أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : أنه تعالى لما أمر بالحج في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وأذن في الناس بالحج ) ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=3277حكمة ذلك الأمر في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ليشهدوا منافع لهم ) واختلفوا فيها فبعضهم حملها على منافع الدنيا . وهي أن يتجروا في أيام الحج ، وبعضهم حملها على منافع الآخرة ، وهي العفو والمغفرة عن
محمد الباقر عليه السلام ، وبعضهم حملها على الأمرين جميعا ، وهو الأولى .
المسألة الثانية : إنما نكر المنافع لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة دينية ودنيوية لا توجد في غيرها من العبادات .
المسألة الثالثة : كنى عن
nindex.php?page=treesubj&link=33046الذبح والنحر بذكر اسم الله تعالى ؛ لأن أهل الإسلام لا ينفكون عن ذكر اسمه إذا نحروا وذبحوا وفيه تنبيه على أن الغرض الأصلي فيما يتقرب به إلى الله تعالى أن يذكر اسم الله تعالى ، وأن يخالف المشركين في ذلك فإنهم كانوا يذبحونها للنصب والأوثان ، قال
مقاتل : إذا ذبحت فقل : بسم الله والله أكبر اللهم منك وإليك ، وتستقبل القبلة ، وزاد
الكلبي فقال : إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، قال
القفال : وكان المتقرب بها وبإراقة دمائها متصور بصورة من يفدي نفسه بما يعادلها ، فكأنه يبذل تلك الشاة بدل مهجته طلبا لمرضاة الله تعالى ، واعترافا بأن تقصيره يستحق مهجته .
المسألة الرابعة : أكثر العلماء صاروا إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=23440الأيام المعلومات عشر ذي الحجة والمعدودات أيام التشريق ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وعطاء وقتادة والحسن ، ورواية
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واختيار
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة رحمهم الله ، واحتجوا بأنها معلومة عند الناس لحرصهم على علمها من أجل أن وقت الحج في آخرها . ثم للمنافع أوقات من العشر معروفة كيوم
عرفة والمشعر الحرام ، وكذلك الذبائح لها وقت منها وهو يوم النحر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
عطاء : إنها يوم النحر وثلاثة أيام بعده وهو اختيار
أبي مسلم ، قال : لأنها كانت معروفة عند العرب بعدها وهي أيام النحر وهو قول
أبي يوسف ومحمد رحمهما الله .
[ ص: 27 ] أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28بهيمة الأنعام ) فقال صاحب " الكشاف " : البهمة مبهمة في كل ذات أربع في البر والبحر ، فبينت بالأنعام وهي الإبل والبقر والضأن والمعز .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فكلوا منها ) فمن الناس من قال : إنه أمر وجوب ؛ لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون منها ترفعا على الفقراء ، فأمر المسلمين بذلك لما فيه من مخالفة الكفار ومساواة الفقراء واستعمال التواضع ، وقال الأكثرون : إنه ليس على الوجوب . ثم قال العلماء :
nindex.php?page=treesubj&link=3685من أهدى أو ضحى فحسن أن يأكل النصف ويتصدق بالنصف ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) ومنهم من قال : يأكل الثلث ويدخر الثلث ويتصدق بالثلث ، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - أن الأكل مستحب والإطعام واجب فإن أطعم جميعها أجزأه وإن أكل جميعها لم يجزه ، هذا فيما كان تطوعا ، فأما الواجبات كالنذور والكفارات والجبرانات لنقصان مثل دم القران ودم التمتع ودم الإساءة ودماء القلم والحلق فلا يؤكل منها .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=3685_28993وأطعموا البائس الفقير ) فلا شبهة في أنه أمر إيجاب ، والبائس الذي أصابه بؤس أي شدة ، والفقير الذي أضعفه الإعسار وهو مأخوذ من فقار الظهر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : البائس الذي ظهر بؤسه في ثيابه وفي وجهه ، والفقير الذي لا يكون كذلك فتكون ثيابه نقية ووجهه وجه غني .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29ثم ليقضوا تفثهم ) قال
الزجاج : إن أهل اللغة لا يعرفون التفث إلا من التفسير ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد :
nindex.php?page=treesubj&link=28905_34080أصل التفث في كلام العرب كل قاذورة تلحق الإنسان فيجب عليه نقضها . والمراد هاهنا قص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ، والمراد من القضاء إزالة التفث ، وقال
القفال : قال
نفطويه : سألت أعرابيا فصيحا ما معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29ثم ليقضوا تفثهم ) ؟ فقال : ما أفسر القرآن ولكنا نقول للرجل : ما أتفثك وما أدرنك ؟ ثم قال
القفال : وهذا أولى من قول
الزجاج ؛ لأن القول قول المثبت لا قول النافي .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29وليوفوا نذورهم ) فقرئ بتشديد الفاء ثم يحتمل ذلك ما أوجبه الدخول في الحج من أنواع المناسك ، ويحتمل أن يكون المراد ما أوجبوه بالنذر الذي هو القول ، وهذا القول الأقرب فإن الرجل إذا حج أو اعتمر فقد يوجب على نفسه من الهدي وغيره ما لولا إيجابه لم يكن الحج يقتضيه فأمر الله تعالى بالوفاء بذلك .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=3522وليطوفوا بالبيت العتيق ) فالمراد الطواف الواجب وهو طواف الإفاضة والزيارة ، أما كون هذا الطواف بعد الوقوف ورمي الجمار والحلق ، ثم هو في يوم النحر أو بعده ففيه تفصيل ،
nindex.php?page=treesubj&link=32996وسمي البيت العتيق لوجوه :
أحدها : العتيق : القديم لأنه أول بيت وضع للناس عن
الحسن . وثانيها : لأنه أعتق من الجبابرة فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله تعالى ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقول
ابن الزبير ، ورووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما قصده
أبرهة فعل به ما فعل ، فإن قيل : فقد تسلط
الحجاج عليه ، فالجواب : قلنا : ما قصد التسلط على البيت وإنما تحصن به
عبد الله بن الزبير فاحتال لإخراجه ثم بناه . وثالثها : لم يملك قط عن
ابن عيينة . ورابعها : أعتق من الغرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وخامسها : بيت كريم من قولهم : عتاق الطير والخيل ، واعلم أن اللام في ليقضوا وليوفوا وليطوفوا لام الأمر ، وفي قراءة
ابن كثير ونافع والأكثرين تخفيف هذه اللامات ، وفي قراءة
أبي عمرو تحريكها بالكسر .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْحَجِّ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ) ذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=3277حِكْمَةَ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) وَاخْتَلَفُوا فِيهَا فَبَعْضُهُمْ حَمَلَهَا عَلَى مَنَافِعِ الدُّنْيَا . وَهِيَ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي أَيَّامِ الْحَجِّ ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهَا عَلَى مَنَافِعِ الْآخِرَةِ ، وَهِيَ الْعَفْوُ وَالْمَغْفِرَةُ عَنْ
مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ، وَهُوَ الْأَوْلَى .
المسألة الثَّانِيَةُ : إِنَّمَا نَكَّرَ الْمَنَافِعَ لِأَنَّهُ أَرَادَ مَنَافِعَ مُخْتَصَّةً بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ دِينِيَّةً وَدُنْيَوِيَّةً لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ .
المسألة الثَّالِثَةُ : كَنَّى عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=33046الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يَنْفَكُّونَ عَنْ ذِكْرِ اسْمِهِ إِذَا نَحَرُوا وَذَبَحُوا وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ الْأَصْلِيَّ فِيمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنْ يُخَالِفَ الْمُشْرِكِينَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا لِلنُّصُبِ وَالْأَوْثَانِ ، قَالَ
مُقَاتِلٌ : إِذَا ذَبَحْتَ فَقُلْ : بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ ، وَتَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ، وَزَادَ
الْكَلْبِيُّ فَقَالَ : إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، قَالَ
الْقَفَّالُ : وَكَانَ الْمُتَقَرِّبُ بِهَا وَبِإِرَاقَةِ دِمَائِهَا مُتَصَوِّرٌ بِصُورَةِ مَنْ يَفْدِي نَفْسَهُ بِمَا يُعَادِلُهَا ، فَكَأَنَّهُ يَبْذُلُ تِلْكَ الشَّاةَ بَدَلَ مُهْجَتِهِ طَلَبًا لِمَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَاعْتِرَافًا بِأَنَّ تَقْصِيرَهُ يَسْتَحِقُّ مُهْجَتَهُ .
المسألة الرَّابِعَةُ : أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ صَارُوا إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23440الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ عَشْرُ ذِي الحجة وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ ، وَرِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ عِنْدَ النَّاسِ لِحِرْصِهِمْ عَلَى عِلْمِهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا . ثُمَّ لِلْمَنَافِعِ أَوْقَاتٌ مِنَ الْعَشْرِ مَعْرُوفَةٌ كَيَوْمِ
عَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، وَكَذَلِكَ الذَّبَائِحُ لَهَا وَقْتٌ مِنْهَا وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ
عَطَاءٍ : إِنَّهَا يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي مُسْلِمٍ ، قَالَ : لِأَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْعَرَبِ بَعْدَهَا وَهِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ .
[ ص: 27 ] أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) فَقَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : الْبَهْمَةُ مُبْهَمَةٌ فِي كُلِّ ذَاتِ أَرْبَعٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فَبُيِّنَتْ بِالْأَنْعَامِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالضَّأْنُ وَالْمَعَزُ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فَكُلُوا مِنْهَا ) فَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ أَمْرُ وُجُوبٍ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ مِنْهَا تَرَفُّعًا عَلَى الْفُقَرَاءِ ، فَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْكُفَّارِ وَمُسَاوَاةِ الْفُقَرَاءِ وَاسْتِعْمَالِ التَّوَاضُعِ ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ . ثم قال الْعُلَمَاءُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3685مَنْ أَهْدَى أَوْ ضَحَّى فَحَسَنٌ أَنْ يَأْكُلَ النِّصْفَ وَيَتَصَدَّقَ بِالنِّصْفِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيَدَّخِرُ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ ، وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْأَكْلَ مُسْتَحَبٌّ وَالْإِطْعَامَ وَاجِبٌ فَإِنْ أَطْعَمَ جَمِيعَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ أَكَلَ جَمِيعَهَا لَمْ يُجْزِهُ ، هَذَا فِيمَا كَانَ تَطَوُّعًا ، فَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ كَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْجُبْرَانَاتُ لِنُقْصَانِ مِثْلِ دَمِ الْقِرَانِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَدَمِ الْإِسَاءَةِ وَدِمَاءِ الْقَلْمِ وَالْحَلْقِ فَلَا يُؤْكَلُ مِنْهَا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=3685_28993وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ أَمْرُ إِيجَابٍ ، وَالْبَائِسُ الَّذِي أَصَابَهُ بُؤْسٌ أَيْ شِدَّةٌ ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي أَضْعَفَهُ الْإِعْسَارُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْبَائِسُ الَّذِي ظَهَرَ بُؤْسُهُ فِي ثِيَابِهِ وَفِي وَجْهِهِ ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَتَكُونُ ثِيَابُهُ نَقِيَّةً وَوَجْهُهُ وَجْهَ غَنِيٍّ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) قَالَ
الزَّجَّاجُ : إِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا يَعْرِفُونَ التَّفَثَ إِلَّا مِنَ التَّفْسِيرِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28905_34080أَصْلُ التَّفَثِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كُلُّ قَاذُورَةٍ تَلْحَقُ الْإِنْسَانَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَقْضُهَا . وَالْمُرَادُ هَاهُنَا قَصُّ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْقَضَاءِ إِزَالَةُ التَّفَثِ ، وَقَالَ
الْقَفَّالُ : قَالَ
نِفْطَوَيْهِ : سَأَلْتُ أَعْرَابِيًّا فَصِيحًا مَا مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) ؟ فَقَالَ : مَا أُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَلَكِنَّا نَقُولُ لِلرَّجُلِ : مَا أَتْفَثَكَ وَمَا أَدْرَنَكَ ؟ ثم قال
الْقَفَّالُ : وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ
الزَّجَّاجِ ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُثْبِتِ لَا قَوْلُ النَّافِي .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) فَقُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَا أَوْجَبَهُ الدُّخُولُ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَاسِكِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا أَوْجَبُوهُ بِالنَّذْرِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ ، وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَقْرَبُ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ فَقَدْ يُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْهَدْيِ وَغَيْرِهِ مَا لَوْلَا إِيجَابُهُ لَمْ يَكُنِ الْحَجُّ يَقْتَضِيهِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْوَفَاءِ بِذَلِكَ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=3522وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) فَالْمُرَادُ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالزِّيَارَةِ ، أَمَّا كَوْنُ هَذَا الطَّوَافِ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالْحَلْقِ ، ثُمَّ هُوَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=32996وَسُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : الْعَتِيقُ : الْقَدِيمُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ عَنِ
الْحَسَنِ . وَثَانِيهَا : لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَكَمْ مِنْ جَبَّارٍ سَارَ إِلَيْهِ لِيَهْدِمَهُ فَمَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَرَوَوْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمَّا قَصَدَهُ
أَبْرَهَةُ فُعِلَ بِهِ مَا فُعِلَ ، فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ تَسَلَّطَ
الْحَجَّاجُ عَلَيْهِ ، فَالْجَوَابُ : قُلْنَا : مَا قَصَدَ التَّسَلُّطَ عَلَى الْبَيْتِ وَإِنَّمَا تَحَصَّنَ بِهِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَاحْتَالَ لِإِخْرَاجِهِ ثُمَّ بَنَاهُ . وَثَالِثُهَا : لَمْ يُمْلَكْ قَطُّ عَنِ
ابْنِ عُيَيْنَةَ . وَرَابِعُهَا : أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ . وَخَامِسُهَا : بَيْتٌ كَرِيمٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : عِتَاقُ الطَّيْرِ وَالْخَيْلِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّامَ فِي لِيَقْضُوا وَلْيُوفُوا وَلْيَطَّوَّفُوا لَامُ الْأَمْرِ ، وَفِي قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ وَنَافِعٍ وَالْأَكْثَرِينَ تَخْفِيفُ هَذِهِ اللَّامَاتِ ، وَفِي قِرَاءَةِ
أَبِي عَمْرٍو تَحْرِيكُهَا بِالْكَسْرِ .