المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=461_25الماء المستعمل إما أن يكون مستعملا في أعضاء الوضوء ، أو في غسل الثياب ، أما المستعمل في أعضاء الوضوء فإما أن يكون مستعملا فيما كان فرضا وعبادة ، أو فيما كان فرضا ولا يكون عبادة ، أو فيما كان عبادة ولا يكون فرضا ، أو فيما لا يكون فرضا ولا عبادة .
أما القسم الأول : وهو المستعمل فيما كان فرضا وعبادة ، فهو غير مطهر باتفاق أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وأما القسم الثاني : فهو كالماء الذي استعملته الذمية التي تحت الزوج المسلم ، أي في غسل حيضها ليحل للزوج غشيانها .
وأما القسم الثالث : فهو كالماء المستعمل في الكرة الثانية والثالثة ، والماء المستعمل في تجديد الوضوء ، والماء المستعمل في الأغسال المسنونة ، فلأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذين القسمين وجهان .
وأما القسم الرابع : فهو كالماء المستعمل في الكرة الرابعة ، وفي التبرد والتنظف ، فذاك باتفاق أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي غير مستعمل ، وهو طاهر مطهر .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=25_461الماء المستعمل في غسل الثياب ، فإذا غسل ثوبا من نجاسة وطهر بغسلة واحدة ، يستحب أن يغسله ثلاثا ، فالمنفصل في الكرة الثانية والثالثة مطهر على الأصح .
القسم الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=458_25491الماء الذي يتغير ، فنقول : الماء إذا تغير فإما أن يتغير بنفسه أو بغيره ، أما الأول فكالمتغير بطول المكث ، فيجوز الوضوء به ؛ لأنه عليه السلام كان يتوضأ من
بئر ( قضاعة ) ، وكان ماؤها كأنه نقاعة الحناء ، وأما المتغير بسبب غيره فذلك الغير إما أن لا يكون متصلا به أو يكون متصلا به . أما الذي لا يكون متصلا به فهو كما لو وقع بقرب الماء جيفة ، فصار الماء منتنا بسببها ، فهو أيضا مطهر ، وأما إذا تغير بسبب شيء متصل به فذلك المتصل إما أن يكون طاهرا أو نجسا .
القسم الأول : إذا كان طاهرا فهو إما أن لا يخالطه أو يخالطه ، فإن لم يخالطه فهو كالماء المتغير بسبب وقوع الدهن والطيب والعود والعنبر والكافور الصلب فيه ، وهذا أيضا مطهر ، كما لو كان بقرب الماء جيفة ، ولأن الطهورية ثبتت بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ، والأصل في الثابت بقاؤه ، وأما المتغير بسبب شيء يخالطه ، فذلك المخالط إما أن لا يمكن صون الماء عنه أو يمكن ، أما الذي لا يمكن فكالمتغير بالتراب والحمأة والأوراق التي تقع فيه والطحلب الذي يتولد فيه ، وهذا أيضا مطهر ؛ لأن الطهورية ثبتت بالآية ، والاحتراز عن ذلك عسير ، فيكون مرفوعا لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج ) [الحج : 78] ، وكذا لو جرى الماء في طريقه على معدن زرنيخ أو نورة أو كحل ، أو وقع شيء منها فيه ، أو نبع من معادنها ، أما إذا تغير الماء] بسبب مخالطة ما يستغني الماء عن جنسه نظر إن كان التغير قليلا ، بحيث لا يضاف الماء إليه ، بأن وقع فيه زعفران فاصفر قليلا ، أو دقيق فابيض قليلا ، جاز الوضوء به على الصحيح من
[ ص: 82 ] المذهب ; لأنه لم يسلبه إطلاق اسم الماء ، وأما إن كان التغير كثيرا فإن استحدث اسما جديدا كالمرقة لم يجز الوضوء به بالاتفاق ، وإن لم يستحدث اسما جديدا فعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يجوز الوضوء به ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يجوز .
حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من وجوه :
أحدها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013507أنه عليه السلام توضأ ثم قال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به فذلك الوضوء إن كان واقعا بالماء المتغير وجب أن لا يجوز إلا به ، وبالاتفاق ليس الأمر كذلك ، فثبت أنه كان بماء غير متغير ، وهو المطلوب .
وثانيها : أنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=456اختلط ماء الورد بالماء ثم توضأ الإنسان به ، فيحتمل أن بعض الأعضاء قد انغسل بماء الورد دون الماء ، وإذا كان كذلك فقد وقع الشك في حصول الوضوء ، وكان تيقن الحدث قائما ، والشك لا يعارض اليقين ، فوجب أن يبقى على الحدث ، بخلاف ما إذا كان قليلا لا يظهر أثره فإنه صار كالمعدوم ، أما إذا ظهر أثره علمنا أنه باق ، فيتوجه ما ذكرناه .
وثالثها : أن الوضوء تعبد لا يعقل معناه ، فإنه لو
nindex.php?page=treesubj&link=456_10توضأ بماء الورد لا يصح وضوءه ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=10_458توضأ بالماء الكدر المتعفن صح وضوءه . وما لا يعقل معناه وجب الاقتصار فيه على مورد النص وترك القياس .
حجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وجوه :
أحدها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) دلت الآية على كون الماء مطهرا ، والأصل في الثابت بقاؤه ، فوجب بقاء هذه الصفة بعد التغير بالمخالطة .
وثانيها : قوله تعالى : ( فاغسلوا ) [المائدة : 6] أمر بمطلق الغسل ، وقد أتى به فوجب أن يخرج عن العهدة ، وقد بينا تقرير هذا الوجه فيما تقدم .
وثالثها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فلم تجدوا ماء فتيمموا ) [النساء : 43] علق جواز التيمم بعدم وجدان الماء ، وواجد هذا الماء المتغير واجد للماء ؛ لأن الماء المتغير ماء مع صفة التغير ، والموصوف موجود حال وجود الصفة ، فوجب أن لا يجوز له التيمم .
ورابعها : قوله عليه السلام في البحر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013508هو الطهور ماؤه ظاهره يقتضي جواز الطهارة به وإن خالطه غيره ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق ذلك .
وخامسها : أنه عليه السلام أباح
nindex.php?page=treesubj&link=26980_459_10الوضوء بسؤر الهرة وسؤر الحائض ، وإن خالطه شيء من لعابهما .
وسادسها : لا خلاف في
nindex.php?page=treesubj&link=10الوضوء بماء المدر والسيول مع تغير لونه بمخالطة الطين وما يكون في الصحاري من الحشيش والنبات ، ومن أجل مخالطة ذلك له يرى تارة متغيرا إلى السواد ، وأخرى إلى الحمرة والصفرة ، فصار ذلك أصلا في جميع ما خالط الماء إذا لم يغلب عليه فيسلبه اسم الماء .
القسم الثاني : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=26972_26973كان المخالط للماء شيئا نجسا ، فمن الناس من زعم أن الماء لا ينجس ما لم يتغير بالنجاسة ، سواء كان قليلا أو كثيرا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ومالك وداود ، وإليه مال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الشيخ الغزالي في كتاب " الإحياء" ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي : مذهب أصحابنا أن كل ما تيقنا فيه جزءا من النجاسة أو غلب على الظن ذلك لم يجز استعماله ، ولا يختلف على هذا الحد ماء البحر وماء البئر والغدير والراكد والجاري ، لأن ماء البحر لو وقعت فيه نجاسة لم يجز استعمال الماء الذي فيه النجاسة ، وكذلك الماء الجاري ، وأما اعتبار أصحابنا للغدير الذي إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك الطرف الآخر ، فإنما هو كلام في جهة تغليب الظن في بلوغ النجاسة الواقعة في أحد طرفيه إلى الطرف الآخر ، وليس هو كلامنا في أن بعض المياه الذي فيه النجاسة قد يجوز استعمالها ، وبعضها لا يجوز استعماله ، هذا كله كلام
أبي بكر .
وأقول : من الناس من فرق بين القليل والكثير ، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر : "إذا كان الماء أربعين قلة لم ينجسه شيء" ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : "الحوض لا يغتسل فيه جنب إلا أن يكون فيه أربعون غربا" ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، وقال
[ ص: 83 ] مسروق وابن سيرين : إذا كان الماء كثيرا لا ينجسه شيء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : الماء الراكد لا ينجسه شيء إذا كان قدر ثلاث قلال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا كان الماء قلتين بقلال هجر لم ينجسه إلا ما غير طعمه أو ريحه أو لونه ، وإن كان أقل ينجس لظهور النجاسة فيه .
واعلم أنه يمكن التمسك لنصرة قول
مالك بوجوه :
أحدها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ترك العمل به في الماء الذي تغير لونه أو طعمه أو ريحه ؛ لظهور النجاسة فيه ، فيبقى فيما عداه على الأصل .
وثانيها : قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013509خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه وهو نص في الباب .
وثالثها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فاغسلوا وجوهكم ) [ المائدة : 6] المتوضئ بهذا الماء قد غسل وجهه ، فيكون آتيا بما أمر به ، فيخرج عن العهدة .
ورابعها : أن من شأن كل مختلطين كان أحدهما غالبا على الآخر أن يتكيف المغلوب بكيفية الغالب ، فالقطرة من الخل لو وقعت في الماء الكثير بطلت صفة الخلية عنها واتصفت بصفة الماء ، وكون أحدهما غالبا على الآخر إنما يعرف بغلبة الخواص والآثار المحسوسة ، وهي الطعم أو اللون أو الريح ، فلا جرم مهما ظهر طعم النجاسة أو لونها أو ريحها كانت النجاسة غالبة على الماء ، وكان الماء مستهلكا فيها ، فلا جرم يغلب حكم النجاسة ، فإذا لم يظهر شيء من ذلك كان الغالب هو الماء ، وكانت النجاسة مستهلكة فيه ، فيغلب حكم الطهارة .
وخامسها : ما روي عن
عمر أنه
nindex.php?page=treesubj&link=551توضأ من جرة نصرانية ، مع أن نجاسة أواني
النصارى معلومة بظن قريب من العلم ، وذلك يدل على أن
عمر لم يعول إلا على عدم التغير .
وسادسها : أن تقدير الماء بمقدار معلوم ولو كان معتبرا كالقلتين عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعشر في عشر عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه ، لكان أولى المواضع بالطهارة
مكة والمدينة ؛ لأنه لا تكثر المياه هناك ، لا الجارية ولا الراكدة الكثيرة ، ومن أول عصر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصر الصحابة لم ينقل أنهم خاضوا في تقدير المياه بالمقادير المعينة ، ولا أنهم سألوا عن كيفية حفظ المياه عن النجاسات ، وكانت أواني مياههم يتعاطاها الصبيان والإماء الذين لا يحترزون عن النجاسات .
وسابعها : إصغاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الإناء للهرة ،
nindex.php?page=treesubj&link=26980وعدم منعهم الهرة من شرب الماء من أوانيهم بعد أن كانوا يرون أنه تأكل الفأرة ، ولم يكن في بلادهم حياض تلغ السنانير فيها ، وكانت لا تنزل إلى الآبار .
وثامنها : أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نص على أن غسالة النجاسات طاهرة إذا لم تتغير ونجسة إذا تغيرت ، وأي فرق بين أن يلاقي الماء النجاسة بالورود عليها أو بورودها عليه ؟ وأي معنى لقول القائل : إن قوة الورود تدفع النجاسة ، مع أن قوة الورود لم تمنع المخالطة .
وتاسعها : أنهم كانوا يستنجون على أطراف المياه الجارية القليلة ، ولا خلاف أن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إذا
nindex.php?page=treesubj&link=26972وقع بول في ماء جار ولم يتغير أنه يجوز الوضوء به ، وإن كان قليلا ، وأي فرق بين الجاري والراكد ؟ وليت شعري الحوالة على عدم التغير أولى أو على قوة الماء بسبب الجريان ؟
وعاشرها : إذا وقع بول في قلتين ، ثم فرقتا ، فكل كوز يؤخذ منه فهو طاهر على قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ومعلوم أن البول منتشر فيه ، وهو قليل ، فأي فرق بينه إذا وقع ذلك القليل في ذلك القدر من الماء ابتداء ، وبينه إذا وصل إليه عند اتصال غيره به ؟
وحادي عشرها : أن الحمامات لم تزل في الأعصار الخالية يتوضأ فيها المتقشفون ويغمسون الأيدي والأواني في ذلك القليل من الماء من تلك الحياض ، مع علمهم بأن الأيدي الطاهرة والنجسة كانت تتوارد عليها ، ولو كان التقدير بالقلتين معتبرا لاشتهر ذلك ولبلغ ذلك إلى حد التواتر ؛ لأن الأمر الذي تشتد حاجة الجمهور إليه يجب بلوغ نقله إلى حد التواتر ، لما لم يكن كذلك علمنا أنه غير معتبر .
