(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين )
( القصة الرابعة ،
nindex.php?page=treesubj&link=31827_32016قصة نوح عليه السلام )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين )
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76إذ نادى من قبل ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : لا شبهة في أن المراد من هذا النداء دعاؤه على قومه بالعذاب ، ويؤكده حكاية الله تعالى عنه ذلك تارة على الإجمال وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) [ القمر : 10 ] وتارة على التفصيل ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) [ نوح : 26 ] ويدل عليه أيضا أن الله تعالى أجابه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ) وهذا الجواب يدل على أن الإنجاء المذكور فيه كان هو المطلوب في السؤال ، فدل هذا على أن نداءه ودعاءه كان بأن ينجيه مما يلحقه من جهتهم من ضروب الأذى بالتكذيب والرد عليه ، وبأن ينصره عليهم وأن يهلكهم . فلذلك قال بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا ) .
المسألة الثانية : أجمع المحققون على أن ذلك النداء كان بأمر الله تعالى ؛ لأنه لو لم يكن بأمره لم يؤمن أن يكون الصلاح أن لا يجاب إليه ، فيصير ذلك سببا لنقصان حال الأنبياء ، ولأن الإقدام على أمثال هذه المطالب لو لم يكن بالأمر لكان ذلك مبالغة في الإضرار ، وقال آخرون : إنه عليه السلام لم يكن مأذونا له في ذلك . وقال
أبو أمامة : لم يتحسر أحد من خلق الله تعالى كحسرة
آدم ونوح ، فحسرة
آدم على قبول وسوسة إبليس ،
nindex.php?page=treesubj&link=31831وحسرة نوح على دعائه على قومه . فأوحى الله تعالى إليه أن لا تتحسر فإن دعوتك وافقت قدري .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76nindex.php?page=treesubj&link=31836فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ) فالمراد بالأهل هاهنا أهل دينه ، وفي تفسير الكرب وجوه :
أحدها : أنه العذاب النازل بالكفار وهو الغرق ، وهو قول أكثر المفسرين .
وثانيها : أنه تكذيب قومه إياه
[ ص: 168 ] وما لقي منهم من الأذى .
وثالثها : أنه مجموع الأمرين ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو الأقرب ؛ لأنه عليه السلام كان قد دعاهم إلى الله تعالى مدة طويلة ، وكان قد ينال منهم كل مكروه ، وكان الغم يتزايد بسبب ذلك ، وعند إعلام الله تعالى إياه أنه يغرقهم وأمره باتخاذ الفلك ، كان أيضا على غم وخوف من حيث لم يعلم من الذي يتخلص من الغرق ، ومن الذي يغرق ، فأزال الله تعالى عنه الكرب العظيم بأن خلصه من جميع ذلك ، وخلص جميع من آمن به معه .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77ونصرناه من القوم ) فقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب " ونصرناه على القوم " ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : تقديره ونصرناه من مكروه القوم ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=29فمن ينصرنا من بأس الله ) [ غافر : 29 ] أي يعصمنا من عذابه ، قال
أبو عبيدة : من بمعنى على . وقال صاحب " الكشاف " : إنه نصر الذي مطاوعه انتصر ، وسمعت هذليا يدعو على سارق : اللهم انصرهم منه ، أي اجعلهم منتصرين منه .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=74إنهم كانوا قوم سوء ) فالمعنى أنهم كانوا قوم سوء لأجل ردهم عليه ، وتكذيبهم له ، فأغرقناهم أجمعين ، فبين ذلك الوجه الذي به خلصه منهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ )
( الْقِصَّةُ الرَّابِعَةُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31827_32016قِصَّةُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ )
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ ) فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا النِّدَاءِ دُعَاؤُهُ عَلَى قَوْمِهِ بِالْعَذَابِ ، وَيُؤَكِّدُهُ حِكَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ ذَلِكَ تَارَةً عَلَى الْإِجْمَالِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) [ الْقَمَرِ : 10 ] وَتَارَةً عَلَى التَّفْصِيلِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) [ نُوحٍ : 26 ] وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) وَهَذَا الْجَوَابُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْجَاءَ الْمَذْكُورَ فِيهِ كَانَ هُوَ الْمَطْلُوبُ فِي السُّؤَالِ ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ نِدَاءَهُ وَدُعَاءَهُ كَانَ بِأَنْ يُنْجِيَهُ مِمَّا يَلْحِقُهُ مِنْ جِهَتِهِمْ مِنْ ضُرُوبِ الْأَذَى بِالتَّكْذِيبِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ ، وَبِأَنْ يَنْصُرَهُ عَلَيْهِمْ وَأَنْ يُهْلِكَهُمْ . فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَجْمَعَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ النِّدَاءَ كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَكُونَ الصَّلَاحُ أَنْ لَا يُجَابَ إِلَيْهِ ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ سَبَبًا لِنُقْصَانِ حَالِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَلِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَطَالِبِ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْأَمْرِ لَكَانَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الْإِضْرَارِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ
أَبُو أُمَامَةَ : لَمْ يَتَحَسَّرْ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى كَحَسْرَةِ
آدَمَ وَنُوحٍ ، فَحَسْرَةُ
آدَمَ عَلَى قَبُولِ وَسُوسَةِ إِبْلِيسَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31831وَحَسْرَةُ نُوحٍ عَلَى دُعَائِهِ عَلَى قَوْمِهِ . فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنْ لَا تَتَحَسَّرَ فَإِنَّ دَعْوَتَكَ وَافَقَتْ قَدَرِي .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=76nindex.php?page=treesubj&link=31836فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) فَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ هَاهُنَا أَهْلُ دِينِهِ ، وَفِي تَفْسِيرِ الْكَرْبِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ الْعَذَابُ النَّازِلُ بِالْكُفَّارِ وَهُوَ الْغَرَقُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ تَكْذِيبُ قَوْمِهِ إِيَّاهُ
[ ص: 168 ] وَمَا لَقِيَ مِنْهُمْ مِنَ الْأَذَى .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ الْأَقْرَبُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مُدَّةً طَوِيلَةً ، وَكَانَ قَدْ يَنَالُ مِنْهُمْ كُلَّ مَكْرُوهٍ ، وَكَانَ الْغَمُّ يَتَزَايَدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَعِنْدَ إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ أَنَّهُ يُغْرِقُهُمْ وَأَمَرَهُ بِاتِّخَاذِ الْفُلْكِ ، كَانَ أَيْضًا عَلَى غَمٍّ وَخَوْفٍ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ مَنِ الَّذِي يَتَخَلَّصُ مِنَ الْغَرَقِ ، وَمَنِ الَّذِي يَغْرَقُ ، فَأَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْكَرْبَ الْعَظِيمَ بِأَنْ خَلَّصَهُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ ، وَخَلَّصَ جَمِيعَ مَنْ آمَنَ بِهِ مَعَهُ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ ) فَقِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ " وَنَصَرْنَاهُ عَلَى الْقَوْمِ " ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : تَقْدِيرُهُ وَنَصَرْنَاهُ مِنْ مَكْرُوهِ الْقَوْمِ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=29فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ ) [ غَافِرٍ : 29 ] أَيْ يَعْصِمُنَا مِنْ عَذَابِهِ ، قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : مِنْ بِمَعْنَى عَلَى . وَقَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : إِنَّهُ نَصَرَ الَّذِي مُطَاوِعُهُ انْتَصَرَ ، وَسَمِعْتُ هُذَلِيًّا يَدْعُو عَلَى سَارِقٍ : اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ مِنْهُ ، أَيِ اجْعَلْهُمْ مُنْتَصِرِينَ مِنْهُ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=74إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ ) فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ لِأَجْلِ رَدِّهِمْ عَلَيْهِ ، وَتَكْذِيبِهِمْ لَهُ ، فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ، فَبَيَّنَ ذَلِكَ الْوَجْهَ الَّذِي بِهِ خَلَّصَهُ مِنْهُمْ .