[ ص: 28 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .
قال صاحب " الكشاف " " ذلك " خبر مبتدأ محذوف أي الأمر والشأن ذلك ، كما يقدم الكاتب جملة من كلامه في بعض المعاني ، فإذا أراد الخوض في معنى آخر قال : هذا وقد كان كذا ، والحرمة ما لا يحل هتكه ، وجميع ما كلفه الله تعالى بهذه الصفة من مناسك الحج وغيرها يحتمل أن يكون عاما في جميع تكاليفه ، ويحتمل أن يكون خاصا فيما يتعلق بالحج ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : الحرمات خمس :
الكعبة الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام
والمشعر الحرام ، وقال المتكلمون : ولا تدخل النوافل في حرمات الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فهو خير له عند ربه ) أي فالتعظيم خير له للعلم بأنه يجب القيام بمراعاتها وحفظها ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30عند ربه ) يدل على الثواب المدخر ؛ لأنه لا يقال عند ربه فيما قد حصل من الخيرات ، قال
الأصم : فهو خير له من التهاون بذلك ، ثم إنه تعالى عاد إلى بيان
nindex.php?page=treesubj&link=3273حكم الحج فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30وأحلت لكم الأنعام ) فقد كان يجوز أن يظن أن الإحرام إذا حرم الصيد وغيره فالأنعام أيضا تحرم ، فبين الله تعالى أن الإحرام لا يؤثر فيها فهي محللة ، واستثنى منه ما يتلى في كتاب الله من المحرمات من النعم وهو المذكور في سورة المائدة ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غير محلي الصيد وأنتم حرم ) [ المائدة : 1 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم ) [ النساء : 23 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) [ الأنعام : 121 ] ، ثم إنه سبحانه لما حث على تعظيم حرماته وحمد من يعظمها أتبعه بالأمر باجتناب الأوثان وقول الزور ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28656توحيد الله تعالى وصدق القول أعظم الخيرات ، وإنما جمع الشرك وقول الزور في سلك واحد لأن الشرك من باب الزور ، لأن المشرك زاعم أن الوثن تحق له العبادة فكأنه قال : فاجتنبوا عبادة الأوثان التي هي رأس الزور ، واجتنبوا قول الزور كله ، ولا تقربوا منه شيئا لتماديه في القبح والسماجة ، وما ظنك بشيء من قبيله عبادة الأوثان ؟ وسمى الأوثان رجسا لا للنجاسة ، لكن لأن وجوب تجنبها أوكد من وجوب تجنب الرجس ، ولأن عبادتها أعظم من التلوث بالنجاسات . ثم قال
الأصم : إنما وصفها بذلك لأن عادتهم في المتقربات أن يتعمدوا سقوط الدماء عليها ، وهذا بعيد ، وقيل : إنه إنما وصفها بذلك استحقارا واستخفافا وهذا أقرب ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30من الأوثان ) بيان للرجس وتمييز له كقوله : عندي عشرون من الدراهم ، لأن الرجس لما فيه من الإيهام يتناول كل شيء ، فكأنه قال : فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان ، وليس المراد أن بعضها ليس كذلك ، والزور من الزور والازورار وهو الانحراف ، كما أن الإفك من أفكه إذا صرفه ، والمفسرون ذكروا في قول
[ ص: 29 ] الزور وجوها :
أحدها : أنه قولهم : هذا حلال وهذا حرام وما أشبه ذلك من افترائهم ، وثانيها : شهادة الزور عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013270أنه صلى الصبح فلما سلم قام قائما واستقبل الناس بوجهه ، وقال : عدلت شهادة الزور الإشراك بالله ، وتلا هذه الآية ، وثالثها : الكذب والبهتان . ورابعها : قول أهل الجاهلية في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك .
[ ص: 28 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) .
قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " " ذَلِكَ " خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيِ الْأَمْرُ وَالشَّأْنُ ذَلِكَ ، كَمَا يُقَدِّمُ الْكَاتِبُ جُمْلَةً مِنْ كَلَامِهِ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي ، فَإِذَا أَرَادَ الْخَوْضَ فِي مَعْنًى آخَرَ قَالَ : هَذَا وَقَدْ كَانَ كَذَا ، وَالْحُرْمَةُ مَا لَا يَحِلُّ هَتْكُهُ ، وَجَمِيعُ مَا كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَغَيْرِهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي جَمِيعِ تَكَالِيفِهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : الْحُرُمَاتُ خَمْسٌ :
الْكَعْبَةُ الْحَرَامُ وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَالْبَلَدُ الْحَرَامُ وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ
وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ ، وَقَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ : وَلَا تَدْخُلُ النَّوَافِلُ فِي حُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) أَيْ فَالتَّعْظِيمُ خَيْرٌ لَهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَجِبُ الْقِيَامُ بِمُرَاعَاتِهَا وَحِفْظِهَا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30عِنْدَ رَبِّهِ ) يَدُلُّ عَلَى الثَّوَابِ الْمُدَّخَرِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ عِنْدَ رَبِّهِ فِيمَا قَدْ حَصَلَ مِنَ الْخَيْرَاتِ ، قَالَ
الْأَصَمُّ : فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ التَّهَاوُنِ بِذَلِكَ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى عَادَ إِلَى بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=3273حُكْمِ الْحَجِّ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ ) فَقَدْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ إِذَا حَرَّمَ الصَّيْدَ وَغَيْرَهُ فَالْأَنْعَامُ أَيْضًا تُحَرَّمُ ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا فَهِيَ مُحَلَّلَةٌ ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يُتْلَى فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النَّعَمِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) [ الْمَائِدَةِ : 1 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ) [ النِّسَاءِ : 23 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) [ الْأَنْعَامِ : 121 ] ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا حَثَّ عَلَى تَعْظِيمِ حُرُمَاتِهِ وَحَمِدَ مَنْ يُعَظِّمُهَا أَتْبَعَهُ بِالْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْأَوْثَانِ وَقَوْلِ الزُّورِ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28656تَوْحِيدَ اللَّهِ تَعَالَى وَصِدْقَ الْقَوْلِ أَعْظَمُ الْخَيْرَاتِ ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الشِّرْكَ وَقَوْلَ الزُّورِ فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الشِّرْكَ مِنْ بَابِ الزُّورِ ، لِأَنَّ الْمُشْرِكَ زَاعِمٌ أَنَّ الْوَثَنَ تَحِقُّ لَهُ الْعِبَادَةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَاجْتَنِبُوا عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ الزُّورِ ، وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ كُلَّهُ ، وَلَا تَقْرَبُوا مِنْهُ شَيْئًا لِتَمَادِيهِ فِي الْقُبْحِ وَالسَّمَاجَةِ ، وَمَا ظَنُّكَ بِشَيْءٍ مِنْ قَبِيلِهِ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ ؟ وَسَمَّى الْأَوْثَانَ رِجْسًا لَا لِلنَّجَاسَةِ ، لَكِنْ لِأَنَّ وُجُوبَ تَجَنُّبِهَا أَوْكَدُ مِنْ وُجُوبِ تَجَنُّبِ الرِّجْسِ ، وَلِأَنَّ عِبَادَتَهَا أَعْظَمُ مِنَ التَّلَوُّثِ بِالنَّجَاسَاتِ . ثم قال
الْأَصَمُّ : إِنَّمَا وَصَفَهَا بِذَلِكَ لِأَنَّ عَادَتَهُمْ فِي الْمُتَقَرَّبَاتِ أَنْ يَتَعَمَّدُوا سُقُوطَ الدِّمَاءِ عَلَيْهَا ، وَهَذَا بَعِيدٌ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ إِنَّمَا وَصَفَهَا بِذَلِكَ اسْتِحْقَارًا وَاسْتِخْفَافًا وَهَذَا أَقْرَبُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30مِنَ الْأَوْثَانِ ) بَيَانٌ لِلرِّجْسِ وَتَمْيِيزٌ لَهُ كَقَوْلِهِ : عِنْدِي عِشْرُونَ مِنَ الدَّرَاهِمِ ، لِأَنَّ الرِّجْسَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيهَامِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ شَيْءٍ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الَّذِي هُوَ الْأَوْثَانُ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ بَعْضَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَالزُّورُ مِنَ الزُّورِ وَالِازْوِرَارِ وَهُوَ الِانْحِرَافُ ، كَمَا أَنَّ الْإِفْكَ مِنْ أَفِكَهُ إِذَا صَرَفَهُ ، وَالْمُفَسِّرُونَ ذَكَرُوا فِي قَوْلِ
[ ص: 29 ] الزُّورِ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ قَوْلُهُمْ : هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنِ افْتِرَائِهِمْ ، وَثَانِيهَا : شَهَادَةُ الزُّورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013270أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ قَائِمًا وَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ ، وَقَالَ : عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ، وَثَالِثُهَا : الْكَذِبُ وَالْبُهْتَانُ . وَرَابِعُهَا : قَوْلُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي تَلْبِيَتِهِمْ : لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ .