(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28996ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا ) .
واعلم أنه تعالى لما شرح دلائل التوحيد عاد إلى تهجين سيرتهم في عبادة الأوثان ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قيل : المراد بالكافر
أبو جهل ؛ لأن الآية نزلت فيه ، والأولى حمله على العموم ؛ لأن
[ ص: 89 ] خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ ، ولأنه أوفق بظاهر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55ويعبدون من دون الله ) .
المسألة الثانية : ذكروا في الظهير وجوها :
أحدها : أن الظهير بمعنى المظاهر ، كالعوين بمعنى المعاون ، وفعيل بمعنى مفاعل غير غريب ، والمعنى أن الكافر يظاهر الشيطان على ربه بالعداوة . فإن قيل : كيف يصح في الكافر أن يكون معاونا للشيطان على ربه بالعداوة ؟ قلنا : إنه تعالى ذكر نفسه وأراد رسوله ؛ كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57إن الذين يؤذون الله ) [ الأحزاب : 57] .
وثانيها : يجوز أن يريد بالظهير الجماعة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4والملائكة بعد ذلك ظهير ) [التحريم : 4] كما جاء الصديق والخليط ، وعلى هذا التفسير يكون المراد بالكافر الجنس ، وأن بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور دين الله تعالى ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وإخوانهم يمدونهم في الغي ) [الأعراف : 202] .
وثالثها : قال
أبو مسلم الأصفهاني : الظهير من قولهم : ظهر فلان بحاجتي إذا نبذها وراء ظهره ، وهو من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=92واتخذتموه وراءكم ظهريا ) [هود : 92] ويقال فيمن يستهين بالشيء : نبذه وراء ظهره ، وقياس العربية أن يقال : مظهور ، أي : مستخف به متروك وراء الظهر ، فقيل فيه : ظهير في معنى مظهور ، ومعناه هين على الله أن يكفر الكافر ، وهو تعالى مستهين بكفره .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ) فتعلق ذلك بما تقدم هو أن الكفار يطلبون العون على الله تعالى وعلى رسوله ، والله تعالى بعث رسوله لنفعهم ؛ لأنه بعثه ليبشرهم على الطاعة ، وينذرهم على المعصية ، فيستحقوا الثواب ويحترزوا عن العقاب ، فلا جهل أعظم من جهل من استفرغ جهده في إيذاء شخص استفرغ جهده في إصلاح مهماته دينا ودنيا ، ولا يسألهم على ذلك البتة أجرا .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57إلا من شاء ) فذكروا فيه وجوها متقاربة :
أحدها : لا يسألهم على الأداء والدعاء أجرا ، إلا أن يشاءوا أن يتقربوا بالإنفاق في الجهاد وغيره ، فيتخذوا به سبيلا إلى رحمة ربهم ونيل ثوابه .
وثانيها : قال القاضي : معناه لا أسألكم عليه أجرا لنفسي وأسألكم أن تطلبوا الأجر لأنفسكم باتخاذ السبيل إلى ربكم .
وثالثها : قال صاحب "الكشاف" : مثال قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57إلا من شاء ) ، والمراد إلا فعل من شاء ، واستثناؤه عن الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال ما أطلب منك ثوابا على ما سعيت ، إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه ، فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب ، ولكن صوره هو بصورة الثواب وسماه باسمه فأفاد فائدتين :
إحداهما : قلع شبهة الطمع في الثواب من أصله ، كأنه يقول لك : إن كان حفظك لمالك ثوابا ، فإني أطلب الثواب .
والثانية إظهار الشفقة البالغة ، وأن حفظك لمالك يجري مجرى الثواب العظيم الذي توصله إلي ، ومعنى اتخاذهم إلى الله سبيلا ، تقربهم إليه وطلبهم عنده الزلفى بالإيمان والطاعة ، وقيل : المراد التقرب بالصدقة والنفقة في سبيل الله .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28996_19650_28679وتوكل على الحي الذي لا يموت ) فالمعنى أنه سبحانه لما بين أن الكفار متظاهرون على إيذائه ، فأمره بأن لا يطلب منهم أجرا البتة ، أمره بأن يتوكل عليه في دفع جميع المضار ، وفي جلب جميع المنافع ، وإنما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58على الحي الذي لا يموت ) لأن
nindex.php?page=treesubj&link=19649_29713من توكل على الحي الذي يموت ، فإذا مات المتوكل عليه صار المتوكل ضائعا ، أما هو سبحانه وتعالى فإنه حي لا يموت ، فلا يضيع المتوكل عليه البتة .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وسبح بحمده ) فمنهم من حمله على نفس التسبيح بالقول ، ومنهم من حمله على الصلاة ، ومنهم من حمله على
nindex.php?page=treesubj&link=29443_29624_29442التنزيه لله تعالى عما لا يليق به في توحيده وعدله ، وهذا هو الظاهر ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وكفى به )
[ ص: 90 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58بذنوب عباده خبيرا ) وهذه كلمة يراد بها المبالغة ، يقال : كفى بالعلم جمالا ، وكفى بالأدب مالا . وهو بمعنى حسبك ، أي : لا تحتاج معه إلى غيره ؛ لأنه خبير بأحوالهم ، قادر على مكافأتهم ، وذلك وعيد شديد ، كأنه قال : إن أقدمتم على مخالفة أمره كفاكم علمه في مجازاتكم بما تستحقون من العقوبة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28996وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَرَحَ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ عَادَ إِلَى تَهْجِينِ سِيرَتِهِمْ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : قِيلَ : الْمُرَادُ بِالْكَافِرِ
أَبُو جَهْلٍ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ ، وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ ؛ لِأَنَّ
[ ص: 89 ] خُصُوصَ السَّبَبِ لَا يَقْدَحُ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ ، وَلِأَنَّهُ أَوْفَقُ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=55وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) .
