(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين )
( القصة الثانية ، [
nindex.php?page=treesubj&link=28901_31848_32016قصة] إبراهيم عليه السلام )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ) .
اعلم أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51ولقد آتينا إبراهيم رشده ) فيه مسائل :
المسألة الأولى : في الرشد قولان : الأول : أنه النبوة واحتجوا عليه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وكنا به عالمين ) قالوا : لأنه تعالى إنما
nindex.php?page=treesubj&link=31778_30173يخص بالنبوة من يعلم من حاله أنه في المستقبل يقوم بحقها ويجتنب ما لا يليق بها ويحترز عما ينفر قومه من القبول . والثاني : أنه الاهتداء لوجوه الصلاح في الدين والدنيا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) [النساء : 6] ، وفيه قول ثالث : وهو أن تدخل النبوة والاهتداء تحت الرشد إذ لا يجوز أن يبعث نبي إلا وقد دله الله تعالى على ذاته وصفاته ، ودله أيضا على مصالح نفسه ومصالح قومه وكل ذلك من الرشد .
[ ص: 156 ] المسألة الثانية : احتج أصحابنا في أن
nindex.php?page=treesubj&link=28648_28647الإيمان مخلوق لله تعالى بهذه الآية ، فإنه لو كان الرشد هو التوفيق والبيان فقد فعل الله تعالى ذلك بالكفار ، فيجب أن يكون قد آتاهم رشدهم . أجاب
الكعبي بأن هذا يقال فيمن قبل لا فيمن رد ، وذلك كمن أعطى المال لولدين فقبله أحدهما وثمره ورده الآخر أو أخذه ثم ضيعه . فيقال : أغنى فلان ابنه فيمن أثمر المال ، ولا يقال مثله فيمن ضيع ، والجواب عنه : هذا الجواب لا يتم إلا إذا جعلنا قبوله جزءا من مسمى الرشد وذلك باطل ، لأن المسمى إذا كان مركبا من جزأين ولا يكون أحدهما مقدور الفاعل لم يجز إضافة ذلك المسمى إلى ذلك الفاعل فكان يلزم أن لا يجوز إضافة الرشد إلى الله تعالى بالمفعولية لكن النص وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51ولقد آتينا إبراهيم رشده ) صريح أن ذلك الرشد إنما حصل من الله تعالى فبطل ما قالوه .
المسألة الثالثة : قال صاحب " الكشاف " : قرئ رشده كالعدم والعدم ، ومعنى إضافته إليه أنه رشد مثله وأنه رشد له شأن .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51من قبل ) ففيه وجوه : أحدها : آتينا
إبراهيم نبوته واهتداءه من قبل
موسى عليه السلام عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير . وثانيها : في صغره قبل بلوغه حين كان في السرب وظهرت له الكواكب فاستدل بها . وهذا على قول من حمل الرشد على الاهتداء وإلا لزمه أن يحكم بنبوته عليه السلام قبل البلوغ عن مقاتل . وثالثها : يعني حين كان في صلب
آدم عليه السلام حين أخذ الله ميثاق النبيين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما في رواية
الضحاك .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وكنا به عالمين ) فالمراد أنه سبحانه علم منه أحوالا بديعة وأسرارا عجيبة وصفات قد رضيها حتى أهله لأن يكون خليلا له ، وهذا كقولك في رجل كبير : أنا عالم بفلان فإن هذا الكلام في الدلالة على تعظيمه أدل مما إذا شرحت جلال كماله .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52إذ قال لأبيه وقومه ) فقال صاحب " الكشاف " : إذ إما أن تتعلق بآتينا أو برشده أو بمحذوف أي اذكر من أوقات رشده هذا الوقت .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : التمثال اسم للشيء المصنوع مشبها بخلق من خلق الله تعالى ، وأصله من مثلت الشيء بالشيء إذا شبهته به واسم ذلك الممثل تمثال .
المسألة الثانية : أن القوم كانوا عباد أصنام على صور مخصوصة كصورة الإنسان أو غيره ، فجعل عليه السلام هذا القول منه ابتداء كلامه لينظر فيما عساهم يوردونه من شبهة فيبطلها عليهم .
