[ ص: 120 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 [ سورة الأنبياء ]
مائة واثنتا عشرة آية مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون )
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ) .
اعلم أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28992_30292اقترب للناس حسابهم ) فيه مسائل :
المسألة الأولى : القرب لا يعقل إلا في المكان والزمان ، والقرب المكاني ههنا ممتنع فتعين القرب الزماني ، والمعنى اقترب للناس وقت حسابهم .
المسألة الثانية : لقائل أن يقول كيف وصف بالاقتراب ، وقد عبر بعد هذا القول قريب من ستمائة عام والجواب من ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مقترب عند الله تعالى ، والدليل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) [الحج : 47] ، وثانيها : أن كل آت قريب وإن طالت أوقات ترقبه ، وإنما البعيد هو الذي انقرض ، قال الشاعر :
فلا زال ما تهواه أقرب من غد ولا زال ما تخشاه أبعد من أمس
وثالثها : أن المعاملة إذا كانت مؤجلة إلى سنة ثم انقضى منها شهر ، فإنه لا يقال اقترب الأجل أما إذا كان الماضي أكثر من الباقي فإنه يقال : اقترب الأجل ، فعلى هذا الوجه قال العلماء : إن فيه دلالة على قرب
[ ص: 121 ] القيامة ، ولهذا الوجه قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013238بعثت أنا والساعة كهاتين " وهذا الوجه قيل : إنه عليه السلام ختم به النبوة ، كل ذلك لأجل أن الباقي من مدة التكليف أقل من الماضي .
المسألة الثالثة : إنما ذكر تعالى هذا الاقتراب لما فيه من المصلحة للمكلفين فيكون أقرب إلى تلافي الذنوب والتحرز عنها خوفا من ذلك ، والله أعلم .
المسألة الرابعة : إنما لم يعين الوقت لأجل أن كتمانه أصلح ، كما أن كتمان وقت الموت أصلح .
المسألة الخامسة : الفائدة في
nindex.php?page=treesubj&link=30291تسمية يوم القيامة بيوم الحساب أن الحساب هو الكاشف عن حال المرء فالخوف من ذكره أعظم .
المسألة السادسة : يجب أن يكون المراد بالناس من له مدخل في الحساب وهم المكلفون دون من لا مدخل له ، ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المراد بالناس المشركون . وهذا من إطلاق اسم الجنس على بعضه للدليل القائم وهو ما يتلوه من صفات المشركين أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1وهم في غفلة معرضون ) فاعلم أنه تعالى وصفهم بأمرين الغفلة والإعراض ، أما الغفلة فالمعنى أنهم غافلون عن حسابهم ساهون لا يتفكرون في عاقبتهم مع اقتضاء عقولهم أنه لا بد من جزاء المحسن والمسيء ، ثم إذا انتبهوا من سنة الغفلة ورقدة الجهالة مما يتلى عليهم من الآيات والنذر أعرضوا وسدوا أسماعهم .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
ابن أبي عبلة ( محدث ) بالرفع صفة للمحل .
المسألة الثانية : إنما ذكر الله تعالى ذلك بيانا لكونهم معرضين ، وذلك لأن الله تعالى يجدد لهم الذكر وقتا فوقتا ويظهر لهم الآية بعد الآية والسورة بعد السورة ليكرر على أسماعهم التنبيه والموعظة لعلهم يتعظون ، فما يزيدهم ذلك إلا لعبا واستسخارا .
المسألة الثالثة :
المعتزلة احتجوا على
nindex.php?page=treesubj&link=28425_29453_29455حدوث القرآن بهذه الآية فقالوا : القرآن ذكر والذكر محدث فالقرآن محدث ، بيان أن القرآن ذكر قوله تعالى في صفة القرآن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين ) [ص : 87] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وإنه لذكر لك ولقومك ) [الزخرف : 44] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر ) [ص : 1] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنا نحن نزلنا الذكر ) [الحجر : 9] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) [يس : 69] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=50وهذا ذكر مبارك أنزلناه ) [الأنبياء : 50] وبيان أن الذكر محدث قوله في هذا الموضع : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) وقوله في سورة الشعراء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=5وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث ) [ الشعراء : 5 ] ثم قالوا : فصار مجموع هاتين المقدمتين المنصوصتين كالنص في أن القرآن محدث ، والجواب من وجهين : الأول : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين ) [ص : 87] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=50وهذا ذكر مبارك ) [الأنبياء : 50] إشارة إلى المركب من الحروف والأصوات فإذا ضممنا إليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) لزم حدوث المركب من الحروف والأصوات وذلك مما لا نزاع فيه بل حدوثه معلوم بالضرورة ، وإنما النزاع في قدم كلام الله تعالى بمعنى آخر . الثاني : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) لا يدل على حدوث كل ما كان ذكرا بل على ذكر ما محدث كما أن قول القائل لا يدخل هذه البلدة رجل فاضل إلا يبغضونه ، فإنه لا يدل على أن كل رجل يجب أن يكون فاضلا بل
[ ص: 122 ] على أن في الرجال من هو فاضل وإذا كان كذلك فالآية لا تدل إلا على أن بعض الذكر محدث فيصير نظم الكلام هكذا : القرآن ذكر وبعض الذكر محدث وهذا لا ينتج شيئا ، كما أن قول القائل : الإنسان حيوان وبعض الحيوان فرس لا ينتج شيئا فظهر أن الذي ظنوه قاطعا لا يفيد ظنا ضعيفا فضلا عن القطع .
[ ص: 120 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 [ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ ]
مِائَةٌ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ آيَةً مَكِّيَّةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28992_30292اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ) فِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْقُرْبُ لَا يُعْقَلُ إِلَّا فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ ، وَالْقُرْبُ الْمَكَانِيُّ هَهُنَا مُمْتَنَعٌ فَتَعَيَّنَ الْقُرْبُ الزَّمَانِيُّ ، وَالْمَعْنَى اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ وَقْتُ حِسَابِهِمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ وُصِفَ بِالِاقْتِرَابِ ، وَقَدْ عَبَرَ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ قَرِيبٌ مِنْ سِتِّمِائَةِ عَامٍ وَالْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ مُقْتَرِبٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) [الْحَجِّ : 47] ، وَثَانِيهَا : أَنَّ كُلَّ آتٍ قَرِيبٌ وَإِنْ طَالَتْ أَوْقَاتُ تَرَقُّبِهِ ، وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ هُوَ الَّذِي انْقَرَضَ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
فَلَا زَالَ مَا تَهْوَاهُ أَقْرَبَ مِنْ غَدٍ وَلَا زَالَ مَا تَخْشَاهُ أَبْعَدَ مِنْ أَمْسِ
وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْمُعَامَلَةَ إِذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً إِلَى سَنَةٍ ثُمَّ انْقَضَى مِنْهَا شَهْرٌ ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ اقْتَرَبَ الْأَجَلُ أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاضِي أَكْثَرَ مِنَ الْبَاقِي فَإِنَّهُ يُقَالُ : اقْتَرَبَ الْأَجَلُ ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ : إِنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى قُرْبِ
[ ص: 121 ] الْقِيَامَةِ ، وَلِهَذَا الْوَجْهِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013238بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ " وَهَذَا الْوَجْهُ قِيلَ : إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَتَمَ بِهِ النُّبُوَّةَ ، كُلُّ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ مُدَّةِ التَّكْلِيفِ أَقَلُّ مِنَ الْمَاضِي .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : إِنَّمَا ذَكَرَ تَعَالَى هَذَا الِاقْتِرَابَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ فَيَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى تَلَافِي الذُّنُوبِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْهَا خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : إِنَّمَا لَمْ يُعَيِّنِ الْوَقْتَ لِأَجْلِ أَنَّ كِتْمَانَهُ أَصْلَحُ ، كَمَا أَنَّ كِتْمَانَ وَقْتِ الْمَوْتِ أَصْلَحُ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : الْفَائِدَةُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30291تَسْمِيَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِيَوْمِ الْحِسَابِ أَنَّ الْحِسَابَ هُوَ الْكَاشِفُ عَنْ حَالِ الْمَرْءِ فَالْخَوْفُ مِنْ ذِكْرِهِ أَعْظَمُ .