الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : هذا جواب عن قولهم : ( مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) [الفرقان : 7] بين الله تعالى أن هذه عادة مستمرة من الله في كل رسله ، فلا وجه لهذا الطعن .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : حق الكلام أن يقال : " ألا أنهم " بفتح الألف ؛ لأنه متوسط ، والمكسورة لا تليق إلا بالابتداء ، فلأجل هذا ذكروا وجوها :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : قال الزجاج : الجملة بعد ( إلا ) صفة لموصوف محذوف ، والمعنى : وما أرسلنا قبلك أحدا من المرسلين إلا آكلين وماشين ، وإنما حذف لأن في قوله : ( من المرسلين ) دليلا عليه ، ونظيره قوله تعالى : ( وما منا إلا له مقام معلوم ) [الصافات : 164] على معنى : وما منا أحد .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قال الفراء : إنه صلة لاسم متروك اكتفي بقوله : ( من المرسلين ) عنه ، والمعنى : إلا من أنهم ؛ كقوله : ( وما منا إلا له مقام معلوم ) أي من له مقام معلوم ، وكذلك قوله : ( وإن منكم إلا واردها ) [مريم : 71] أي إلا من يردها ، فعلى قول الزجاج : الموصوف محذوف ، وعلى قول الفراء : الموصول هو المحذوف . ولا يجوز حذف الموصول وتبقية الصلة عند البصريين .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قال ابن الأنباري : تكسر إن بعد الاستثناء بإضمار واو ، على تقدير إلا وإنهم .

                                                                                                                                                                                                                                            رابعها : قال بعضهم : المعنى إلا قيل : إنهم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قرئ : " يمشون " على البناء للمفعول ؛ أي يمشيهم حوائجهم أو الناس ، ولو قرئ : " يمشون " لكان أوجه لولا الرواية .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية