الصفة السابعة: قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=9والذين هم على صلواتهم يحافظون ) وإنما أعاد تعالى ذكرها; لأن الخشوع والمحافظة متغايران غير متلازمين، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=25353الخشوع صفة للمصلي في حال الأداء لصلاته، والمحافظة إنما تصح حال ما لم يؤدها بكمالها. بل المراد بالمحافظة التعهد لشروطها من وقت وطهارة وغيرهما، والقيام على أركانها وإتمامها حتى يكون ذلك دأبه في كل وقت، ثم لما ذكر الله تعالى مجموع هذه الأمور قال: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10أولئك هم الوارثون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=11الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) وهاهنا سؤالات:
السؤال الأول:
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28914_34080لم سمى ما يجدونه من الثواب والجنة بالميراث؟ مع أنه سبحانه حكم بأن الجنة حقهم في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) [التوبة: 111]. الجواب من وجوه.
الأول: ما
روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أبين على ما يقال فيه ، وهو: أنه لا مكلف إلا أعد الله له في النار ما يستحقه إن عصى، وفي الجنة ما يستحقه إن أطاع، وجعل لذلك علامة. فإذا آمن منهم البعض ولم يؤمن البعض صار منزل من لم يؤمن كالمنقول إلى المؤمنين، وصار مصيرهم إلى النار الذي لا بد معه من حرمان الثواب كموتهم، فسمي ذلك ميراثا لهذا الوجه، وقد قال الفقهاء: إنه لا فرق بين ما ملكه الميت وبين ما يقدر فيه الملك في أنه يورث عنه، كذلك قالوا في
nindex.php?page=treesubj&link=14242الدية التي تجب بالقتل : إنها تورث ، مع أنه ما ملكها على التحقيق ، وذلك يشهد لما ذكرنا ، فإن قيل : إنه تعالى وصف كل الذي يستحقونه إرثا، وعلى ما قلتم يدخل في الإرث ما كان يستحقه غيرهم لو أطاع. قلنا: لا يمتنع أنه تعالى جعل ما هو منزلة لهذا المؤمن بعينه منزلة لذلك الكافر لو أطاع; لأنه عند ذلك كان يزيد في المنازل فإذا آمن هذا عدل بذلك إليه.
وثانيها: أن انتقال الجنة إليهم بدون محاسبة ومعرفة بمقاديره يشبه انتقال المال إلى الوارث.
وثالثها: أن الجنة كانت مسكن أبينا
آدم عليه السلام ، فإذا انتقلت إلى أولاده صار ذلك شبيها بالميراث.
السؤال الثاني: كيف حكم على الموصوفين بالصفات السبع بالفلاح مع أنه تعالى ما تمم ذكر العبادات الواجبة كالصوم والحج والطهارة؟ والجواب: أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=8والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ) يأتي على جميع الواجبات من الأفعال والتروك كما قدمنا, والطهارات دخلت في جملة المحافظة على الصلوات الخمس; لكونها من شرائطها.
السؤال الثالث: أفيدل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10أولئك هم الوارثون ) على أنه لا يدخلها غيرهم؟ الجواب: أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10هم الوارثون ) يفيد الحصر لكنه يجب ترك العمل به; لأنه ثبت أن
nindex.php?page=treesubj&link=30394_30395الجنة يدخلها الأطفال والمجانين والولدان والحور العين، ويدخلها الفساق من أهل القبلة بعد العفو; لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [النساء: 48].
السؤال الرابع:
nindex.php?page=treesubj&link=30401_30384أفكل الجنة هو الفردوس؟ الجواب: الفردوس هو الجنة بلسان
الحبشة، وقيل بلسان
الروم، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "
الفردوس مقصورة الرحمن; فيها الأنهار والأشجار "
[ ص: 73 ] وروى
أبو أمامة عنه عليه السلام أنه قال: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013297سلوا الله الفردوس فإنها أعلى الجنان، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش ".
السؤال الخامس: هل تدل الآية على أن هذه الصفات هي التي لها ولأجلها يكونون مؤمنين أم لا؟ الجواب: ادعى القاضي أن الأمر كذلك بناء على مذهبه أن الإيمان اسم شرعي موضوع لأداء كل الواجبات، وعندنا أن الآية لا تدل على ذلك; لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قد أفلح المؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون ) مثل قد أفلح الناس الأذكياء العدول، فإن هذا لا يدل على أن الزكاة والعدالة داخلان في مسمى الناس فكذا هاهنا.
السؤال السادس: روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013298لما خلق الله تعالى جنة عدن قال لها: تكلمي. فقالت: قد أفلح المؤمنون " وقال
كعب : "خلق الله
آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده، ثم قال لها: تكلمي. فقالت: قد أفلح المؤمنون" ، وروي أنه عليه السلام قال: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013299إذا أحسن العبد الوضوء وصلى الصلاة لوقتها وحافظ على ركوعها وسجودها ومواقيتها قالت: حفظك الله كما حافظت علي، وشفعت لصاحبها، وإذا أضاعها قالت: أضاعك الله كما ضيعتني، وتلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها " الجواب: أما
nindex.php?page=treesubj&link=30387_30391كلام الجنة فالمراد به أنها أعدت للمؤمنين ، فصار ذلك كالقول منها، وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11قالتا أتينا طائعين ) [فصلت: 11] وأما أنه تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=30391_30387خلق الجنة بيده , فالمراد تولى خلقها لا أنه وكله إلى غيره، وأما أن الصلاة تثني على من قام بحقها فهو في الجواز أبعد من كلام الجنة; لأن الصلاة حركات وسكنات ولا يصح عليها أن تتصور وتتكلم، فالمراد منه ضرب المثل كما يقول القائل للمنعم: إن إحسانك إلي ينطق بالشكر.
السؤال السابع: هل تدل الآية على
nindex.php?page=treesubj&link=30391_30401أن الفردوس مخلوقة؟ الجواب: قال القاضي: دل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35أكلها دائم ) [الرعد: 35] على أنها غير مخلوقة ، فوجب تأويل هذه الآية، كأنه تعالى قال: إذا كان يوم القيامة يخلق الله الجنة ميراثا للمؤمنين ، أو : وإذا خلقها تقول ، على مثال ما تأولنا عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=50ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة ) [الأعراف: 50] وهذا ضعيف ؛ لأنه ليس إضمار ما ذكره في هذه الآية أولى من أن يضمر في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35أكلها دائم ) ثم إن أكلها دائم يوم القيامة، وإذا تعارض هذان الظاهران فنحن نتمسك في أن الجنة مخلوقة بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133أعدت للمتقين ) [آل عمران : 133].
الصِّفَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=9وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) وَإِنَّمَا أَعَادَ تَعَالَى ذِكْرَهَا; لِأَنَّ الْخُشُوعَ وَالْمُحَافَظَةَ مُتَغَايِرَانِ غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25353الْخُشُوعَ صِفَةٌ لِلْمُصَلِّي فِي حَالِ الْأَدَاءِ لِصَلَاتِهِ، وَالْمُحَافَظَةُ إِنَّمَا تَصِحُّ حَالَ مَا لَمْ يُؤَدِّهَا بِكَمَالِهَا. بَلِ الْمُرَادُ بِالْمُحَافَظَةِ التَّعَهُّدُ لِشُرُوطِهَا مِنْ وَقْتٍ وَطَهَارَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَالْقِيَامُ عَلَى أَرْكَانِهَا وَإِتْمَامِهَا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ دَأْبَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَجْمُوعَ هَذِهِ الْأُمُورِ قَالَ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=11الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) وَهَاهُنَا سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ:
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28914_34080لِمَ سَمَّى مَا يَجِدُونَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْجَنَّةِ بِالْمِيرَاثِ؟ مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَكَمَ بِأَنَّ الْجَنَّةَ حَقُّهُمْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) [التَّوْبَةِ: 111]. الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ.
الْأَوَّلُ: مَا
رُوِيَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَبْيَنُ عَلَى مَا يُقَالُ فِيهِ ، وَهُوَ: أَنَّهُ لَا مُكَلَّفٌ إِلَّا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي النَّارِ مَا يَسْتَحِقُّهُ إِنْ عَصَى، وَفِي الْجَنَّةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ إِنْ أَطَاعَ، وَجَعَلَ لِذَلِكَ عَلَامَةً. فَإِذَا آمَنَ مِنْهُمُ الْبَعْضُ وَلَمْ يُؤْمِنِ الْبَعْضُ صَارَ مَنْزِلُ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ كَالْمَنْقُولِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَصَارَ مَصِيرُهُمْ إِلَى النَّارِ الَّذِي لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ حِرْمَانِ الثَّوَابِ كَمَوْتِهِمْ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِهَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ: إِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا مَلَكَهُ الْمَيِّتُ وَبَيْنَ مَا يُقَدِّرُ فِيهِ الْمَلِكُ فِي أَنَّهُ يُورَثُ عَنْهُ، كَذَلِكَ قَالُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=14242الدِّيَةِ الَّتِي تَجِبُ بِالْقَتْلِ : إِنَّهَا تُورَثُ ، مَعَ أَنَّهُ مَا مَلَكَهَا عَلَى التَّحْقِيقِ ، وَذَلِكَ يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَا ، فَإِنْ قِيلَ : إِنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ كُلَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَهُ إِرْثًا، وَعَلَى مَا قُلْتُمْ يَدْخُلُ فِي الْإِرْثِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُمْ لَوْ أَطَاعَ. قُلْنَا: لَا يَمْتَنِعُ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ مَا هُوَ مَنْزِلَةٌ لِهَذَا الْمُؤْمِنِ بِعَيْنِهِ مَنْزِلَةً لِذَلِكَ الْكَافِرِ لَوْ أَطَاعَ; لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ كَانَ يَزِيدُ فِي الْمَنَازِلِ فَإِذَا آمَنَ هَذَا عَدَلَ بِذَلِكَ إِلَيْهِ.
وَثَانِيهَا: أَنَّ انْتِقَالَ الْجَنَّةِ إِلَيْهِمْ بِدُونِ مُحَاسَبَةٍ وَمَعْرِفَةٍ بِمَقَادِيرِهِ يُشْبِهُ انْتِقَالَ الْمَالِ إِلَى الْوَارِثِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْجَنَّةَ كَانَتْ مَسْكَنَ أَبِينَا
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَإِذَا انْتَقَلَتْ إِلَى أَوْلَادِهِ صَارَ ذَلِكَ شَبِيهًا بِالْمِيرَاثِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: كَيْفَ حَكَمَ عَلَى الْمَوْصُوفِينَ بِالصِّفَاتِ السَّبْعِ بِالْفَلَاحِ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى مَا تَمَّمَ ذِكْرَ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالطَّهَارَةِ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=8وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالتُّرُوكِ كَمَا قَدَّمْنَا, وَالطَّهَارَاتُ دَخَلَتْ فِي جُمْلَةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ; لِكَوْنِهَا مِنْ شَرَائِطِهَا.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: أَفَيَدُلُّ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ) عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا غَيْرُهُمْ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10هُمُ الْوَارِثُونَ ) يُفِيدُ الْحَصْرَ لَكِنَّهُ يَجِبُ تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30394_30395الْجَنَّةَ يَدْخُلُهَا الْأَطْفَالُ وَالْمَجَانِينُ وَالْوِلْدَانُ وَالْحُورُ الْعِينُ، وَيَدْخُلُهَا الْفُسَّاقُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بَعْدَ الْعَفْوِ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [النِّسَاءِ: 48].
السُّؤَالُ الرَّابِعُ:
nindex.php?page=treesubj&link=30401_30384أَفَكُلُّ الْجَنَّةِ هُوَ الْفِرْدَوْسُ؟ الْجَوَابُ: الْفِرْدَوْسُ هُوَ الْجَنَّةُ بِلِسَانِ
الْحَبَشَةِ، وَقِيلَ بِلِسَانِ
الرُّومِ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "
الْفِرْدَوْسُ مَقْصُورَةُ الرَّحْمَنِ; فِيهَا الْأَنْهَارُ وَالْأَشْجَارُ "
[ ص: 73 ] وَرَوَى
أَبُو أُمَامَةَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013297سَلُوا اللَّهَ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهَا أَعْلَى الْجِنَانِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْفِرْدَوْسِ يَسْمَعُونَ أَطِيطَ الْعَرْشِ ".
