وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم ) فاعلم أنه سبحانه كرر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28992_30549أم اتخذوا من دونه آلهة ) استعظاما لكفرهم ، أي وصفتم الله بأن له شريكا فهاتوا برهانكم على ذلك . أما من جهة العقل أو من جهة النقل ، فإنه سبحانه لما ذكر دليل التوحيد أولا وقرر الأصل الذي عليه تخرج شبهات القائلين بالتثنية ثانيا ، أخذ يطالبهم بذكر شبهتهم ثالثا .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28992_32019هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : في تفسيره وفيه أقوال : أحدها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24هذا ذكر من معي ) أي هذا هو الكتاب المنزل على من معي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24وذكر من قبلي ) أي الكتاب المنزل على من تقدمني من الأنبياء وهو التوراة والإنجيل والزبور والصحف ، وليس في شيء منها أني أذنت بأن تتخذوا إلها من دوني بل ليس فيها إلا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إنني أنا الله لا إله إلا أنا ) كما قال بعد هذا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واختيار
القفال والزجاج . والثاني : وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وقتادة ومقاتل والسدي أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24وذكر من قبلي ) صفة للقرآن ، فإنه كما يشتمل على أحوال هذه الأمة فكذا يشتمل على أحوال الأمم
[ ص: 137 ] الماضية . الثالث : ما ذكره
القفال وهو أن المعنى قل لهم : هذا الكتاب الذي جئتكم به قد اشتمل على بيان أحوال من معي من المخالفين والموافقين وعلى بيان أحوال من قبلي من المخالفين والموافقين فاختاروا لأنفسكم ، كأن الغرض منه التهديد .
المسألة الثانية : قال صاحب " الكشاف " قرئ : ( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ) بالتنوين ، ومن مفعول منصوب بالذكر كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أو إطعام في يوم ذي مسغبة nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يتيما ) [البلد : 14 - 15 ] وهو الأصل والإضافة من إضافة المصدر إلى المفعول كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2غلبت الروم nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ) [الروم : 2] وقرئ : من معي ومن قبلي ، بكسر ميم من على ترك الإضافة في هذه القراءة ، وإدخال الجار على مع غريب والعذر فيه أنه اسم هو ظرف نحو قبل وبعد فدخل من عليه كما يدخل على أخواته وقرئ : ذكر معي وذكر قبلي .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : أنه سبحانه لما ذكر دليل التوحيد وطالبهم بالدلالة على ما ادعوه وبين أنه لا دليل لهم البتة عليه لا من جهة العقل ولا من جهة السمع ، ذكر بعده أن وقوعهم في هذا المذهب الباطل ليس لأجل دليل ساقهم إليه ، بل ذلك لأن عندهم ما هو
nindex.php?page=treesubj&link=30549_18467أصل الشر والفساد كله وهو عدم العلم ، ثم ترتب على عدم العلم الإعراض عن استماع الحق وطلبه .
المسألة الثانية : قال صاحب " الكشاف " : قرئ : ( الحق ) بالرفع على توسط التوكيد بين السبب والمسبب ، والمعنى أن إعراضهم بسبب الجهل هو الحق لا الباطل .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) فاعلم أن ( يوحي ونوحي ) قراءتان مشهورتان ، وهذه الآية مقررة لما سبقها من
nindex.php?page=treesubj&link=29705آيات التوحيد .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ) فَاعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّرَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28992_30549أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ) اسْتِعْظَامًا لِكُفْرِهِمْ ، أَيْ وَصَفْتُمُ اللَّهَ بِأَنَّ لَهُ شَرِيكًا فَهَاتُوا بُرْهَانَكُمْ عَلَى ذَلِكَ . أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ أَوْ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ دَلِيلَ التَّوْحِيدِ أَوَّلًا وَقَرَّرَ الْأَصْلَ الَّذِي عَلَيْهِ تَخْرُجُ شُبُهَاتُ الْقَائِلِينَ بِالتَّثْنِيَةِ ثَانِيًا ، أَخَذَ يُطَالِبُهُمْ بِذِكْرِ شُبْهَتِهِمْ ثَالِثًا .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28992_32019هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ) فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي تَفْسِيرِهِ وَفِيهِ أَقْوَالٌ : أَحَدُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ ) أَيْ هَذَا هُوَ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مَنْ مَعِيَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ) أَيِ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَنِي مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالصُّحُفُ ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنِّي أَذِنْتُ بِأَنْ تَتَّخِذُوا إِلَهًا مِنْ دُونِي بَلْ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ) كَمَا قَالَ بَعْدَ هَذَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتِيَارُ
الْقَفَّالِ وَالزَّجَّاجِ . وَالثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ وَالسُّدِّيِّ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ) صِفَةٌ لِلْقُرْآنِ ، فَإِنَّهُ كَمَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْوَالِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَكَذَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْوَالِ الْأُمَمِ
[ ص: 137 ] الْمَاضِيَةِ . الثَّالِثُ : مَا ذَكَرَهُ
الْقَفَّالُ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى قُلْ لَهُمْ : هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى بَيَانِ أَحْوَالِ مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُوَافِقِينَ وَعَلَى بَيَانِ أَحْوَالِ مَنْ قَبْلِي مِنَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُوَافِقِينَ فَاخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ ، كَأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّهْدِيدُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " قُرِئَ : ( هَذَا ذِكْرٌ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرٌ مَنْ قَبْلِي ) بِالتَّنْوِينِ ، وَمَنْ مَفْعُولٌ مَنْصُوبٌ بِالذِّكْرِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=15يَتِيمًا ) [الْبَلَدِ : 14 - 15 ] وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْإِضَافَةُ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2غُلِبَتِ الرُّومُ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) [الرُّومِ : 2] وَقُرِئَ : مِنْ مَعِي وَمِنْ قَبْلِي ، بِكَسْرِ مِيمِ مَنْ عَلَى تَرْكِ الْإِضَافَةِ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ ، وَإِدْخَالُ الْجَارِّ عَلَى مَعَ غَرِيبٌ وَالْعُذْرُ فِيهِ أَنَّهُ اسْمٌ هُوَ ظَرْفٌ نَحْوُ قَبْلَ وَبَعْدَ فَدَخَلَ مِنْ عَلَيْهِ كَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَخَوَاتِهِ وَقُرِئَ : ذِكْرٌ مَعِيَ وَذِكْرٌ قَبْلِي .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=24بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ دَلِيلَ التَّوْحِيدِ وَطَالَبَهُمْ بِالدَّلَالَةِ عَلَى مَا ادَّعُوهُ وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ لَهُمُ الْبَتَّةَ عَلَيْهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ ، ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ وُقُوعَهُمْ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ الْبَاطِلِ لَيْسَ لِأَجْلِ دَلِيلٍ سَاقَهُمْ إِلَيْهِ ، بَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ مَا هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=30549_18467أَصْلُ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ كُلُّهُ وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ ، ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ الْإِعْرَاضُ عَنِ اسْتِمَاعِ الْحَقِّ وَطَلَبِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : قُرِئَ : ( الْحَقُّ ) بِالرَّفْعِ عَلَى تَوَسُّطِ التَّوْكِيدِ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبِّبِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ إِعْرَاضَهُمْ بِسَبَبِ الْجَهْلِ هُوَ الْحَقُّ لَا الْبَاطِلُ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) فَاعْلَمْ أَنَّ ( يُوحِي وَنُوحِي ) قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا سَبَقَهَا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29705آيَاتِ التَّوْحِيدِ .