْلِيفِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ) وَالْمُرَادُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فَيَكُونَ عُذْرًا لَهُمْ ، فَأَمَّا الْآنُ وَقَدْ أَرْسَلْنَاكَ وَبَيَّنَّا عَلَى لِسَانِكَ لَهُمْ مَا
[ ص: 119 ] عَلَيْهِمْ وَمَا لَهُمْ فَلَا حُجَّةَ لَهُمُ الْبَتَّةَ بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ . وَمَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134مِنْ قَبْلِ ) يَحْتَمِلُ مِنْ قَبْلِ إِرْسَالِهِ وَيَحْتَمِلُ مِنْ قَبْلِ مَا أَظْهَرَهُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا ) وَالْهَالِكُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ ؟ قُلْنَا : الْمَعْنَى لَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ) وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِعَذَابِ الْآخِرَةِ ، رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
يَحْتَجُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ : الْهَالِكُ فِي الْفَتْرَةِ يَقُولُ : لَمْ يَأْتِنِي رَسُولٌ وَإِلَّا كُنْتُ أَطْوَعَ خَلْقِكَ لَكَ ، وَتَلَا قَوْلَهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=134لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ) وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ يَقُولُ : لَمْ تَجْعَلْ لِي عَقْلًا أَنْتُفِعُ بِهِ ، وَيَقُولُ الصَّبِيُّ : كُنْتُ صَغِيرًا لَا أَعْقِلُ ، فَتُرْفَعُ لَهُمْ نَارٌ ، وَيُقَالُ لَهُمْ : ادْخُلُوهَا فَيَدْخُلُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ شَقِيٌّ وَيَبْقَى مَنْ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ سَعِيدٌ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ : " عَصَيْتُمُ الْيَوْمَ فَكَيْفَ بِرُسُلِي لَوْ أَتَوْكُمْ " وَالْقَاضِي طَعَنَ فِي الْخَبَرِ وَقَالَ : لَا يَحْسُنُ الْعِقَابُ عَلَى مَنْ لَا يَعْقِلُ .