(
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=50فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=50فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم )
اعلم أنه تعالى لما بين للرسول صلى الله عليه وسلم أنه يجب أن يقول لهم : أنا نذير مبين أردف ذلك بأن أمره بوعدهم ووعيدهم ؛ لأن الرجل إنما يكون منذرا بذكر الوعد للمطيعين والوعيد للعاصين . فقال : والذين آمنوا وعملوا الصالحات فجمع بين الوصفين ، وهذا دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28648العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان وبه يبطل قول
[ ص: 42 ] المعتزلة ،
nindex.php?page=treesubj&link=28648ويدخل في الإيمان كل ما يجب من الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان ،
nindex.php?page=treesubj&link=28648ويدخل في العمل الصالح أداء كل واجب وترك كل محظور ، ثم بين سبحانه أن من جمع بينهما فالله تعالى يجمع له بين المغفرة والرزق الكريم . أما المغفرة فإما أن تكون عبارة عن غفران الصغائر ، أو عن غفران الكبائر بعد التوبة ، أو عن غفرانها قبل التوبة ، والأولان واجبان عند الخصم ، وأداء الواجب لا يسمى غفرانا ، فبقي الثالث : وهو دلالته على
nindex.php?page=treesubj&link=30526_27521العفو عن أصحاب الكبائر من أهل القبلة . وأما الرزق الكريم فهو إشارة إلى الثواب ، وكرمه يحتمل أن يكون للصفات السلبية ، وهو أن الإنسان هناك يستغني عن المكاسب وتحمل المشاق والذل فيها وارتكاب المآثم والدناءة بسببها ، وأن يكون للصفات الثبوتية ، وهو أن يكون رزقا كثيرا دائما خالصا عن شوائب الضرر ، مقرونا بالتعظيم والتبجيل . والأولى جعل الكريم دالا على كل هذه الصفات ، فهذا شرح حال المؤمنين . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=30539حال الكفار فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51والذين سعوا في آياتنا معاجزين ) والمراد اجتهدوا في ردها والتكذيب بها حيث سموها سحرا وشعرا وأساطير الأولين ، ويقال لمن بذل جهده في أمر : إنه سعى فيه توسعا من حيث بلغ في بذل الجهد النهاية ، كما إذا بلغ الماشي نهاية طاقته فيقال له : سعى ، وذكر الآيات وأراد التكذيب بها مجازا . قال صاحب " الكشاف " : يقال سعى في أمر فلان إذا أصلحه أو أفسده بسعيه ، أما المعاجز فيقال : عاجزته ، أي طمعت في إعجازه ، واختلفوا في المراد ، هل معاجزين لله أو للرسول وللمؤمنين ؟ والأقرب هو الثاني ؛ لأنهم إن أنكروا الله استحال منهم أن يطمعوا في إعجازه وإن أثبتوه فيبعد أن يعتقدوا أنهم يعجزونه ويغلبونه ، ويصح منهم أن يظنوا ذلك في الرسول بالحيل والمكايد . أما الذين قالوا : المراد معاجزين لله ، فقد ذكروا وجوها :
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=28910المراد بمعاجزين مغالبين مفوتين لربهم من عذابهم وحسابهم حيث جحدوا البعث . وثانيها : أنهم يثبطون غيرهم عن التصديق بالله ويثبطونهم بسبب الترغيب والترهيب . وثالثها : يعجزون الله بإدخال الشبه في قلوب الناس ، والجواب عن الأول : أن من جحد أصل الشيء لا يوصف بأنه مغالب لمن يفعل ذلك الشيء ، ومن تأول الآية على ذلك فيجب أن يكون مراده أنهم ظنوا مغالبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما كان يقوله من أمر الحشر والنشر . والجواب عن الثاني والثالث : أن المغالبة في الحقيقة ترجع إلى الرسول والأمة ، لا إلى الله تعالى .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51أولئك أصحاب الجحيم ) فالمراد أنهم يدومون فيها وشبههم من حيث الدوام بالصاحب ، فإن قيل : إنه عليه السلام في هذه الآية بشر المؤمنين أولا وأنذر الكافرين ثانيا ، فكان القياس أن يقال : قل يا أيها الناس إنما أنا لكم بشير ونذير ، قلنا : الكلام مسوق إلى المشركين ، ويا أيها الناس نداء لهم ، وهم الذين قيل فيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82أفلم يسيروا في الأرض ) [ غافر : 82 ] ووصفوا بالاستعجال ، وإنما ألقى ذكر المؤمنين وثوابهم في البين زيادة لغيظهم وإيذائهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=50فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=50فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ : أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِأَنْ أَمَرَهُ بِوَعْدِهِمْ وَوَعِيدِهِمْ ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا يَكُونُ مُنْذِرًا بِذِكْرِ الْوَعْدِ لِلْمُطِيعِينَ وَالْوَعِيدِ لِلْعَاصِينَ . فَقَالَ : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَجَمَعَ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28648الْعَمَلَ الصَّالِحَ خَارِجٌ عَنْ مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَبِهِ يَبْطُلُ قَوْلُ
[ ص: 42 ] الْمُعْتَزِلَةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28648وَيَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ كُلُّ مَا يَجِبُ مِنَ الِاعْتِقَادِ بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28648وَيَدْخُلُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ أَدَاءُ كُلِّ وَاجِبٍ وَتَرْكُ كُلِّ مَحْظُورٍ ، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَاللَّهُ تَعَالَى يَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْمَغْفِرَةِ وَالرِّزْقِ الْكَرِيمِ . أَمَّا الْمَغْفِرَةُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ غُفْرَانِ الصَّغَائِرِ ، أَوْ عَنْ غُفْرَانِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ التَّوْبَةِ ، أَوْ عَنْ غُفْرَانِهَا قَبْلَ التَّوْبَةِ ، وَالْأَوَّلَانِ وَاجِبَانِ عِنْدَ الْخَصْمِ ، وَأَدَاءُ الْوَاجِبِ لَا يُسَمَّى غُفْرَانًا ، فَبَقِيَ الثَّالِثُ : وَهُوَ دَلَالَتُهُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30526_27521الْعَفْوِ عَنْ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ . وَأَمَّا الرِّزْقُ الْكَرِيمُ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الثَّوَابِ ، وَكَرَمُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ ، وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ هُنَاكَ يَسْتَغْنِي عَنِ الْمَكَاسِبِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ وَالذُّلِّ فِيهَا وَارْتِكَابِ الْمَآثِمِ وَالدَّنَاءَةِ بِسَبَبِهَا ، وَأَنْ يَكُونَ لِلصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ رِزْقًا كَثِيرًا دَائِمًا خَالِصًا عَنْ شَوَائِبِ الضَّرَرِ ، مَقْرُونًا بِالتَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ . وَالْأَوْلَى جَعْلُ الْكَرِيمِ دَالًّا عَلَى كُلِّ هَذِهِ الصِّفَاتِ ، فَهَذَا شَرْحُ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30539حَالُ الْكُفَّارِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ ) وَالْمُرَادُ اجْتَهَدُوا فِي رَدِّهَا وَالتَّكْذِيبِ بِهَا حَيْثُ سَمَّوْهَا سِحْرًا وَشِعْرًا وَأَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ ، وَيُقَالُ لِمَنْ بَذَلَ جُهْدَهُ فِي أَمْرٍ : إِنَّهُ سَعَى فِيهِ تَوَسُّعًا مِنْ حَيْثُ بَلَغَ فِي بَذْلِ الْجُهْدِ النِّهَايَةَ ، كَمَا إِذَا بَلَغَ الْمَاشِي نِهَايَةَ طَاقَتِهِ فَيُقَالُ لَهُ : سَعَى ، وَذَكَرَ الْآيَاتِ وَأَرَادَ التَّكْذِيبَ بِهَا مَجَازًا . قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : يُقَالُ سَعَى فِي أَمْرِ فُلَانٍ إِذَا أَصْلَحَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ بِسَعْيِهِ ، أَمَّا الْمُعَاجِزُ فَيُقَالُ : عَاجَزْتُهُ ، أَيْ طَمِعْتُ فِي إِعْجَازِهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ ، هَلْ مُعَاجِزِينَ لِلَّهِ أَوْ لِلرَّسُولِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ؟ وَالْأَقْرَبُ هُوَ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ أَنْكَرُوا اللَّهَ اسْتَحَالَ مِنْهُمْ أَنْ يَطْمَعُوا فِي إِعْجَازِهِ وَإِنْ أَثْبَتُوهُ فَيَبْعُدُ أَنْ يَعْتَقِدُوا أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَهُ وَيَغْلِبُونَهُ ، وَيَصِحُّ مِنْهُمْ أَنْ يَظُنُّوا ذَلِكَ فِي الرَّسُولِ بِالْحِيَلِ وَالْمَكَايِدِ . أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : الْمُرَادُ مُعَاجِزِينَ لِلَّهِ ، فَقَدْ ذَكَرُوا وُجُوهًا :
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=28910الْمُرَادُ بِمُعَاجِزِينَ مُغَالِبِينَ مُفَوِّتِينَ لِرَبِّهِمْ مِنْ عَذَابِهِمْ وَحِسَابِهِمْ حَيْثُ جَحَدُوا الْبَعْثَ . وَثَانِيهَا : أَنَّهُمْ يُثَبِّطُونَ غَيْرَهُمْ عَنِ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ وَيُثَبِّطُونَهُمْ بِسَبَبِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ . وَثَالِثُهَا : يُعْجِزُونَ اللَّهَ بِإِدْخَالِ الشُّبَهِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ مَنْ جَحَدَ أَصْلَ الشَّيْءِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُغَالِبٌ لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ ، وَمَنْ تَأَوَّلَ الْآيَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ ظَنُّوا مُغَالَبَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا كَانَ يَقُولُهُ مِنْ أَمْرِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ . وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ : أَنَّ الْمُغَالَبَةَ فِي الْحَقِيقَةِ تَرْجِعُ إِلَى الرَّسُولِ وَالْأُمَّةِ ، لَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=51أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) فَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَدُومُونَ فِيهَا وَشَبَّهَهُمْ مِنْ حَيْثُ الدَّوَامِ بِالصَّاحِبِ ، فَإِنْ قِيلَ : إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَشَّرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوَّلًا وَأَنْذَرَ الْكَافِرِينَ ثَانِيًا ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ، قُلْنَا : الْكَلَامُ مَسُوقٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَيَا أَيُّهَا النَّاسُ نِدَاءٌ لَهُمْ ، وَهُمُ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) [ غَافِرٍ : 82 ] وَوُصِفُوا بِالِاسْتِعْجَالِ ، وَإِنَّمَا أَلْقَى ذِكْرَ الْمُؤْمِنِينَ وَثَوَابِهِمْ فِي الْبَيْنِ زِيَادَةً لِغَيْظِهِمْ وَإِيذَائِهِمْ .