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ مَنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْحِسَابِ وَهُمُ الْمُكَلَّفُونَ دُونَ مَنْ لَا مَدْخَلَ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمُرَادُ بِالنَّاسِ الْمُشْرِكُونَ . وَهَذَا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْجِنْسِ عَلَى بَعْضِهِ لِلدَّلِيلِ الْقَائِمِ وَهُوَ مَا يَتْلُوهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُشْرِكِينَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ) فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِأَمْرَيْنِ الْغَفْلَةِ وَالْإِعْرَاضِ ، أَمَّا الْغَفْلَةُ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ غَافِلُونَ عَنْ حِسَابِهِمْ سَاهُونَ لَا يَتَفَكَّرُونَ فِي عَاقِبَتِهِمْ مَعَ اقْتِضَاءِ عُقُولِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَزَاءِ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ ، ثُمَّ إِذَا انْتَبَهُوا مِنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ وَرَقْدَةِ الْجَهَالَةِ مِمَّا يُتْلَى عَلَيْهِمْ مِنَ الْآيَاتِ وَالنُّذُرِ أَعْرَضُوا وَسَدُّوا أَسْمَاعَهُمْ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ( مُحْدَثٌ ) بِالرَّفْعِ صِفَةً لِلْمَحَلِّ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : إِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بَيَانًا لِكَوْنِهِمْ مُعْرِضِينَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجَدِّدُ لَهُمُ الذِّكْرَ وَقْتًا فَوَقْتًا وَيُظْهِرُ لَهُمُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ وَالسُّورَةَ بَعْدَ السُّورَةِ لِيُكَرِّرَ عَلَى أَسْمَاعِهِمُ التَّنْبِيهَ وَالْمَوْعِظَةَ لَعَلَّهُمْ يَتَّعِظُونَ ، فَمَا يَزِيدُهُمْ ذَلِكَ إِلَّا لَعِبًا وَاسْتِسْخَارًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
الْمُعْتَزِلَةُ احْتَجُّوا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28425_29453_29455حُدُوثِ الْقُرْآنِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالُوا : الْقُرْآنُ ذِكْرٌ وَالذِّكْرُ مُحْدَثٌ فَالْقُرْآنُ مُحْدَثٌ ، بَيَانُ أَنَّ الْقُرْآنَ ذِكْرٌ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) [ص : 87] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) [الزُّخْرُفِ : 44] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) [ص : 1] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ) [الْحِجْرِ : 9] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ) [يس : 69] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=50وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ) [الْأَنْبِيَاءِ : 50] وَبَيَانُ أَنَّ الذِّكْرَ مُحْدَثٌ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=5وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ ) [ الشُّعَرَاءِ : 5 ] ثُمَّ قَالُوا : فَصَارَ مَجْمُوعُ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْمَنْصُوصَتَيْنِ كَالنَّصِّ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) [ص : 87] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=50وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ ) [الْأَنْبِيَاءِ : 50] إِشَارَةٌ إِلَى الْمُرَكَّبِ مِنَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ فَإِذَا ضَمَمْنَا إِلَيْهِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) لَزِمَ حُدُوثُ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَذَلِكَ مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ بَلْ حُدُوثُهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي قِدَمِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنًى آخَرَ . الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) لَا يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ كُلِّ مَا كَانَ ذِكْرًا بَلْ عَلَى ذِكْرِ مَا مُحْدَثٌ كَمَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الْبَلْدَةَ رَجُلٌ فَاضِلٌ إِلَّا يُبْغِضُونَهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا بَلْ
[ ص: 122 ] عَلَى أَنَّ فِي الرِّجَالِ مَنْ هُوَ فَاضِلٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْآيَةُ لَا تَدُلُّ إِلَّا عَلَى أَنَّ بَعْضَ الذِّكْرِ مُحْدَثٌ فَيَصِيرُ نَظْمُ الْكَلَامِ هَكَذَا : الْقُرْآنُ ذِكْرٌ وَبَعْضُ الذِّكْرِ مُحْدَثٌ وَهَذَا لَا يُنْتَجُ شَيْئًا ، كَمَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ وَبَعْضُ الْحَيَوَانِ فَرَسٌ لَا يُنْتَجُ شَيْئًا فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِي ظَنُّوهُ قَاطِعًا لَا يُفِيدُ ظَنًّا ضَعِيفًا فَضْلًا عَنِ الْقَطْعِ .