(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين )
[ ص: 126 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين )
اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم تلك الاعتراضات وكانت تلك الاعتراضات ظاهرة السقوط لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28741_30549شرائط الإعجاز لما تمت في القرآن ظهر حينئذ لكل عاقل كونه معجزا ، وعند ذلك ظهر أن اشتغالهم بإيراد تلك الاعتراضات كان لأجل حب الدنيا وحب الرياسة فيها فبالغ سبحانه في زجرهم عن ذلك فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28992_30539_32626وكم قصمنا من قرية ) قال صاحب " الكشاف " القصم أفظع الكسر وهو الكسر الذي يبين تلاؤم الأجزاء بخلاف القصم ، وذكر القرية وأنها ظالمة وأراد أهلها توسعا لدلالة العقل على أنها لا تكون ظالمة ولا مكلفة ، ولدلالة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وأنشأنا بعدها قوما آخرين ) فالمعنى أهلكنا قوما وأنشأنا قوما آخرين وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فلما أحسوا بأسنا ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين ) وكل ذلك لا يليق إلا بأهلها الذين كلفوا بتصديق الرسل فكذبوهم ولولا هذه الدلائل لما جاز منه سبحانه ذكر المجاز لأنه يكون ذلك موهما للكذب ، واختلفوا في هذا الإهلاك فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المراد منه القتل بالسيوف ، والمراد بالقرية
حضور ، وهي
وسحول قريتان
باليمن ينسب إليهما الثياب . وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013239كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين سحوليين " وروي : " حضوريين " ، " بعث الله إليهم نبيا فقتلوه فسلط الله عليهم
بختنصر كما سلطه على أهل
بيت المقدس فاستأصلهم " وروي : " أنه لما أخذتهم السيوف نادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء فندموا واعترفوا بالخطأ " ، وقال
الحسن : المراد عذاب الاستئصال ، واعلم أن هذا أقرب لأن إضافة ذلك إلى الله تعالى أقرب من إضافته إلى القاتل ، ثم بتقدير أن يحمل ذلك على عذاب القتل فما الدليل على قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ولعل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ذكر
حضور بأنها إحدى القرى التي أرادها الله تعالى بهذه الآية ، وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28992_30539فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ) فالمعنى لما علموا شدة عذابنا وبطشنا علم حس ومشاهدة ركضوا في ديارهم ، والركض ضرب الدابة بالرجل ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42اركض برجلك ) [ص : 42] فيجوز أن يكونوا ركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين من قريتهم لما أدركتهم مقدمة العذاب ، ويجوز أن يشبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا ) قال صاحب " الكشاف " : القول محذوف ، فإن قلت : من القائل ؟ قلنا : يحتمل أن يكون بعض الملائكة ومن ثم من المؤمنين ، أو يكونوا خلقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل ، أو يقوله رب العزة ويسمعه ملائكته لينفعهم في دينهم أو يلهمهم ذلك فيحدثون به نفوسهم ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم ) أي من العيش والرفاهية والحال الناعمة ، والإتراف إبطار النعمة وهي الترفه ، أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لعلكم تسألون ) فهو تهكم بهم وتوبيخ ، ثم فيه وجوه : أحدها : أي ارجعوا إلى نعمكم ومساكنكم لعلكم تسألون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة . وثانيها : ارجعوا كما كنتم في مجالسكم حتى تسألكم عبيدكم ومن ينفذ فيه أمركم ونهيكم ويقول لكم : بم تأمرون وماذا ترسمون كعادة المخدومين . وثالثها : تسألكم الناس في أنديتكم لتعاونوهم في نوازل الخطوب ، ويستشيرونكم في المهمات ، ويستعينون بآرائكم . ورابعها : يسألكم الوافدون عليكم والطامعون فيكم إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلب الثناء ، أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم وتوبيخا إلى توبيخ ، أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فما زالت تلك دعواهم ) فقال صاحب الكشاف : تلك إشارة إلى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14ياويلنا ) لأنها دعوى كأنه قيل فما زالت تلك الدعوى دعواهم ،
[ ص: 127 ] والدعوى بمعنى الدعوة قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) [يونس : 10] فإن قلت : لم سميت دعوى ؟ قلت : لأنهم كانوا دعوا بالويل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قالوا ياويلنا ) أي يا ويل احضر فهذا وقتك ، وتلك مرفوع أو منصوب اسما أو خبرا وكذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15دعواهم ) قال المفسرون : لم يزالوا يكررون هذه الكلمة فلم ينفعهم ذلك كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) [غافر : 85] أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) فالحصيد الزرع المحصود أي جعلناهم مثل الحصيد ، شبههم به في استئصالهم ، كما تقول : جعلناهم رمادا أي مثل الرماد ، فإن قيل : كيف ينصب جعل ثلاثة مفاعيل ؟ قلت : حكم الاثنين الأخيرين حكم الواحد والمعنى جعلناهم جامعين لهذين الوصفين ، والمراد أنهم أهلكوا بذلك العذاب حتى لم يبق لهم حس ولا حركة
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30525وجفوا كما يجف الحصيد ، وخمدوا كما تخمد النار .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ )
[ ص: 126 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْهُمْ تِلْكَ الِاعْتِرَاضَاتِ وَكَانَتْ تِلْكَ الِاعْتِرَاضَاتُ ظَاهِرَةَ السُّقُوطِ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28741_30549شَرَائِطَ الْإِعْجَازِ لَمَّا تَمَّتْ فِي الْقُرْآنِ ظَهَرَ حِينَئِذٍ لِكُلِّ عَاقِلٍ كَوْنُهُ مُعْجِزًا ، وَعِنْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِإِيرَادِ تِلْكَ الِاعْتِرَاضَاتِ كَانَ لِأَجْلِ حُبِّ الدُّنْيَا وَحُبِّ الرِّيَاسَةِ فِيهَا فَبَالَغَ سُبْحَانَهُ فِي زَجْرِهِمْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28992_30539_32626وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ ) قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " الْقَصْمُ أَفْظَعُ الْكَسْرِ وَهُوَ الْكَسْرُ الَّذِي يُبَيِّنُ تَلَاؤُمَ الْأَجْزَاءِ بِخِلَافِ الْقَصْمِ ، وَذَكَرَ الْقَرْيَةَ وَأَنَّهَا ظَالِمَةٌ وَأَرَادَ أَهْلَهَا تَوَسُّعًا لِدَلَالَةِ الْعَقْلِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ ظَالِمَةً وَلَا مُكَلَّفَةً ، وَلِدَلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=11وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) فَالْمَعْنَى أَهْلَكْنَا قَوْمًا وَأَنْشَأْنَا قَوْمًا آخَرِينَ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِأَهْلِهَا الَّذِينَ كُلِّفُوا بِتَصْدِيقِ الرُّسُلِ فَكَذَّبُوهُمْ وَلَوْلَا هَذِهِ الدَّلَائِلُ لَمَا جَازَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ ذِكْرُ الْمَجَازِ لِأَنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ مُوهِمًا لِلْكَذِبِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْإِهْلَاكِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمُرَادُ مِنْهُ الْقَتْلُ بِالسُّيُوفِ ، وَالْمُرَادُ بِالْقَرْيَةِ
حَضُورُ ، وَهِيَ
وَسَحُولُ قَرْيَتَانِ
بِالْيَمَنِ يُنْسَبُ إِلَيْهِمَا الثِّيَابُ . وَفِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013239كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبَيْنِ سَحُولِيَّيْنِ " وَرُوِيَ : " حَضُورِيَّيْنِ " ، " بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا فَقَتَلُوهُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
بُخْتُنَصَّرَ كَمَا سَلَّطَهُ عَلَى أَهْلِ
بَيْتِ الْمُقَدَّسِ فَاسْتَأْصَلَهُمْ " وَرُوِيَ : " أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَتْهُمُ السُّيُوفُ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ يَا لِثَارَاتِ الْأَنْبِيَاءِ فَنَدِمُوا وَاعْتَرَفُوا بِالْخَطَأِ " ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : الْمُرَادُ عَذَابُ الِاسْتِئْصَالِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا أَقْرَبُ لِأَنَّ إِضَافَةَ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَقْرَبُ مِنْ إِضَافَتِهِ إِلَى الْقَاتِلِ ، ثُمَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى عَذَابِ الْقَتْلِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَعَلَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ ذَكَرَ
حَضُورَ بِأَنَّهَا إِحْدَى الْقُرَى الَّتِي أَرَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28992_30539فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ) فَالْمَعْنَى لَمَّا عَلِمُوا شِدَّةَ عَذَابِنَا وَبَطْشِنَا عِلْمَ حِسٍّ وَمُشَاهَدَةٍ رَكَضُوا فِي دِيَارِهِمْ ، وَالرَّكْضُ ضَرْبُ الدَّابَّةِ بِالرِّجْلِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ) [ص : 42] فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا رَكِبُوا دَوَابَّهُمْ يَرْكُضُونَهَا هَارِبِينَ مُنْهَزِمِينَ مِنْ قَرْيَتِهِمْ لَمَّا أَدْرَكَتْهُمْ مُقَدِّمَةُ الْعَذَابِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُشَبَّهُوا فِي سُرْعَةِ عَدْوِهِمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ بِالرَّاكِبِينَ الرَّاكِضِينَ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَا تَرْكُضُوا ) قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : الْقَوْلُ مَحْذُوفٌ ، فَإِنْ قُلْتَ : مَنِ الْقَائِلُ ؟ قُلْنَا : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ وَمِنْ ثَمَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ يَكُونُوا خُلَقَاءَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُقَلْ ، أَوْ يَقُولَهُ رَبُّ الْعِزَّةِ وَيُسْمِعَهُ مَلَائِكَتَهُ لِيَنْفَعَهُمْ فِي دِينِهِمْ أَوْ يُلْهِمَهُمْ ذَلِكَ فَيُحَدِّثُونَ بِهِ نُفُوسَهُمْ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ ) أَيْ مِنَ الْعَيْشِ وَالرَّفَاهِيَةِ وَالْحَالِ النَّاعِمَةِ ، وَالْإِتْرَافُ إِبْطَارُ النِّعْمَةِ وَهِيَ التَّرَفُّهُ ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) فَهُوَ تَهَكُّمٌ بِهِمْ وَتَوْبِيخٌ ، ثُمَّ فِيهِ وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : أَيِ ارْجِعُوا إِلَى نِعَمِكُمْ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ غَدًا عَمَّا جَرَى عَلَيْكُمْ وَنَزَلَ بِأَمْوَالِكُمْ وَمَسَاكِنِكُمْ فَتُجِيبُوا السَّائِلَ عَنْ عِلْمٍ وَمُشَاهَدَةٍ . وَثَانِيهَا : ارْجِعُوا كَمَا كُنْتُمْ فِي مَجَالِسِكُمْ حَتَّى تَسْأَلَكُمْ عَبِيدُكُمْ وَمَنْ يَنْفُذُ فِيهِ أَمْرُكُمْ وَنَهْيُكُمْ وَيَقُولُ لَكُمْ : بِمَ تَأْمُرُونَ وَمَاذَا تَرْسُمُونَ كَعَادَةِ الْمَخْدُومِينَ . وَثَالِثُهَا : تَسْأَلُكُمُ النَّاسُ فِي أَنْدِيَتِكُمْ لِتُعَاوِنُوهُمْ فِي نَوَازِلِ الْخُطُوبِ ، وَيَسْتَشِيرُونَكُمْ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَيَسْتَعِينُونَ بِآرَائِكُمْ . وَرَابِعُهَا : يَسْأَلُكُمُ الْوَافِدُونَ عَلَيْكُمْ وَالطَّامِعُونَ فِيكُمْ إِمَّا لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَسْخِيَاءَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَطَلَبَ الثَّنَاءِ ، أَوْ كَانُوا بُخَلَاءَ فَقِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ تَهَكُّمًا إِلَى تَهَكُّمٍ وَتَوْبِيخًا إِلَى تَوْبِيخٍ ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ) فَقَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ : تِلْكَ إِشَارَةٌ إِلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14يَاوَيْلَنَا ) لِأَنَّهَا دَعْوَى كَأَنَّهُ قِيلَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الدَّعْوَى دَعْوَاهُمْ ،
[ ص: 127 ] وَالدَّعْوَى بِمَعْنَى الدَّعْوَةِ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [يُونُسَ : 10] فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ سُمِّيَتْ دَعْوَى ؟ قُلْتُ : لِأَنَّهُمْ كَانُوا دَعَوْا بِالْوَيْلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=14قَالُوا يَاوَيْلَنَا ) أَيْ يَا وَيْلُ احْضُرْ فَهَذَا وَقْتُكُ ، وَتِلْكَ مَرْفُوعٌ أَوْ مَنْصُوبٌ اسْمًا أَوْ خَبَرًا وَكَذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15دَعْوَاهُمْ ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : لَمْ يَزَالُوا يُكَرِّرُونَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ) [غَافِرٍ : 85] أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=15حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ) فَالْحَصِيدُ الزَّرْعُ الْمَحْصُودُ أَيْ جَعَلْنَاهُمْ مِثْلَ الْحَصِيدِ ، شَبَّهَهُمْ بِهِ فِي اسْتِئْصَالِهِمْ ، كَمَا تَقُولُ : جَعَلْنَاهُمْ رَمَادًا أَيْ مِثْلَ الرَّمَادِ ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَنْصِبُ جَعَلَ ثَلَاثَةَ مَفَاعِيلَ ؟ قُلْتُ : حُكْمُ الِاثْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ حُكْمُ الْوَاحِدِ وَالْمَعْنَى جَعَلْنَاهُمْ جَامِعِينَ لِهَذَيْنَ الْوَصْفَيْنِ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ أُهْلِكُوا بِذَلِكَ الْعَذَابِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمْ حِسٌّ وَلَا حَرَكَةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30525وَجَفُّوا كَمَا يَجِفُّ الْحَصِيدُ ، وَخَمَدُوا كَمَا تَخْمُدُ النَّارُ .