المسألة الثانية : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى ) [ النور : 32 ] أمر وظاهر الأمر للوجوب على ما بيناه مرارا ، فيدل على أن الولي يجب عليه تزويج مولاته وإذا ثبت هذا وجب أن لا يجوز النكاح إلا بولي ، إما لأن كل من أوجب ذلك على الولي حكم بأنه لا يصح من المولية ، وإما لأن المولية لو فعلت ذلك لفوتت على الولي التمكن من أداء هذا الواجب وأنه غير جائز ، وإما لتطابق هذه الآية مع الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013444إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي هذه الآية وإن اقتضت بظاهرها الإيجاب إلا أنه أجمع السلف على أنه لم يرد به الإيجاب ، ويدل عليه أمور :
[ ص: 184 ] أحدها : أنه لو كان ذلك واجبا لورد النقل بفعله من النبي صلى الله عليه وسلم ومن السلف مستفيضا شائعا لعموم الحاجة إليه ، فلما وجدنا عصر النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأعصار بعده قد كان في الناس أيامى من الرجال والنساء ، فلم ينكروا عدم تزويجهن ثبت أنه ما أريد به الإيجاب .
وثانيها : أجمعنا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=26905_11051الأيم الثيب لو أبت التزوج لم يكن للولي إجبارها عليه .
وثالثها :
nindex.php?page=treesubj&link=26905_11044اتفاق الكل على أنه لا يجبر على تزويج عبده وأمته وهو معطوف على الأيامى ، فدل على أنه غير واجب في الجميع بل ندب في الجميع .
ورابعها : أن اسم الأيامى ينتظم فيه الرجال والنساء وهو في الرجال ما أريد به الأولياء دون غيرهم كذلك في النساء.
والجواب : أن جميع ما ذكرته تخصيصات تطرقت إلى الآية والعام بعد التخصيص يبقى حجة ، فوجب أن يبقى حجة فيما إذا التمست المرأة الأيم من الولي التزويج وجب ، وحينئذ ينتظم وجه الكلام .
المسألة الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى ) [ النُّورِ : 32 ] أَمْرٌ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِرَارًا ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَجِبُ عَلَيْهِ تَزْوِيجُ مَوْلَاتِهِ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ النِّكَاحُ إِلَّا بِوَلِيٍّ ، إِمَّا لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى الْوَلِيِّ حَكَمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنَ الْمُوَلِّيَةِ ، وَإِمَّا لِأَنَّ الْمُوَلِّيَةَ لَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَفَوَّتَتْ عَلَى الْوَلِيِّ التَّمَكُّنَ مِنْ أَدَاءِ هَذَا الْوَاجِبِ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَإِمَّا لِتَطَابُقِ هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013444إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنِ اقْتَضَتْ بِظَاهِرِهَا الْإِيجَابَ إِلَّا أَنَّهُ أَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ الْإِيجَابُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أُمُورٌ :
[ ص: 184 ] أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لَوَرَدَ النَّقْلُ بِفِعْلِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنَ السَّلَفِ مُسْتَفِيضًا شَائِعًا لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا وَجَدْنَا عَصْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرَ الْأَعْصَارِ بَعْدَهُ قَدْ كَانَ فِي النَّاسِ أَيَامَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، فَلَمْ يُنْكِرُوا عَدَمَ تَزْوِيجِهِنَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مَا أُرِيدَ بِهِ الْإِيجَابُ .
وَثَانِيهَا : أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26905_11051الْأَيِّمَ الثَّيِّبَ لَوْ أَبَتِ التَّزَوُّجَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ إِجْبَارُهَا عَلَيْهِ .
وَثَالِثُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=26905_11044اتِّفَاقُ الْكُلِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَيَامَى ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْجَمِيعِ بَلْ نَدْبٌ فِي الْجَمِيعِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّ اسْمَ الْأَيَامَى يَنْتَظِمُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَهُوَ فِي الرِّجَالِ مَا أُرِيدَ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ دُونَ غَيْرِهِمْ كَذَلِكَ فِي النِّسَاءِ.
وَالْجَوَابُ : أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرْتُهُ تَخْصِيصَاتٌ تَطَرَّقَتْ إِلَى الْآيَةِ وَالْعَامُّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ يَبْقَى حُجَّةً ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى حُجَّةً فِيمَا إِذَا الْتَمَسَتِ الْمَرْأَةُ الْأَيِّمُ مِنَ الْوَلِيِّ التَّزْوِيجَ وَجَبَ ، وَحِينَئِذٍ يَنْتَظِمُ وَجْهُ الْكَلَامِ .