المسألة الثالثة : قال صاحب " الكشاف " : لم ينو للعاكفين مفعولا وأجراه مجرى ما لا يتعدى ، كقولك فاعلون للعكوف أو واقفون لها ، قال : فإن قلت هلا قيل عليها عاكفون كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138يعكفون على أصنام لهم ) [ الأعراف : 138] قلت : لو قصد التعدية لعداه بصلته التي هي على .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ) فاعلم أن القوم لم يجدوا في جوابه إلا طريقة التقليد الذي يوجب مزيد التنكير لأنهم إذا كانوا على خطأ من أمرهم لم يعصمهم من هذا الخطأ أن آباءهم أيضا سلكوا
[ ص: 157 ] هذا الطريق ، فلا جرم أجابهم
إبراهيم عليه السلام بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ) فبين أن
nindex.php?page=treesubj&link=32025الباطل لا يصير حقا بسبب كثرة المتمسكين به ، فلما حقق عليه السلام ذلك عليهم ولم يجدوا من كلامه مخلصا ، ورأوه ثابتا على الإنكار ، قوي القلب فيه وكانوا يستبعدون أن يجري مثل هذا الإنكار عليهم مع كثرتهم وطول العهد بمذهبهم ، فعند ذلك قالوا له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ) موهمين بهذا الكلام أنه يبعد أن يقدم على الإنكار عليهم ، جادا في ذلك ، فعنده عدل - صلى الله عليه وسلم - إلى بيان التوحيد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ )
( الْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ ، [
nindex.php?page=treesubj&link=28901_31848_32016قِصَّةُ] إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ) .
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ ) فِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي الرُّشْدِ قَوْلَانِ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ النُّبُوَّةُ وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ) قَالُوا : لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=31778_30173يَخُصُّ بِالنُّبُوَّةِ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَقُومُ بِحَقِّهَا وَيَجْتَنِبُ مَا لَا يَلِيقُ بِهَا وَيَحْتَرِزُ عَمَّا يُنَفِّرُ قَوْمَهُ مِنَ الْقَبُولِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ الِاهْتِدَاءُ لِوُجُوهِ الصَّلَاحِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ) [النِّسَاءِ : 6] ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنْ تَدْخُلَ النُّبُوَّةُ وَالِاهْتِدَاءُ تَحْتَ الرُّشْدِ إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيٌّ إِلَّا وَقَدْ دَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَدَلَّهُ أَيْضًا عَلَى مَصَالِحِ نَفْسِهِ وَمَصَالِحِ قَوْمِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الرُّشْدِ .
[ ص: 156 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28648_28647الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الرُّشْدُ هُوَ التَّوْفِيقُ وَالْبَيَانُ فَقَدْ فَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِالْكُفَّارِ ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَدْ آتَاهُمْ رُشْدَهُمْ . أَجَابَ
الْكَعْبِيُّ بِأَنَّ هَذَا يُقَالُ فِيمَنْ قَبِلَ لَا فِيمَنْ رَدَّ ، وَذَلِكَ كَمَنْ أَعْطَى الْمَالَ لِوَلَدَيْنِ فَقَبِلَهُ أَحَدُهُمَا وَثَمَّرَهُ وَرَدَّهُ الْآخَرُ أَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ ضَيَّعَهُ . فَيُقَالُ : أَغْنَى فُلَانٌ ابْنَهُ فِيمَنْ أَثْمَرَ الْمَالُ ، وَلَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِيمَنْ ضَيَّعَ ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ : هَذَا الْجَوَابُ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا جَعَلْنَا قَبُولَهُ جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى الرُّشْدِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، لِأَنَّ الْمُسَمَّى إِذَا كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ جُزْأَيْنِ وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مَقْدُورَ الْفَاعِلِ لَمْ يَجُزْ إِضَافَةُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى إِلَى ذَلِكَ الْفَاعِلِ فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجُوزَ إِضَافَةُ الرُّشْدِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَفْعُولِيَّةِ لَكِنَّ النَّصَّ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ ) صَرِيحٌ أَنَّ ذَلِكَ الرُّشْدَ إِنَّمَا حَصَلَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَبَطَلَ مَا قَالُوهُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : قُرِئَ رَشَدَهُ كَالْعَدَمِ وَالْعُدْمِ ، وَمَعْنَى إِضَافَتِهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ رُشْدٌ مِثْلُهُ وَأَنَّهُ رُشْدٌ لَهُ شَأْنٌ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51مِنْ قَبْلُ ) فَفِيهِ وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : آتَيْنَا
إِبْرَاهِيمَ نُبُوَّتَهُ وَاهْتِدَاءَهُ مِنْ قَبْلِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنِ جَرِيرٍ . وَثَانِيهَا : فِي صِغَرِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ حِينَ كَانَ فِي السِّرْبِ وَظَهَرَتْ لَهُ الْكَوَاكِبُ فَاسْتَدَلَّ بِهَا . وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ حَمَلَ الرُّشْدَ عَلَى الِاهْتِدَاءِ وَإِلَّا لَزِمَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِنُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ الْبُلُوغِ عَنْ مُقَاتِلٍ . وَثَالِثُهَا : يَعْنِي حِينَ كَانَ فِي صُلْبِ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رِوَايَةِ
الضَّحَّاكِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ) فَالْمُرَادُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلِمَ مِنْهُ أَحْوَالًا بَدِيعَةً وَأَسْرَارًا عَجِيبَةً وَصِفَاتٍ قَدْ رَضِيَهَا حَتَّى أَهَّلَهُ لِأَنْ يَكُونَ خَلِيلًا لَهُ ، وَهَذَا كَقَوْلِكَ فِي رَجُلٍ كَبِيرٍ : أَنَا عَالِمٌ بِفُلَانٍ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَعْظِيمِهِ أَدَلُّ مِمَّا إِذَا شَرَحْتَ جَلَالَ كَمَالِهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ) فَقَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : إِذْ إِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِآتَيْنَا أَوْ بِرُشْدِهِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيِ اذْكُرْ مِنْ أَوْقَاتِ رُشْدِهِ هَذَا الْوَقْتَ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : التِّمْثَالُ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ مُشَبَّهًا بِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَصْلُهُ مِنْ مَثَّلْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذَا شَبَّهْتَهُ بِهِ وَاسْمُ ذَلِكَ الْمُمَثَّلِ تِمْثَالٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا عُبَّادَ أَصْنَامٍ عَلَى صُوَرٍ مَخْصُوصَةٍ كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ أَوْ غَيْرِهِ ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُ ابْتِدَاءَ كَلَامِهِ لِيَنْظُرَ فِيمَا عَسَاهُمْ يُورِدُونَهُ مِنْ شُبْهَةٍ فَيُبْطِلَهَا عَلَيْهِمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : لَمْ يَنْوِ لِلْعَاكِفِينَ مَفْعُولًا وَأَجْرَاهُ مَجْرَى مَا لَا يَتَعَدَّى ، كَقَوْلِكَ فَاعِلُونَ لِلْعُكُوفِ أَوْ وَاقِفُونَ لَهَا ، قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ هَلَّا قِيلَ عَلَيْهَا عَاكِفُونَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ ) [ الْأَعْرَافِ : 138] قُلْتُ : لَوْ قَصَدَ التَّعْدِيَةَ لَعَدَّاهُ بِصِلَتِهِ الَّتِي هِيَ عَلَى .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ) فَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَجِدُوا فِي جَوَابِهِ إِلَّا طَرِيقَةَ التَّقْلِيدِ الَّذِي يُوجِبُ مَزِيدَ التَّنْكِيرِ لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا عَلَى خَطَأٍ مِنْ أَمْرِهِمْ لَمْ يَعْصِمْهُمْ مِنْ هَذَا الْخَطَأِ أَنَّ آبَاءَهُمْ أَيْضًا سَلَكُوا
[ ص: 157 ] هَذَا الطَّرِيقَ ، فَلَا جَرَمَ أَجَابَهُمْ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) فَبَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32025الْبَاطِلَ لَا يَصِيرُ حَقًّا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِهِ ، فَلَمَّا حَقَّقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَجِدُوا مِنْ كَلَامِهِ مَخْلَصًا ، وَرَأَوْهُ ثَابِتًا عَلَى الْإِنْكَارِ ، قَوِيَّ الْقَلْبِ فِيهِ وَكَانُوا يَسْتَبْعِدُونَ أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ هَذَا الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَطُولِ الْعَهْدِ بِمَذْهَبِهِمْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ) مُوهِمِينَ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ ، جَادًّا فِي ذَلِكَ ، فَعِنْدَهُ عَدَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَيَانِ التَّوْحِيدِ .