أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=30578_19885لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : لما كانت عادة الجاهلية على ما روي في القربان أنهم يلوثون بدمائها ولحومها الوثن وحيطان
الكعبة بين تعالى ما هو
nindex.php?page=treesubj&link=19885_27212القصد من النحر فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) فبين أن الذي يصل إليه تعالى ويرتفع إليه من صنع المهدي من قوله ونحره وما شاكله من فرائضه هو تقوى الله دون نفس اللحم والدم ، ومعلوم أن شيئا من الأشياء لا يوصف بأنه يناله سبحانه ، فالمراد وصول ذلك إلى حيث يكتب ، يدل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إليه يصعد الكلم الطيب ) [ فاطر : 10 ] .
المسألة الثانية : قالت
المعتزلة دلت هذه الآية على أمور :
أحدها : أن الذي ينتفع به المرء فعله دون الجسم الذي ينتفع بنحره .
وثانيها : أنه سبحانه غني عن كل ذلك ، وإنما المراد أن يجتهد العبد في امتثال أوامره .
وثالثها : أنه لما لم ينتفع بالأجسام التي هي اللحوم والدماء وانتفع بتقواه وجب أن تكون تقواه فعلا وإلا لكانت تقواه بمنزلة اللحوم .
ورابعها : أنه لما شرط القبول بالتقوى وصاحب الكبيرة غير متق فوجب أن لا يكون عمله مقبولا وأنه لا ثواب له ، والجواب : أما الأولان فحقان ، وأما الثالث : فمعارض بالداعي والعلم ، وأما الرابع : فصاحب الكبيرة وإن لم يكن متقيا مطلقا ، ولكنه متق فيما أتى به من الطاعة على سبيل الإخلاص فوجب أن تكون طاعته مقبولة وعند هذا تنقلب الآية حجة عليهم .
المسألة الثالثة : كلهم قرؤوا " ينال الله ، ويناله " بالياء إلا يعقوب فإنه قرأ بالتاء في الحرفين ، فمن أنث فقد رده إلى اللفظ ، ومن ذكر فللحائل بين الاسم والفعل ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37كذلك سخرها لكم ) والمراد أنه إنما سخرها كذلك لتكبروا الله وهو التعظيم ، بما نفعله عند النحر وقبله وبعده ، على ما هدانا ودلنا عليه وبينه لنا ، ثم قال بعده على وجه الوعد لمن امتثل أمره (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37وبشر المحسنين ) كما قال من قبل (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34وبشر المخبتين ) والمحسن هو الذي يفعل الحسن من الأعمال ويتمسك به فيصير محسنا إلى نفسه بتوفير الثواب عليه .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=30578_19885لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : لَمَّا كَانَتْ عَادَةُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي الْقُرْبَانِ أَنَّهُمْ يُلَوِّثُونَ بِدِمَائِهَا وَلُحُومِهَا الْوَثَنَ وَحِيطَانَ
الْكَعْبَةِ بَيَّنَ تَعَالَى مَا هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=19885_27212الْقَصْدُ مِنَ النَّحْرِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) فَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي يَصِلُ إِلَيْهِ تَعَالَى وَيَرْتَفِعُ إِلَيْهِ مِنْ صُنْعِ الْمَهْدِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَنَحْرِهِ وَمَا شَاكَلَهُ مِنْ فَرَائِضِهِ هُوَ تَقْوَى اللَّهِ دُونَ نَفْسِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ يَنَالُهُ سُبْحَانَهُ ، فَالْمُرَادُ وَصُولُ ذَلِكَ إِلَى حَيْثُ يُكْتَبُ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) [ فَاطِرٍ : 10 ] .
المسألة الثَّانِيَةُ : قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أُمُورٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرْءُ فِعْلُهُ دُونَ الْجِسْمِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِنَحْرِهِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَجْتَهِدَ الْعَبْدُ فِي امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْتَفِعْ بِالْأَجْسَامِ الَّتِي هِيَ اللُّحُومُ وَالدِّمَاءُ وَانْتَفَعَ بِتَقْوَاهُ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ تَقْوَاهُ فِعْلًا وَإِلَّا لَكَانَتْ تَقْوَاهُ بِمَنْزِلَةِ اللُّحُومِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْقَبُولَ بِالتَّقْوَى وَصَاحِبُ الْكَبِيرَةِ غَيْرُ مُتَّقٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ عَمَلُهُ مَقْبُولًا وَأَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ ، وَالْجَوَابُ : أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَحَقَّانِ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ : فَمُعَارَضٌ بِالدَّاعِي وَالْعِلْمِ ، وَأَمَّا الرَّابِعُ : فَصَاحِبُ الْكَبِيرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّقِيًا مُطْلَقًا ، وَلَكِنَّهُ مُتَّقٍ فِيمَا أَتَى بِهِ مِنَ الطَّاعَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْلَاصِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ طَاعَتُهُ مَقْبُولَةً وَعِنْدَ هَذَا تَنْقَلِبُ الْآيَةُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ .
المسألة الثَّالِثَةُ : كُلُّهُمْ قَرَؤُوا " يَنَالَ اللَّهَ ، وَيَنَالُهُ " بِالْيَاءِ إِلَّا يَعْقُوبَ فَإِنَّهُ قَرَأَ بِالتَّاءِ فِي الْحَرْفَيْنِ ، فَمَنْ أَنَّثَ فَقَدْ رَدَّهُ إِلَى اللَّفْظِ ، وَمَنْ ذَكَّرَ فَلِلْحَائِلِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إِنَّمَا سَخَّرَهَا كَذَلِكَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ وَهُوَ التَّعْظِيمُ ، بِمَا نَفْعَلُهُ عِنْدَ النَّحْرِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ، عَلَى مَا هَدَانَا وَدَلَّنَا عَلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَنَا ، ثم قال بَعْدَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَعْدِ لِمَنِ امْتَثَلَ أَمْرَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ) كَمَا قَالَ مِنْ قَبْلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ) وَالْمُحْسِنُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ الْحَسَنَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَيَتَمَسَّكُ بِهِ فَيَصِيرُ مُحْسِنًا إِلَى نَفْسِهِ بِتَوْفِيرِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ .