الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : اختلفوا في معنى قوله : ( وإن الله لهو خير الرازقين ) مع العلم بأن كل الرزق من عنده على وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : التفاوت إنما كان بسبب أنه سبحانه مختص بأن يرزق ما لا يقدر عليه غيره . وثانيها : أن يكون المراد أنه الأصل في الرزق ، وغيره إنما يرزق بما تقدم من الرزق من جهة الله تعالى . وثالثها : أن غيره ينقل الرزق من يده إلى يد غيره لا أنه يفعل نفس الرزق . ورابعها : أن غيره إذا رزق فإنما يرزق لانتفاعه به ، إما لأجل أن يخرج عن الواجب ، وإما لأجل أن يستحق به حمدا أو ثناء ، وإما لأجل دفع الرقة الجنسية . فكان الواحد منا إذا رزق فقد طلب العوض ، أما الحق سبحانه فإن كماله صفة ذاتية له ، فلا يستفيد من شيء كمالا زائدا ، فكان الرزق الصادر منه لمحض الإحسان . وخامسها : أن غيره إنما يرزق لو حصل في قلبه إرادة ذلك الفعل ، وتلك الإرادة من الله ، فالرازق في الحقيقة هو الله تعالى . وسادسها : أن المرزوق يكون تحت منة الرازق ، ومنة الله تعالى أسهل تحملا من منة الغير ، فكان هو : ( خير الرازقين ) . وسابعها : أن الغير إذا رزق فلولا أن الله تعالى أعطى ذلك الإنسان أنواع الحواس وأعطاه السلامة والصحة والقدرة على الانتفاع بذلك الرزق لما أمكنه الانتفاع به ، ورزق الغير لا بد وأن يكون مسبوقا برزق الله وملحوقا به حتى يحصل الانتفاع . وأما رزق الله تعالى فإنه لا حاجة به إلى رزق غيره ، فثبت أنه سبحانه ( خير الرازقين ) .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية