(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين )
النوع الثاني من الدلائل: الاستدلال
nindex.php?page=treesubj&link=28658_31756_33679بخلقة السماوات وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ) .
فقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17سبع طرائق ) أي: سبع سماوات، وإنما قيل لها: طرائق ، لتطارقها، بمعنى كون بعضها فوق بعض
[ ص: 77 ] يقال: طارق الرجل نعليه : إذا أطبق نعلا على نعل، وطارق بين ثوبين : إذا لبس ثوبا فوق ثوب; هذا قول
الخليل والزجاج والفراء، قال
الزجاج : هو كقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3سبع سماوات طباقا ) [الملك : 3] وقال
علي بن عيسى : سميت بذلك لأنها طرائق للملائكة في العروج والهبوط والطيران، وقال آخرون: لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها. والوجه في إنعامه علينا بذلك أنه تعالى جعلها موضعا لأرزاقنا بإنزال الماء منها، وجعلها مقرا للملائكة، ولأنها موضع الثواب، ولأنها مكان إرسال الأنبياء ونزول الوحي.
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وما كنا عن الخلق غافلين ) ففيه وجوه.
أحدها: ما كنا غافلين بل كنا للخلق حافظين من أن تسقط عليهم الطرائق السبع فتهلكهم ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=41إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ) [فاطر: 41].
وثانيها: إنما خلقناها فوقهم لننزل عليهم الأرزاق والبركات منها, عن
الحسن .
وثالثها: أنا خلقنا هذه الأشياء فدل خلقنا لها على كمال قدرتنا، ثم بين كمال العلم بقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وما كنا عن الخلق غافلين ) يعني عن أعمالهم وأقوالهم وضمائرهم، وذلك يفيد نهاية الزجر. ورابعها: وما كنا عن خلق السماوات غافلين بل نحن لها حافظون; لئلا تخرج عن التقدير الذي أردنا كونها عليه ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) [الملك : 3].
واعلم أن هذه الآية دالة على كثير من المسائل، إحداها: أنها دالة على
nindex.php?page=treesubj&link=29619_28659وجود الصانع ; فإن انقلاب هذه الأجسام من صفة إلى صفة أخرى تضاد الأولى مع إمكان بقائها على تلك الصفة ، يدل على أنه لا بد من محول ومغير. وثانيتها: أنها تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=29426فساد القول بالطبيعة، فإن شيئا من تلك الصفات لو حصل بالطبيعة لوجب بقاؤها وعدم تغيرها، ولو قلت: إنما تغيرت تلك الصفات لتغير تلك الطبيعة ، افتقرت تلك الطبيعة إلى خالق وموجد. وثالثتها: تدل على أن المدبر قادر عالم; لأن الموجب والجاهل لا يصدر عنه هذه الأفعال العجيبة. ورابعتها: تدل على أنه عالم بكل المعلومات قادر على كل الممكنات. وخامستها: تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=30347_30336جواز الحشر والنشر ; نظرا إلى صريح الآية ونظرا إلى أن الفاعل لما كان قادرا على كل الممكنات وعالما بكل المعلومات وجب أن يكون قادرا على إعادة التركيب إلى تلك الأجزاء كما كانت. وسادستها: أن
nindex.php?page=treesubj&link=22311_22302معرفة الله تعالى يجب أن تكون استدلالية لا تقليدية وإلا لكان ذكر هذه الدلائل عبثا.
النوع الثالث: الاستدلال بنزول الأمطار وكيفية تأثيراتها في النبات .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ )
النوع الثَّانِي مِنَ الدَّلَائِلِ: الِاسْتِدْلَالُ
nindex.php?page=treesubj&link=28658_31756_33679بِخِلْقَةِ السَّمَاوَاتِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ) .
فَقَوْلُهُ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17سَبْعَ طَرَائِقَ ) أَيْ: سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا: طَرَائِقُ ، لِتَطَارُقِهَا، بِمَعْنَى كَوْنِ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ
[ ص: 77 ] يُقَالُ: طَارَقَ الرَّجُلُ نَعْلَيْهِ : إِذَا أَطْبَقَ نَعْلًا عَلَى نَعْلٍ، وَطَارَقَ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ : إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا فَوْقَ ثَوْبٍ; هَذَا قَوْلُ
الْخَلِيلِ وَالزَّجَّاجِ وَالْفَرَّاءِ، قَالَ
الزَّجَّاجُ : هُوَ كَقَوْلِهِ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) [الْمُلْكِ : 3] وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ عِيسَى : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا طَرَائِقُ لِلْمَلَائِكَةِ فِي الْعُرُوجِ وَالْهُبُوطِ وَالطَّيَرَانِ، وَقَالَ آخَرُونَ: لِأَنَّهَا طَرَائِقُ الْكَوَاكِبِ فِيهَا مَسِيرُهَا. وَالوجه فِي إِنْعَامِهِ عَلَيْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا مَوْضِعًا لِأَرْزَاقِنَا بِإِنْزَالِ الْمَاءِ مِنْهَا، وَجَعَلَهَا مَقَرًّا لِلْمَلَائِكَةِ، وَلِأَنَّهَا مَوْضِعُ الثَّوَابِ، وَلِأَنَّهَا مَكَانُ إِرْسَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَنُزُولِ الْوَحْيِ.
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ) فَفِيهِ وُجُوهٌ.
أَحَدُهَا: مَا كُنَّا غَافِلِينَ بَلْ كُنَّا لِلْخَلْقِ حَافِظِينَ مِنْ أَنْ تَسْقُطَ عَلَيْهِمُ الطَّرَائِقُ السَّبْعُ فَتُهْلِكَهُمْ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=41إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ) [فَاطِرٍ: 41].
وَثَانِيهَا: إِنَّمَا خَلَقْنَاهَا فَوْقَهُمْ لِنُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْأَرْزَاقَ وَالْبَرَكَاتِ مِنْهَا, عَنِ
الْحَسَنِ .
وَثَالِثُهَا: أَنَّا خَلَقْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَدَلَّ خَلْقُنَا لَهَا عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِنَا، ثُمَّ بَيَّنَ كَمَالَ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=17وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ) يَعْنِي عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ، وَذَلِكَ يُفِيدُ نِهَايَةَ الزَّجْرِ. وَرَابِعُهَا: وَمَا كُنَّا عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ غَافِلِينَ بَلْ نَحْنُ لَهَا حَافِظُونَ; لِئَلَّا تَخْرُجَ عَنِ التَّقْدِيرِ الَّذِي أَرَدْنَا كَوْنَهَا عَلَيْهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) [الْمُلْكِ : 3].
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ، إِحْدَاهَا: أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29619_28659وُجُودِ الصَّانِعِ ; فَإِنَّ انْقِلَابَ هَذِهِ الْأَجْسَامِ مِنْ صِفَةٍ إِلَى صِفَةٍ أُخْرَى تُضَادُّ الْأُولَى مَعَ إِمْكَانِ بَقَائِهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُحَوِّلٍ وَمُغَيِّرٍ. وَثَانِيَتُهَا: أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29426فَسَادِ الْقَوْلِ بِالطَّبِيعَةِ، فَإِنَّ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ لَوْ حَصَلَ بِالطَّبِيعَةِ لَوَجَبَ بَقَاؤُهَا وَعَدَمُ تَغَيُّرِهَا، وَلَوْ قُلْتَ: إِنَّمَا تَغَيَّرَتْ تِلْكَ الصِّفَاتُ لِتَغَيُّرِ تِلْكَ الطَّبِيعَةِ ، افْتَقَرَتْ تِلْكَ الطَّبِيعَةُ إِلَى خَالِقٍ وَمُوجِدٍ. وَثَالِثَتُهَا: تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَبِّرَ قَادِرٌ عَالِمٌ; لِأَنَّ الْمُوجِبَ وَالْجَاهِلَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ هَذِهِ الْأَفْعَالُ الْعَجِيبَةُ. وَرَابِعَتُهَا: تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ. وَخَامِسَتُهَا: تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30347_30336جَوَازِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ; نَظَرًا إِلَى صَرِيحِ الْآيَةِ وَنَظَرًا إِلَى أَنَّ الْفَاعِلَ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ وَعَالِمًا بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى إِعَادَةِ التَّرْكِيبِ إِلَى تِلْكَ الْأَجْزَاءِ كَمَا كَانَتْ. وَسَادِسَتُهَا: أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22311_22302مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ اسْتِدْلَالِيَّةً لَا تَقْلِيدِيَّةً وَإِلَّا لَكَانَ ذِكْرُ هَذِهِ الدَّلَائِلِ عَبَثًا.
النوع الثَّالِثُ: الِاسْتِدْلَالُ بِنُزُولِ الْأَمْطَارِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْثِيرَاتِهَا فِي النَّبَاتِ .