وثاني عشرها : أنا لو حكمنا بنجاسة الماء فلا يمكننا أن نحكم بنجاسة الماء إن كان في غاية
[ ص: 84 ] الكثرة مثل ماء الأودية العظيمة والغدران الكبار فإن ذلك بالإجماع باطل ، فلا بد من التقدير بمقدار معين ، وقد نقلنا عن الناس تقديرات مختلفة ، فليس بعضها أولى من بعض ، فوجب التعارض والتساقط ، أما تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة بعشر في عشر فمعلوم أنه مجرد تحكم ، وأما تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالقلتين بناء على قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013510إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا فضعيف أيضا ؛ لأن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لما روى هذا الخبر قال : أخبرني رجل . فيكون الراوي مجهولا ، ويكون الحديث مرسلا ، وهو عنده ليس بحجة ، وأيضا زعم كثير من المحدثين أنه موقوف على
ابن عمر رضي الله عنه ، سلمنا صحة الرواية ، لكنه إحالة مجهول على مجهول ؛ لأن القلة غير معلومة ؛ فإنها تصلح للكوز والجرة ، ولكل ما نقل باليد ، وهو أيضا اسم لهامة الرجل ولقلة الجبل ، سلمنا كون القلة معلومة ، لكن في متن الخبر اضطراب ؛ فإنه روي إذا بلغ الماء قلتين ، وروي إذا بلغ قلة ، وروي أربعين قلة ، وروي إذا بلغ قلتين أو ثلاثا ، وروي إذا بلغ كوزين سلمنا صحة المتن ، ولكنه متروك الظاهر ؛ لأن قوله : لم يحمل خبثا لا يمكن إجراؤه على ظاهره ; فإن الخبث إذا ورد عليه فقد حمله ، سلمنا إمكان إجرائه على ظاهره ، لكن الخبث على قسمين : خبث شرعي وخبث حقيقي ، والاسم إذا دار بين المسمى اللغوي والمسمى الشرعي ، كان حمله على المسمى اللغوي أولى ; لأن الاسم حقيقة في المسمى اللغوي مجاز في المسمى الشرعي ؛ دفعا للاشتراك والنقل ، وإذا كان كذلك وجب حمله عليه ، والمسمى اللغوي للخبث المستقذر بالطبع قال عليه السلام :
ما استخبثته العرب فهو حرام إذا ثبت هذا فنقول : معنى قوله : لم يحمل خبثا أي لا يصير مستقذرا طبعا ، ونحن نقول بموجبه : لكن لم قلت : إنه لا ينجس شرعا ، سلمنا أن المراد من الخبث النجاسة الشرعية ، لكن قوله : لم يحمل خبثا أي يضعف عن حمله ، ومعنى الضعف تأثره به ، فيكون هذا دليلا على صيرورته نجسا ، لا على بقائه طاهرا . لا يقال : الجواب عن هذه الأسئلة أن يقال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإن لم يذكر اسم الراوي في بعض المواضع فقد ذكره في سائر المواضع ، فخرج عن كونه مرسلا ، ولأن سائر المحدثين قد عينوا اسم الراوي . قوله : إنه موقوف على
ابن عمر . قلنا : لا نسلم ; فإن
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين قال : إنه جيد الإسناد ، فقيل له : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية وقفه على
ابن عمر . فقال : إن كان
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية وقفه
nindex.php?page=showalam&ids=15744فحماد بن سلمة رفعه . وقوله : القلة مجهولة . قلنا : لا نسلم ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال في روايته : بقلال
هجر . ثم قال : وقد شاهدت قلال
هجر فكانت القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا . قوله : في متنه اضطراب . قلنا : لا نسلم ; لأنا وأنتم توافقنا على أن سائر المقادير غير معتبرة ، فيبقى ما ذكرناه معتبرا . قوله : إنه متروك الظاهر . قلنا : إذا حملناه على الخبث الشرعي اندفع ذلك ، وذلك أولى ؛ لأن حمل كلام الشرع على الفائدة الشرعية أولى من حمله على المعنى العقلي ، لا سيما وفي حمله على المعنى العقلي يلزم التعطيل . قوله : المراد أنه يضعف عن حمله ، قلنا : صح في بعض الروايات أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013512إذا كان الماء قلتين لم ينجس ، ولأنه عليه السلام جعل القلتين شرطا لهذا الحكم ، والمعلق على الشرط عدم عند عدم الشرط ، وعلى ما ذكروه لا يبقى للقلتين فائدة ; لأنا نقول : لا شك أن هذا الخبر بتقدير الصحة يقتضي تخصيص عموم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ، وعموم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6ولكن يريد ليطهركم ) [المائدة : 6] ، وعموم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فاغسلوا وجوهكم ) [ المائدة : 6] وعموم قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013513خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء ، وهذا المتخصص لا بد وأن يكون بعيدا عن الاحتمال والاشتباه ، وقلال
هجر مجهولة . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا ليس بحجة; لأن القلة كما أنها مجهولة فكذا القربة مجهولة ؛ فإنها قد تكون كبيرة ، وقد تكون صغيرة ، ولأن الروايات أيضا مختلفة ، فتارة قال : إذا بلغ الماء قلتين ، وتارة أربعين قلة ، وتارة كوزين فإذا تدافعت
[ ص: 85 ] وتعارضت لم يجز تخصيص عموم الكتاب والسنة الظاهرة البعيدة عن الاحتمال بمثل هذا الخبر . هذا تمام الكلام في نصرة قول
مالك . واحتج من حكم بنجاسة
nindex.php?page=treesubj&link=448الماء الذي تقع النجاسة فيه بوجوه :
أولها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157ويحرم عليهم الخبائث ) [الأعراف : 157] والنجاسات من الخبائث ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=115إنما حرم عليكم الميتة والدم ) [ النحل : 115] ، وقال في الخمر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) [المائدة : 90] ومر عليه السلام بقبرين فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013514إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ؛ إن أحدهما كان nindex.php?page=treesubj&link=26891لا يستبرئ من البول ، والآخر كان nindex.php?page=treesubj&link=19028_19029_19035يمشي بالنميمة ، فحرم الله هذه الأشياء تحريما مطلقا ، ولم يفرق بين حال انفرادها واختلاطها بالماء ، فوجب تحريم استعمال كل ما يبقى فيه جزء من النجاسة ، أكثر ما في الباب أن الدلائل الدالة على كون الماء مطهرا تقتضي جواز الطهارة به ، ولكن تلك الدلائل مبيحة ، والدلائل التي ذكرناها حاظرة ،
nindex.php?page=treesubj&link=22589_22618والمبيح والحاظر إذا اجتمعا فالغلبة للحاظر ، ألا ترى أن الجارية بين رجلين لو كان لأحدهما منها مائة جزء وللآخر جزء واحد ، أن جهة الحظر فيها أولى من جهة الإباحة ، وأنه غير جائز لواحد منهما وطؤها ، فكذا ههنا .
وثانيها : قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013515لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه من الجنابة ذكره على الإطلاق من غير فرق بين القليل والكثير .
وثالثها : قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013516إذا استيقظ أحدكم من منامه فليغسل يده ثلاثا قبل أن يدخلها الإناء ؛ فإنه لا يدري أين باتت يده ، فأمر بغسل اليد احتياطا من نجاسة قد أصابته من موضع الاستنجاء ، ومعلوم أن مثلها إذا أدخلت الماء لم تغيره ، ولولا أنها تفسده ما كان للأمر بالاحتياط منها معنى .
ورابعها : قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012538nindex.php?page=treesubj&link=449إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا يدل بمفهومه على أنه إذا لم يبلغ قلتين وجب أن يحمل الخبث .
أجاب
مالك عن الوجه الأول ، فقال : لا نزاع في أنه يحرم استعمال النجاسة ، ولكن الجزء القليل من النجاسة المائعة إذا وقع في الماء لم يظهر فيه لونه ولا طعمه ولا رائحته ، فلم قلتم : إن تلك النجاسة بقيت ، ولم لا يجوز أن يقال : إنها انقلبت عن صفتها ؟ وتقريره ما قدمناه . وأما قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013517لا يبولن أحدكم في الماء الدائم فلم قلتم : إن هذا النهي ليس إلا لما ذكرتموه ، بل لعل النهي إنما كان لأنه ربما شربه إنسان ، وذلك مما ينفر طبعه عنه ، وليس الكلام في نفرة الطبع . وأما قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013518nindex.php?page=treesubj&link=32642إذا استيقظ أحدكم من منامه فليغسل يده ثلاثا فقد أجمعنا على أن هذا الأمر استحباب ، فالمرتب عليه كيف يكون أمر إيجاب ، ثم بتقدير أن يكون أمر إيجاب ، فلم قلتم : إنه لم يوجه ذلك الإيجاب إلا لما ذكرتموه ؟ وأما قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013519إذا بلغ الماء قلتين فقد سبق الكلام عليه ، ثم بعد النزول عن كل ما قلناه فهو تمسك بالمفهوم والنصوص التي ذكرناها منطوقة ، والمنطوق راجح على المفهوم ، والله أعلم .
النظر الثاني : في أن غير الماء هل هو طهور أم لا ؟ فقال
الأصم nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : يجوز الوضوء بجميع المائعات . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=472_27116الوضوء بنبيذ التمر في السفر ، وقال أيضا : تجوز إزالة النجاسة بجميع المائعات التي تزيل أعيان النجاسات . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : الطهورية مختصة بالماء على الإطلاق ، ودليله في صورة الحدث قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فلم تجدوا ماء فتيمموا ) [النساء : 43] أوجب
nindex.php?page=treesubj&link=312_320التيمم عند عدم الماء ، ولو جاز
nindex.php?page=treesubj&link=470الوضوء بالخل أو نبيذ التمر لما وجب التيمم عند عدم الماء ، وأما في صورة الخبث ، فلأن الخل لو أفاد طهارة الخبث لكان طهورا ؛ لأنه لا معنى للطهور إلا المطهر ، ولو كان طهورا لوجب أن يجوز به طهارة الحدث ؛ لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013520لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يضع الطهور مواضعه ، وكلمة "حتى " لانتهاء الغاية ، فوجب انتهاء عدم القبول عند استعمال الطهور ، وانتهاء عدم القبول يكون بحصول القبول ، فلو كان الخل طهورا لحصل باستعماله قبول الصلاة ، وحيث لم يحصل علمنا أن الطهورية في الخبث أيضا مختصة بالماء .
المسألة الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=461_25الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ، أَوْ فِي غَسْلِ الثِّيَابِ ، أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا كَانَ فَرْضًا وَعِبَادَةً ، أَوْ فِيمَا كَانَ فَرْضًا وَلَا يَكُونُ عِبَادَةً ، أَوْ فِيمَا كَانَ عِبَادَةً وَلَا يَكُونُ فَرْضًا ، أَوْ فِيمَا لَا يَكُونُ فَرْضًا وَلَا عِبَادَةً .
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ فَرْضًا وَعِبَادَةً ، فَهُوَ غَيْرُ مُطَهِّرٍ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : فَهُوَ كَالْمَاءِ الَّذِي اسْتَعْمَلَتْهُ الذِّمِّيَّةُ الَّتِي تَحْتَ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ ، أَيْ فِي غَسْلِ حَيْضِهَا لِيَحِلَّ لِلزَّوْجِ غِشْيَانُهَا .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ : فَهُوَ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْكَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ، وَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ ، وَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ ، فَلِأَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَجْهَانِ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ : فَهُوَ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْكَرَّةِ الرَّابِعَةِ ، وَفِي التَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ ، فَذَاكَ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ ، وَهُوَ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=25_461الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَسْلِ الثِّيَابِ ، فَإِذَا غَسَلَ ثَوْبًا مِنْ نَجَاسَةٍ وَطَهُرَ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، يُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْسِلَهُ ثَلَاثًا ، فَالْمُنْفَصِلُ فِي الْكَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُطَهِّرٌ عَلَى الْأَصَحِّ .
الْقِسْمُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=458_25491الْمَاءُ الَّذِي يَتَغَيَّرُ ، فَنَقُولُ : الْمَاءُ إِذَا تَغَيَّرَ فَإِمَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَالْمُتَغَيِّرِ بِطُولِ الْمُكْثِ ، فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ
بِئْرِ ( قُضَاعَةَ ) ، وَكَانَ مَاؤُهَا كَأَنَّهُ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ ، وَأَمًّا الْمُتَغَيِّرُ بِسَبَبِ غَيْرِهِ فَذَلِكَ الْغَيْرُ إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مُتَّصِلًا بِهِ أَوْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِهِ . أَمَّا الَّذِي لَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَعَ بِقُرْبِ الْمَاءِ جِيفَةٌ ، فَصَارَ الْمَاءُ مُنْتِنًا بِسَبَبِهَا ، فَهُوَ أَيْضًا مُطَهِّرٌ ، وَأَمَّا إِذَا تَغَيَّرَ بِسَبَبِ شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بِهِ فَذَلِكَ الْمُتَّصِلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا .
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : إِذَا كَانَ طَاهِرًا فَهُوَ إِمَّا أَنْ لَا يُخَالِطَهُ أَوْ يُخَالِطَهُ ، فَإِنْ لَمْ يُخَالِطْهُ فَهُوَ كَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِسَبَبِ وُقُوعِ الدُّهْنِ وَالطِّيبِ وَالْعُودِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ الصُّلْبِ فِيهِ ، وَهَذَا أَيْضًا مُطَهِّرٌ ، كَمَا لَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْمَاءِ جِيفَةٌ ، وَلِأَنَّ الطَّهُورِيَّةَ ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) ، وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ بَقَاؤُهُ ، وَأَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِسَبَبِ شَيْءٍ يُخَالِطُهُ ، فَذَلِكَ الْمُخَالِطُ إِمَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ أَوْ يُمْكِنَ ، أَمَّا الَّذِي لَا يُمْكِنُ فَكَالْمُتَغَيِّرِ بِالتُّرَابِ وَالْحَمْأَةِ وَالْأَوْرَاقِ الَّتِي تَقَعُ فِيهِ وَالطُّحْلُبِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ فِيهِ ، وَهَذَا أَيْضًا مُطَهِّرٌ ؛ لِأَنَّ الطَّهُورِيَّةَ ثَبَتَتْ بِالْآيَةِ ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ عَسِيرٌ ، فَيَكُونُ مَرْفُوعًا لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [الْحَجِّ : 78] ، وَكَذَا لَوْ جَرَى الْمَاءُ فِي طَرِيقِهِ عَلَى مَعْدِنِ زِرْنِيخٍ أَوْ نُورَةٍ أَوْ كُحْلٍ ، أَوْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْهَا فِيهِ ، أَوْ نَبَعَ مِنْ مَعَادِنِهَا ، أَمَّا إِذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ] بِسَبَبِ مُخَالَطَةِ مَا يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْ جِنْسِهِ نُظِرَ إِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ قَلِيلًا ، بِحَيْثُ لَا يُضَافُ الْمَاءُ إِلَيْهِ ، بِأَنْ وَقَعَ فِيهِ زَعْفَرَانٌ فَاصْفَرَّ قَلِيلًا ، أَوْ دَقِيقٌ فَابْيَضَّ قَلِيلًا ، جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ
[ ص: 82 ] الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلُبْهُ إِطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ كَثِيرًا فَإِنِ اسْتَحْدَثَ اسْمًا جَدِيدًا كَالْمَرَقَةِ لَمْ يَجُزِ الْوُضُوءُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْدِثِ اسْمًا جَدِيدًا فَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ .
حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013507أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوَضَّأَ ثم قال : هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ فَذَلِكَ الْوُضُوءُ إِنْ كَانَ وَاقِعًا بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ إِلَّا بِهِ ، وَبِالِاتِّفَاقِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ بِمَاءٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=456اخْتَلَطَ مَاءُ الْوَرْدِ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَوَضَّأَ الْإِنْسَانُ بِهِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَ الْأَعْضَاءِ قَدِ انْغَسَلَ بِمَاءِ الْوَرْدِ دُونَ الْمَاءِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي حُصُولِ الْوُضُوءِ ، وَكَانَ تَيَقُّنُ الْحَدَثِ قَائِمًا ، وَالشَّكُّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثِ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ قَلِيلًا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فَإِنَّهُ صَارَ كَالْمَعْدُومِ ، أَمَّا إِذَا ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ بَاقٍ ، فَيَتَوَجَّهُ مَا ذَكَرْنَاهُ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْوُضُوءَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ ، فَإِنَّهُ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=456_10تَوَضَّأَ بِمَاءِ الْوَرْدِ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10_458تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْكَدِرِ الْمُتَعَفِّنِ صَحَّ وُضُوءُهُ . وَمَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَتَرْكِ الْقِيَاسِ .
حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى كَوْنِ الْمَاءِ مُطَهِّرًا ، وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ بَقَاؤُهُ ، فَوَجَبَ بَقَاءُ هَذِهِ الصِّفَةِ بَعْدَ التَّغَيُّرِ بِالْمُخَالَطَةِ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : ( فَاغْسِلُوا ) [الْمَائِدَةِ : 6] أَمْرٌ بِمُطْلَقِ الْغَسْلِ ، وَقَدْ أَتَى بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُخْرَجَ عَنِ الْعُهْدَةِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا تَقْرِيرَ هَذَا الوجه فِيمَا تَقَدَّمَ .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) [النِّسَاءِ : 43] عَلَّقَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ بِعَدَمِ وِجْدَانِ الْمَاءِ ، وَوَاجِدُ هَذَا الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ مَاءٌ مَعَ صِفَةِ التَّغَيُّرِ ، وَالْمَوْصُوفُ مَوْجُودٌ حَالَ وُجُودِ الصِّفَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ التَّيَمُّمُ .
وَرَابِعُهَا : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبَحْرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013508هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الطَّهَارَةِ بِهِ وَإِنْ خَالَطَهُ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ ذَلِكَ .
وَخَامِسُهَا : أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَبَاحَ
nindex.php?page=treesubj&link=26980_459_10الْوُضُوءَ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَسُؤْرِ الْحَائِضِ ، وَإِنْ خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنْ لُعَابِهِمَا .
وَسَادِسُهَا : لَا خِلَافَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْمَدَرِ وَالسُّيُولِ مَعَ تَغَيُّرِ لَوْنِهِ بِمُخَالَطَةِ الطِّينِ وَمَا يَكُونُ فِي الصَّحَارِي مِنَ الْحَشِيشِ وَالنَّبَاتِ ، وَمِنْ أَجْلِ مُخَالَطَةِ ذَلِكَ لَهُ يُرَى تَارَةً مُتَغَيِّرًا إِلَى السَّوَادِ ، وَأُخْرَى إِلَى الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ ، فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي جَمِيعِ مَا خَالَطَ الْمَاءَ إِذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ فَيَسْلُبُهُ اسْمَ الْمَاءِ .
الْقِسْمُ الثَّانِي : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26972_26973كَانَ الْمُخَالِطُ لِلْمَاءِ شَيْئًا نَجِسًا ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ ، سَوَاءً كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيِّ وَمَالِكٍ وَدَاوُدَ ، وَإِلَيْهِ مَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الشَّيْخُ الْغَزَالِيِّ فِي كِتَابِ " الْإِحْيَاءِ" ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ : مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّ كُلَّ مَا تَيَقَّنَّا فِيهِ جُزْءًا مِنَ النَّجَاسَةِ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهُ ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا الْحَدِّ مَاءُ الْبَحْرِ وَمَاءُ الْبِئْرِ وَالْغَدِيرِ وَالرَّاكِدِ وَالْجَارِي ، لِأَنَّ مَاءَ الْبَحْرِ لَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّجَاسَةُ ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الْجَارِي ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ أَصْحَابِنَا لِلْغَدِيرِ الَّذِي إِذَا حُرِّكَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ لَمْ يَتَحَرَّكِ الطَّرَفُ الْآخَرُ ، فَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ فِي جِهَةِ تَغْلِيبِ الظَّنِّ فِي بُلُوغِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهِ إِلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ ، وَلَيْسَ هُوَ كَلَامَنَا فِي أَنَّ بَعْضَ الْمِيَاهِ الَّذِي فِيهِ النَّجَاسَةُ قَدْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا ، وَبَعْضُهَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ ، هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ
أَبِي بَكْرٍ .
وَأَقُولُ : مِنَ النَّاسِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ، فَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : "إِذَا كَانَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ قُلَّةً لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ" ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : "الْحَوْضُ لَا يَغْتَسِلُ فِيهِ جُنُبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَرْبَعُونَ غَرْبًا" ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، وَقَالَ
[ ص: 83 ] مَسْرُوقٌ وَابْنُ سِيرِينَ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : الْمَاءُ الرَّاكِدُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِذَا كَانَ قَدْرَ ثَلَاثِ قِلَالٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَوْ لَوْنَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ يُنَجَّسُ لِظُهُورِ النَّجَاسَةِ فِيهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ التَّمَسُّكُ لِنُصْرَةِ قَوْلِ
مَالِكٍ بِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْمَاءِ الَّذِي تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ ؛ لِظُهُورِ النَّجَاسَةِ فِيهِ ، فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013509خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) [ الْمَائِدَةِ : 6] الْمُتَوَضِّئُ بِهَذَا الْمَاءِ قَدْ غَسَلَ وَجْهَهُ ، فَيَكُونُ آتِيًا بِمَا أُمِرَ بِهِ ، فَيَخْرُجُ عَنِ الْعُهْدَةِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّ مِنْ شَأْنِ كُلِّ مُخْتَلِطَيْنِ كَانَ أَحَدُهُمَا غَالِبًا عَلَى الْآخَرِ أَنْ يَتَكَيَّفَ الْمَغْلُوبُ بِكَيْفِيَّةِ الْغَالِبِ ، فَالْقَطْرَةُ مِنَ الْخَلِّ لَوْ وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ بَطَلَتْ صِفَةُ الْخَلِيَّةِ عَنْهَا وَاتَّصَفَتْ بِصِفَةِ الْمَاءِ ، وَكَوْنُ أَحَدِهُمَا غَالِبًا عَلَى الْآخَرِ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِغَلَبَةِ الْخَوَاصِّ وَالْآثَارِ الْمَحْسُوسَةِ ، وَهِيَ الطَّعْمُ أَوِ اللَّوْنُ أَوِ الرِّيحُ ، فَلَا جَرَمَ مَهْمَا ظَهَرَ طَعْمُ النَّجَاسَةِ أَوْ لَوْنُهَا أَوْ رِيحُهَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً عَلَى الْمَاءِ ، وَكَانَ الْمَاءُ مُسْتَهْلَكًا فِيهَا ، فَلَا جَرَمَ يَغْلِبُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ ، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْمَاءَ ، وَكَانَتِ النَّجَاسَةُ مُسْتَهْلَكَةً فِيهِ ، فَيَغْلِبُ حُكْمُ الطَّهَارَةِ .
وَخَامِسُهَا : مَا رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=551تَوَضَّأَ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ ، مَعَ أَنَّ نَجَاسَةَ أَوَانِي
النَّصَارَى مَعْلُومَةٌ بِظَنٍّ قَرِيبٍ مِنَ الْعِلْمِ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
عُمَرَ لَمْ يُعَوِّلْ إِلَّا عَلَى عَدَمِ التَّغَيُّرِ .
وَسَادِسُهَا : أَنَّ تَقْدِيرَ الْمَاءِ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ وَلَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا كَالْقُلَّتَيْنِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَعَشْرٍ فِي عَشْرٍ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، لَكَانَ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِالطَّهَارَةِ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْثُرُ الْمِيَاهُ هُنَاكَ ، لَا الْجَارِيَةُ وَلَا الرَّاكِدَةُ الْكَثِيرَةُ ، وَمِنْ أَوَّلِ عَصْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى آخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ خَاضُوا فِي تَقْدِيرِ الْمِيَاهِ بِالْمَقَادِيرِ الْمُعَيَّنَةِ ، وَلَا أَنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْ كَيْفِيَّةِ حِفْظِ الْمِيَاهِ عَنِ النَّجَاسَاتِ ، وَكَانَتْ أَوَانِي مِيَاهِهِمْ يَتَعَاطَاهَا الصِّبْيَانُ وَالْإِمَاءُ الَّذِينَ لَا يَحْتَرِزُونَ عَنِ النَّجَاسَاتِ .
وَسَابِعُهَا : إِصْغَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِنَاءَ لِلْهِرَّةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=26980وَعَدَمُ مَنْعِهِمُ الْهِرَّةَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ مِنْ أَوَانِيهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ تَأْكُلُ الْفَأْرَةُ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي بِلَادِهِمْ حِيَاضٌ تَلَغُ السَّنَانِيرُ فِيهَا ، وَكَانَتْ لَا تَنْزِلُ إِلَى الْآبَارِ .
وَثَامِنُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ غَسَّالَةَ النَّجَاسَاتِ طَاهِرَةٌ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَنَجِسَةٌ إِذَا تَغَيَّرَتْ ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يُلَاقِيَ الْمَاءُ النَّجَاسَةَ بِالْوُرُودِ عَلَيْهَا أَوْ بِوُرُودِهَا عَلَيْهِ ؟ وَأَيُّ مَعْنًى لِقَوْلِ الْقَائِلِ : إِنَّ قُوَّةَ الْوُرُودِ تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ ، مَعَ أَنَّ قُوَّةَ الْوُرُودِ لَمْ تَمْنَعِ الْمُخَالَطَةَ .
وَتَاسِعُهَا : أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ عَلَى أَطْرَافِ الْمِيَاهِ الْجَارِيَةِ الْقَلِيلَةِ ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَذْهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26972وَقَعَ بَوْلٌ فِي مَاءٍ جَارٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَارِي وَالرَّاكِدِ ؟ وَلَيْتَ شِعْرِي الْحَوَالَةَ عَلَى عَدَمِ التَّغَيُّرِ أَوْلَى أَوْ عَلَى قُوَّةِ الْمَاءِ بِسَبَبِ الْجَرَيَانِ ؟
وَعَاشِرُهَا : إِذَا وَقَعَ بَوْلٌ فِي قُلَّتَيْنِ ، ثُمَّ فُرِّقَتَا ، فَكُلُّ كُوزٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَوْلَ مُنْتَشِرٌ فِيهِ ، وَهُوَ قَلِيلٌ ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ الْقَلِيلُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الْمَاءِ ابْتِدَاءً ، وَبَيْنَهُ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ عِنْدَ اتِّصَالِ غَيْرِهِ بِهِ ؟
وَحَادِيَ عَشَرِهَا : أَنَّ الْحَمَّامَاتِ لَمْ تَزَلْ فِي الْأَعْصَارِ الْخَالِيَةِ يَتَوَضَّأُ فِيهَا الْمُتَقَشِّفُونَ وَيَغْمِسُونَ الْأَيْدِيَ وَالْأَوَانِيَ فِي ذَلِكَ الْقَلِيلِ مِنَ الْمَاءِ مِنْ تِلْكَ الْحِيَاضِ ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْأَيْدِيَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ كَانَتْ تَتَوَارَدُ عَلَيْهَا ، وَلَوْ كَانَ التَّقْدِيرُ بِالْقُلَّتَيْنِ مُعْتَبَرًا لَاشْتُهِرَ ذَلِكَ وَلَبَلَغَ ذَلِكَ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي تَشْتَدُّ حَاجَةُ الْجُمْهُورِ إِلَيْهِ يَجِبُ بُلُوغُ نَقْلِهِ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ ، لَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عِلِمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ .
وَثَانِي عَشَرِهَا : أَنَّا لَوْ حَكَمْنَا بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ فَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَحْكُمَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ إِنْ كَانَ فِي غَايَةِ
[ ص: 84 ] الْكَثْرَةِ مِثْلَ مَاءِ الْأَوْدِيَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْغُدْرَانِ الْكِبَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ بَاطِلٌ ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ ، وَقَدْ نَقَلْنَا عَنِ النَّاسِ تَقْدِيرَاتٍ مُخْتَلِفَةً ، فَلَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ ، فَوَجَبَ التَّعَارُضُ وَالتَّسَاقُطُ ، أَمَّا تَقْدِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ بِعَشْرٍ فِي عَشْرٍ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَحَكُّمٍ ، وَأَمَّا تَقْدِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ بِالْقُلَّتَيْنِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013510إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا فَضَعِيفٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ لَمَّا رَوَى هَذَا الْخَبَرَ قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُلٌ . فَيَكُونُ الرَّاوِي مَجْهُولًا ، وَيَكُونُ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا ، وَهُوَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، وَأَيْضًا زَعَمَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى
ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، سَلَّمْنَا صِحَّةَ الرِّوَايَةِ ، لَكِنَّهُ إِحَالَةُ مَجْهُولٍ عَلَى مَجْهُولٍ ؛ لِأَنَّ الْقُلَّةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ ؛ فَإِنَّهَا تَصْلُحُ لِلْكُوزِ وَالْجَرَّةِ ، وَلِكُلِّ مَا نُقِلَ بِالْيَدِ ، وَهُوَ أَيْضًا اسْمٌ لِهَامَةِ الرَّجُلِ وَلِقُلَّةِ الْجَبَلِ ، سَلَّمْنَا كَوْنَ الْقُلَّةِ مَعْلُومَةً ، لَكِنْ فِي مَتْنِ الْخَبَرَ اضْطِرَابٌ ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ ، وَرُوِيَ إِذَا بَلَغَ قُلَّةً ، وَرُوِيَ أَرْبَعِينَ قُلَّةً ، وَرُوِيَ إِذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، وَرُوِيَ إِذَا بَلَغَ كُوزَيْنِ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْمَتْنِ ، وَلَكِنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَا يُمْكِنُ إِجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ; فَإِنَّ الْخَبَثَ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ فَقَدْ حَمَلَهُ ، سَلَّمْنَا إِمْكَانَ إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، لَكِنَّ الْخَبَثَ عَلَى قِسْمَيْنِ : خَبَثٌ شَرْعِيٌّ وَخَبَثٌ حَقِيقِيٌّ ، وَالِاسْمُ إِذَا دَارَ بَيْنَ الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ وَالْمُسَمَّى الشَّرْعِيِّ ، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ أَوْلَى ; لِأَنَّ الِاسْمَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ مَجَازٌ فِي الْمُسَمَّى الشَّرْعِيِّ ؛ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ وَالنَّقْلِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ ، وَالْمُسَمَّى اللُّغَوِيُّ لِلْخَبَثِ الْمُسْتَقْذِرِ بِالطَّبْعِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
مَا اسْتَخْبَثَتْهُ الْعَرَبُ فَهُوَ حَرَامٌ إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ : مَعْنَى قَوْلِهِ : لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا أَيْ لَا يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا طَبْعًا ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِهِ : لَكِنْ لِمَ قُلْتَ : إِنَّهُ لَا يَنْجُسُ شَرْعًا ، سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْخَبَثِ النَّجَاسَةُ الشَّرْعِيَّةُ ، لَكِنَّ قَوْلَهُ : لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا أَيْ يَضْعُفُ عَنْ حَمْلِهِ ، وَمَعْنَى الضَّعْفِ تَأَثُّرُهُ بِهِ ، فَيَكُونُ هَذَا دَلِيلًا عَلَى صَيْرُورَتِهِ نَجِسًا ، لَا عَلَى بَقَائِهِ طَاهِرًا . لَا يُقَالُ : الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الرَّاوِي فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ ، فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُرْسَلًا ، وَلِأَنَّ سَائِرَ الْمُحَدِّثِينَ قَدْ عَيَّنُوا اسْمَ الرَّاوِي . قَوْلُهُ : إِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى
ابْنِ عُمَرَ . قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ ; فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ : إِنَّهُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنَ عُلَيَّةَ وَقَفَهُ عَلَى
ابْنِ عُمَرَ . فَقَالَ : إِنْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنُ عُلَيَّةَ وَقَفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15744فَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ رَفَعَهُ . وَقَوْلُهُ : الْقُلَّةُ مَجْهُولَةٌ . قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ : بِقِلَالِ
هَجَرٍ . ثم قال : وَقَدْ شَاهَدْتُ قِلَالَ
هَجَرٍ فَكَانَتِ الْقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا . قَوْلُهُ : فِي مَتْنِهِ اضْطِرَابٌ . قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ ; لِأَنَّا وَأَنْتُمْ تَوَافَقْنَا عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْمَقَادِيرِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ ، فَيَبْقَى مَا ذَكَرْنَاهُ مُعْتَبَرًا . قَوْلُهُ : إِنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ . قُلْنَا : إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْخُبْثِ الشَّرْعِيِّ انْدَفَعَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الشَّرْعِ عَلَى الْفَائِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْعَقْلِيِّ ، لَا سِيَّمَا وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْعَقْلِيِّ يَلْزَمُ التَّعْطِيلُ . قَوْلُهُ : الْمُرَادُ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ حَمْلِهِ ، قُلْنَا : صَحَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013512إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ ، وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَ الْقُلَّتَيْنِ شَرْطًا لِهَذَا الْحُكْمِ ، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الشَّرْطِ عُدِمَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ ، وَعَلَى مَا ذَكَرُوهُ لَا يَبْقَى لِلْقُلَّتَيْنِ فَائِدَةٌ ; لِأَنَّا نَقُولُ : لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ بِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) ، وَعُمُومِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) [الْمَائِدَةِ : 6] ، وَعُمُومِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) [ الْمَائِدَةِ : 6] وَعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013513خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ، وَهَذَا الْمُتَخَصِّصُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بَعِيدًا عَنِ الِاحْتِمَالِ وَالِاشْتِبَاهِ ، وَقِلَالُ
