الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 231 ] الفصل الثامن

                                                                                                                                                                                                                                            في السبب المقتضي لاشتمال بسم الله الرحمن الرحيم على الأسماء الثلاثة

                                                                                                                                                                                                                                            وفيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            ( الأول ) : لا شك أنه تعالى يتجلى لعقول الخلق ، إلا أن لذلك التجلي ثلاث مراتب : فإنه في أول الأمر يتجلى بأفعاله وآياته ، وفي وسط الأمر يتجلى بصفاته ، وفي آخر الأمر يتجلى بذاته ، قيل إنه تعالى يتجلى لعامة عباده بأفعاله وآياته ، قال : ( ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام ) [ الشورى : 32 ] وقال : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات ) [ آل عمران : 190 ] ثم يتجلى لأوليائه بصفاته قال : ( ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا ) [ آل عمران : 191 ] ويتجلى لأكابر الأنبياء ورؤساء الملائكة بذاته ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) [ الأنعام : 91 ] إذا عرفت هذا فنقول : اسم الله عز وجل أقوى الأسماء في تجلي ذاته لأنه أظهر الأسماء في اللفظ ، وأبعدها معنى عن العقول ، فهو ظاهر باطن ، يعسر إنكاره ولا تدرك أسراره ، قال الحسين بن منصور الحلاج :


                                                                                                                                                                                                                                            اسم مع الخلق قد تاهوا به ولها ليعلموا منه معنى من معانيه     والله ما وصلوا منه إلى سبب
                                                                                                                                                                                                                                            حتى يكون الذي أبداه مبديه



                                                                                                                                                                                                                                            وقال أيضا :


                                                                                                                                                                                                                                            يا سر سر يدق حتى     يخفى على وهم كل حي
                                                                                                                                                                                                                                            فظاهرا باطنا تجلى     لكل شيء بكل شي



                                                                                                                                                                                                                                            وأما اسمه الرحمن فهو يفيد تجلي الحق بصفاته العالية ؛ ولذلك قال : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ الإسراء : 110 ] وأما اسمه الرحيم فهو يفيد تجلي الحق بأفعاله وآياته ولهذا السبب قال ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) [ غافر : 7 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية