وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30ويحفظوا فروجهم ) فالمراد به عما لا يحل ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية أنه قال : كل ما في القرآن من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30ويحفظوا فروجهم ) ، ويحفظن فروجهن ، من الزنا إلا التي في النور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) أن لا ينظر إليها أحد ، وهذا ضعيف لأنه تخصيص من غير دلالة .
والذي يقتضيه الظاهر أن يكون المعنى حفظها عن سائر ما حرم الله عليه من الزنا والمس والنظر ، وعلى أنه إن كان المراد حظر النظر فالمس والوطء أيضا مرادان بالآية ، إذ هما أغلظ من النظر ، فلو نص الله تعالى على النظر لكان في مفهوم الخطاب ما يوجب
nindex.php?page=treesubj&link=18081_19457حظر الوطء والمس ، كما أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف ) [ الإسراء : 23 ] اقتضى حظر ما فوق ذلك من السب والضرب .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30ذلك أزكى لهم ) [ النور : 30 ] أي تمسكهم بذلك أزكى لهم وأطهر ، لأنه من باب ما يزكون به ويستحقون الثناء والمدح ، ويمكن أن يقال إنه تعالى خص في الخطاب المؤمنين لما أراده من تزكيتهم بذلك ، ولا يليق ذلك بالكافر .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) فالقول فيه على ما تقدم ، فإن قيل فلم قدم غض الأبصار على حفظ الفروج ، قلنا لأن
nindex.php?page=treesubj&link=27141النظر بريد الزنا ورائد الفجور والبلوى فيه أشد وأكثر ، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) فمن
nindex.php?page=treesubj&link=17468_17589الأحكام التي تختص بها النساء في الأغلب ، وإنما قلنا في الأغلب لأنه
nindex.php?page=treesubj&link=17468محرم على الرجل أن يبدي زينته حليا ولباسا إلى غير ذلك للنساء الأجنبيات ، لما فيه من الفتنة وهاهنا مسائل :
[ ص: 179 ] المسألة الأولى : اختلفوا في المراد بزينتهن ، واعلم أن الزينة اسم يقع على محاسن الخلق التي خلقها الله تعالى وعلى سائر ما يتزين به الإنسان من فضل لباس أو حلي وغير ذلك ، وأنكر بعضهم
nindex.php?page=treesubj&link=17591_17460وقوع اسم الزينة على الخلقة ، لأنه لا يكاد يقال في الخلقة إنها من زينتها . وإنما يقال ذلك فيما تكتسبه من كحل وخضاب وغيره ، والأقرب أن الخلقة داخلة في الزينة ، ويدل عليها وجهان :
الأول : أن الكثير من النساء ينفردن بخلقتهن عن سائر ما يعد زينة ، فإذا حملناه على الخلقة وفينا العموم حقه ، ولا يمنع دخول ما عدا الخلقة فيه أيضا .
الثاني : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=17460المراد بالزينة ما يعم الخلقة وغيرها فكأنه تعالى منعهن من إظهار محاسن خلقتهن بأن أوجب سترها بالخمار ، وأما الذين قالوا الزينة عبارة عما سوى الخلقة فقد حصروه في أمور ثلاثة :
أحدها : الأصباغ كالكحل والخضاب بالوسمة في حاجبيها والغمرة في خديها والحناء في كفيها وقدميها .
وثانيها : الحلى كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط .
وثالثها : الثياب قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد ) [ الأعراف : 31 ] وأراد الثياب .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) فَالْمُرَادُ بِهِ عَمَّا لَا يَحِلُّ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ قَالَ : كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) ، وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ، مِنَ الزِّنَا إِلَّا الَّتِي فِي النُّورِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَيْهَا أَحَدٌ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ .
وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى حِفْظُهَا عَنْ سَائِرِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الزِّنَا وَالْمَسِّ وَالنَّظَرِ ، وَعَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ حَظْرَ النَّظَرِ فَالْمَسُّ وَالْوَطْءُ أَيْضًا مُرَادَانِ بِالْآيَةِ ، إِذْ هُمَا أَغْلَظُ مِنَ النَّظَرِ ، فَلَوْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّظَرِ لَكَانَ فِي مَفْهُومِ الْخِطَابِ مَا يُوجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=18081_19457حَظْرَ الْوَطْءِ وَالْمَسِّ ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ) [ الْإِسْرَاءِ : 23 ] اقْتَضَى حَظْرَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ السَّبِّ وَالضَّرْبِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ) [ النُّورِ : 30 ] أَيْ تَمَسُّكُهُمْ بِذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ وَأَطْهَرُ ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ مَا يُزَكَّوْنَ بِهِ وَيَسْتَحِقُّونَ الثَّنَاءَ وَالْمَدْحَ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ تَعَالَى خَصَّ فِي الْخِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ لِمَا أَرَادَهُ مِنْ تَزْكِيَتِهِمْ بِذَلِكَ ، وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِالْكَافِرِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) فَالْقَوْلُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ قُدِّمَ غَضُّ الْأَبْصَارِ عَلَى حِفْظِ الْفُرُوجِ ، قُلْنَا لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27141النَّظَرَ بَرِيدُ الزِّنَا وَرَائِدُ الْفُجُورِ وَالْبَلْوَى فِيهِ أَشَدُّ وَأَكْثَرُ ، وَلَا يَكَادُ يُقْدَرُ عَلَى الِاحْتِرَاسِ مِنْهُ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) فَمِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=17468_17589الْأَحْكَامِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِهَا النِّسَاءُ فِي الْأَغْلَبِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْأَغْلَبِ لِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=17468مُحَرَّمٌ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُبْدِيَ زِينَتَهُ حُلِيًّا وَلِبَاسًا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَهَاهُنَا مَسَائِلُ :
[ ص: 179 ] المسألة الْأُولَى : اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِزِينَتِهِنَّ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الزِّينَةَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى مَحَاسِنِ الْخَلْقِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى سَائِرِ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ فَضْلِ لِبَاسٍ أَوْ حُلِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=17591_17460وُقُوعَ اسْمِ الزِّينَةِ عَلَى الْخِلْقَةِ ، لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقَالُ فِي الْخِلْقَةِ إِنَّهَا مِنْ زِينَتِهَا . وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِيمَا تَكْتَسِبُهُ مِنْ كُحْلٍ وَخِضَابٍ وَغَيْرِهِ ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْخِلْقَةَ دَاخِلَةٌ فِي الزِّينَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْكَثِيرَ مِنَ النِّسَاءِ يَنْفَرِدْنَ بِخِلْقَتِهِنَّ عَنْ سَائِرِ مَا يُعَدُّ زِينَةً ، فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْخِلْقَةِ وَفَّيْنَا الْعُمُومَ حَقَّهُ ، وَلَا يُمْنَعُ دُخُولُ مَا عَدَا الْخِلْقَةَ فِيهِ أَيْضًا .
الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=17460الْمُرَادَ بِالزِّينَةِ مَا يَعُمُّ الْخِلْقَةَ وَغَيْرَهَا فَكَأَنَّهُ تَعَالَى مَنَعَهُنَّ مِنْ إِظْهَارِ مَحَاسِنِ خِلْقَتِهِنَّ بِأَنْ أَوْجَبَ سَتْرَهَا بِالْخِمَارِ ، وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا الزِّينَةُ عِبَارَةٌ عَمَّا سِوَى الْخِلْقَةِ فَقَدْ حَصَرُوهُ فِي أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ :
أَحَدُهَا : الْأَصْبَاغُ كَالْكُحْلِ وَالْخِضَابِ بِالْوَسْمَةِ فِي حَاجِبَيْهَا وَالْغَمْرَةِ فِي خَدَّيْهَا وَالْحِنَّاءِ فِي كَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا .
وَثَانِيهَا : الْحُلِىُّ كَالْخَاتَمِ وَالسُّوَارِ وَالْخَلْخَالِ وَالدُّمْلُجِ وَالْقِلَادَةِ وَالْإِكْلِيلِ وَالْوِشَاحِ وَالْقُرْطِ .
وَثَالِثُهَا : الثِّيَابُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) [ الْأَعْرَافِ : 31 ] وَأَرَادَ الثِّيَابَ .