هَجَرٍ مَجْهُولَةٌ . وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ : الْقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ; لِأَنَّ الْقُلَّةَ كَمَا أَنَّهَا مَجْهُولَةٌ فَكَذَا الْقِرْبَةُ مَجْهُولَةٌ ؛ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ كَبِيرَةً ، وَقَدْ تَكُونُ صَغِيرَةً ، وَلِأَنَّ الرِّوَايَاتِ أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ ، فَتَارَةً قَالَ : إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ ، وَتَارَةً أَرْبَعِينَ قُلَّةً ، وَتَارَةً كُوزَيْنِ فَإِذَا تَدَافَعَتْ
[ ص: 85 ] وَتَعَارَضَتْ لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الظَّاهِرَةِ الْبَعِيدَةِ عَنِ الِاحْتِمَالِ بِمِثْلِ هَذَا الْخَبَرِ . هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ فِي نُصْرَةِ قَوْلِ
مَالِكٍ . وَاحْتَجَّ مَنْ حَكَمَ بِنَجَاسَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=448الْمَاءِ الَّذِي تَقَعُ النَّجَاسَةُ فِيهِ بِوُجُوهٍ :
أَوَّلُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) [الْأَعْرَافِ : 157] وَالنَّجَاسَاتُ مِنَ الْخَبَائِثِ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=115إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ) [ النَّحْلِ : 115] ، وَقَالَ فِي الْخَمْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) [الْمَائِدَةِ : 90] وَمَرَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013514إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ؛ إِنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ nindex.php?page=treesubj&link=26891لَا يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ ، وَالْآخَرَ كَانَ nindex.php?page=treesubj&link=19028_19029_19035يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ، فَحَرَّمَ اللَّهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حَالِ انْفِرَادِهَا وَاخْتِلَاطِهَا بِالْمَاءِ ، فَوَجَبَ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ كُلِّ مَا يَبْقَى فِيهِ جُزْءٌ مِنَ النَّجَاسَةِ ، أَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الدَّلَائِلَ الدَّالَّةَ عَلَى كَوْنِ الْمَاءِ مُطَهِّرًا تَقْتَضِي جَوَازَ الطَّهَارَةِ بِهِ ، وَلَكِنْ تِلْكَ الدَّلَائِلُ مُبِيحَةٌ ، وَالدَّلَائِلُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا حَاظِرَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=22589_22618وَالْمُبِيحُ وَالْحَاظِرُ إِذَا اجْتَمَعَا فَالْغَلَبَةُ لِلْحَاظِرِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَارِيَةَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِنْهَا مِائَةُ جُزْءٍ وَلِلْآخَرِ جُزْءٌ وَاحِدٌ ، أَنَّ جِهَةَ الْحَظْرِ فِيهَا أَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْإِبَاحَةِ ، وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا ، فَكَذَا هَهُنَا .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013515لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ ذَكَرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013516إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ، فَأَمَرَ بِغَسْلِ الْيَدِ احْتِيَاطًا مِنْ نَجَاسَةٍ قَدْ أَصَابَتْهُ مِنْ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَهَا إِذَا أُدْخِلَتِ الْمَاءَ لَمْ تُغَيِّرْهُ ، وَلَوْلَا أَنَّهَا تُفْسِدُهُ مَا كَانَ لِلْأَمْرِ بِالِاحْتِيَاطِ مِنْهَا مَعْنًى .
وَرَابِعُهَا : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012538nindex.php?page=treesubj&link=449إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَحْمِلَ الْخَبَثَ .
أَجَابَ
مَالِكٌ عَنِ الوجه الْأَوَّلِ ، فَقَالَ : لَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ ، وَلَكِنَّ الْجُزْءَ الْقَلِيلَ مِنَ النَّجَاسَةِ الْمَائِعَةِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ لَوْنُهُ وَلَا طَعْمُهُ وَلَا رَائِحَتُهُ ، فَلِمَ قُلْتُمْ : إِنَّ تِلْكَ النَّجَاسَةَ بَقِيَتْ ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهَا انْقَلَبَتْ عَنْ صِفَتِهَا ؟ وَتَقْرِيرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013517لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ فَلِمَ قُلْتُمْ : إِنَّ هَذَا النَّهْيَ لَيْسَ إِلَّا لِمَا ذَكَرْتُمُوهُ ، بَلْ لَعَلَّ النَّهْيَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا شَرِبَهُ إِنْسَانٌ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَنْفِرُ طَبْعُهُ عَنْهُ ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي نَفْرَةِ الطَّبْعِ . وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013518nindex.php?page=treesubj&link=32642إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ ثَلَاثًا فَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ اسْتِحْبَابٌ ، فَالْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ كَيْفَ يَكُونُ أَمْرَ إِيجَابٍ ، ثُمَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَمْرَ إِيجَابٍ ، فَلِمَ قُلْتُمْ : إِنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ ذَلِكَ الْإِيجَابَ إِلَّا لِمَا ذَكَرْتُمُوهُ ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013519إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ بَعْدَ النُّزُولِ عَنْ كُلِّ مَا قُلْنَاهُ فَهُوَ تَمَسُّكٌ بِالْمَفْهُومِ وَالنُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَنْطُوقَةً ، وَالْمَنْطُوقُ رَاجِحٌ عَلَى الْمَفْهُومِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
النَّظَرُ الثَّانِي : فِي أَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ هَلْ هُوَ طَهُورٌ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ
الْأَصَمُّ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ : يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِجَمِيعِ الْمَائِعَاتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=472_27116الْوُضُوءُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ فِي السَّفَرِ ، وَقَالَ أَيْضًا : تَجُوزُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِجَمِيعِ الْمَائِعَاتِ الَّتِي تُزِيلُ أَعْيَانَ النَّجَاسَاتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الطَّهُورِيَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَدَلِيلُهُ فِي صُورَةِ الْحَدَثِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) [النِّسَاءِ : 43] أَوْجَبَ
nindex.php?page=treesubj&link=312_320التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ ، وَلَوْ جَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=470الْوُضُوءُ بِالْخَلِّ أَوْ نَبِيذِ التَّمْرِ لَمَا وَجَبَ التَّيَمُّمُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْخَبَثِ ، فَلِأَنَّ الْخَلَّ لَوْ أَفَادَ طَهَارَةَ الْخَبَثِ لَكَانَ طَهُورًا ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلطَّهُورِ إِلَّا الْمُطَهِّرَ ، وَلَوْ كَانَ طَهُورًا لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ بِهِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013520لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ ، وَكَلِمَةُ "حَتَّى " لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ ، فَوَجَبَ انْتِهَاءُ عَدَمِ الْقَبُولِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ الطَّهُورِ ، وَانْتِهَاءُ عَدَمِ الْقَبُولِ يَكُونُ بِحُصُولِ الْقَبُولِ ، فَلَوْ كَانَ الْخَلُّ طَهُورًا لَحَصَلَ بِاسْتِعْمَالِهِ قَبُولُ الصَّلَاةِ ، وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ عَلِمْنَا أَنَّ الطَّهُورِيَّةَ فِي الْخَبَثِ أَيْضًا مُخْتَصَّةٌ بِالْمَاءِ .