السُّؤَالُ الْخَامِسُ: هَلْ تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ هِيَ الَّتِي لَهَا وَلِأَجْلِهَا يَكُونُونَ مُؤْمِنِينَ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ: ادَّعَى الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ شَرْعِيٌّ مَوْضُوعٌ لِأَدَاءِ كُلِّ الْوَاجِبَاتِ، وَعِنْدَنَا أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) مِثْلُ قَدْ أَفْلَحَ النَّاسُ الْأَذْكِيَاءُ الْعُدُولُ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ وَالْعَدَالَةَ دَاخِلَانِ فِي مُسَمَّى النَّاسِ فَكَذَا هَاهُنَا.
السُّؤَالُ السَّادِسُ: رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013298لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى جَنَّةَ عَدْنٍ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي. فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ " وَقَالَ
كَعْبٌ : "خَلَقَ اللَّهُ
آدَمَ بِيَدِهِ وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ وَغَرَسَ شَجَرَةَ طُوبَى بِيَدِهِ، ثم قال لَهَا: تَكَلَّمِي. فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ" ، وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013299إِذَا أَحْسَنَ الْعَبْدُ الْوُضُوءَ وَصَلَّى الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَحَافَظَ عَلَى رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَمَوَاقِيتِهَا قَالَتْ: حَفِظَكَ اللَّهُ كَمَا حَافَظْتَ عَلَيَّ، وَشَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا، وَإِذَا أَضَاعَهَا قَالَتْ: أَضَاعَكَ اللَّهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي، وَتُلَفُّ كَمَا يُلَفُّ الثَّوْبُ الْخَلِقُ فَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُ صَاحِبِهَا " الْجَوَابُ: أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30387_30391كَلَامُ الْجَنَّةِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا أُعِدَّتْ لِلْمُؤْمِنِينَ ، فَصَارَ ذَلِكَ كَالْقَوْلِ مِنْهَا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) [فُصِّلَتْ: 11] وَأَمَّا أَنَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=30391_30387خَلَقَ الْجَنَّةَ بِيَدِهِ , فَالْمُرَادُ تَوَلَّى خَلْقَهَا لَا أَنَّهُ وَكَلَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا أَنَّ الصَّلَاةَ تُثْنِي عَلَى مَنْ قَامَ بِحَقِّهَا فَهُوَ فِي الْجَوَازِ أَبْعَدُ مِنْ كَلَامِ الْجَنَّةِ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ حَرَكَاتٌ وَسَكَنَاتٌ وَلَا يَصِحُّ عَلَيْهَا أَنْ تَتَصَوَّرَ وَتَتَكَلَّمَ، فَالْمُرَادُ مِنْهُ ضَرْبُ الْمَثَلِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِلْمُنْعِمِ: إِنَّ إِحْسَانَكَ إِلَيَّ يَنْطِقُ بِالشُّكْرِ.
السُّؤَالُ السَّابِعُ: هَلْ تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30391_30401أَنَّ الْفِرْدَوْسَ مَخْلُوقَةٌ؟ الْجَوَابُ: قَالَ الْقَاضِي: دَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35أُكُلُهَا دَائِمٌ ) [الرَّعْدِ: 35] عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ ، فَوَجَبَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ، كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَخْلُقُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِيرَاثًا لِلْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ : وَإِذَا خَلَقَهَا تَقُولُ ، عَلَى مِثَالِ مَا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=50وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) [الْأَعْرَافِ: 50] وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إِضْمَارُ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُضْمَرَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35أُكُلُهَا دَائِمٌ ) ثُمَّ إِنَّ أُكُلَهَا دَائِمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا تَعَارَضَ هَذَانِ الظَّاهِرَانِ فَنَحْنُ نَتَمَسَّكُ فِي أَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) [آلِ عِمْرَانَ : 133].