المسألة الثَّانِيَةُ : ذَكَرُوا فِي الظَّهِيرِ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنَّ الظَّهِيرَ بِمَعْنَى الْمُظَاهِرِ ، كَالْعَوِينِ بِمَعْنَى الْمُعَاوِنِ ، وَفَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفَاعِلٍ غَيْرُ غَرِيبٍ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَ يُظَاهِرُ الشَّيْطَانَ عَلَى رَبِّهِ بِالْعَدَاوَةِ . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَصِحُّ فِي الْكَافِرِ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى رَبِّهِ بِالْعَدَاوَةِ ؟ قُلْنَا : إِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ نَفْسَهُ وَأَرَادَ رَسُولَهُ ؛ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ) [ الْأَحْزَابِ : 57] .
وَثَانِيهَا : يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالظَّهِيرِ الْجَمَاعَةَ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) [التَّحْرِيمِ : 4] كَمَا جَاءَ الصَّدِيقُ وَالْخَلِيطُ ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْجِنْسَ ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ مُظَاهِرٌ لِبَعْضٍ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=202وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ) [الْأَعْرَافِ : 202] .
وَثَالِثُهَا : قَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ : الظَّهِيرُ مِنْ قَوْلِهِمْ : ظَهَرَ فُلَانٌ بِحَاجَتِي إِذَا نَبَذَهَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=92وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا ) [هُودٍ : 92] وَيُقَالُ فِيمَنْ يَسْتَهِينُ بِالشَّيْءِ : نَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ، وَقِيَاسُ الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُقَالَ : مَظْهُورٌ ، أَيْ : مُسْتَخَفٌّ بِهِ مَتْرُوكٌ وَرَاءَ الظَّهْرِ ، فَقِيلَ فِيهِ : ظَهِيرٌ فِي مَعْنَى مَظْهُورٍ ، وَمَعْنَاهُ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَكْفُرَ الْكَافِرُ ، وَهُوَ تَعَالَى مُسْتَهِينٌ بِكُفْرِهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=56وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) فَتَعَلُّقُ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ هُوَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَطْلُبُونَ الْعَوْنَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى بَعَثَ رَسُولَهُ لِنَفْعِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ بَعَثَهُ لِيُبَشِّرَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَيُنْذِرَهُمْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ، فَيَسْتَحِقُّوا الثَّوَابَ وَيَحْتَرِزُوا عَنِ الْعِقَابِ ، فَلَا جَهْلَ أَعْظَمُ مِنْ جَهْلِ مَنِ اسْتَفْرَغَ جُهْدَهُ فِي إِيذَاءِ شَخْصٍ اسْتَفْرَغَ جُهْدَهُ فِي إِصْلَاحِ مُهِمَّاتِهِ دِينًا وَدُنْيَا ، وَلَا يَسْأَلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْبَتَّةَ أَجْرًا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57إِلَّا مَنْ شَاءَ ) فَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا مُتَقَارِبَةً :
أَحَدُهَا : لَا يَسْأَلُهُمْ عَلَى الْأَدَاءِ وَالدُّعَاءِ أَجْرًا ، إِلَّا أَنْ يَشَاءُوا أَنْ يَتَقَرَّبُوا بِالْإِنْفَاقِ فِي الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ ، فَيَتَّخِذُوا بِهِ سَبِيلًا إِلَى رَحْمَةِ رَبِّهِمْ وَنَيْلِ ثَوَابِهِ .
وَثَانِيهَا : قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا لِنَفْسِي وَأَسْأَلُكُمْ أَنْ تَطْلُبُوا الْأَجْرَ لِأَنْفُسِكُمْ بِاتِّخَاذِ السَّبِيلِ إِلَى رَبِّكُمْ .
وَثَالِثُهَا : قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : مِثَالُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=57إِلَّا مَنْ شَاءَ ) ، وَالْمُرَادُ إِلَّا فِعْلَ مَنْ شَاءَ ، وَاسْتِثْنَاؤُهُ عَنِ الْأَجْرِ قَوْلُ ذِي شَفَقَةٍ عَلَيْكَ قَدْ سَعَى لَكَ فِي تَحْصِيلِ مَالٍ مَا أَطْلُبُ مِنْكَ ثَوَابًا عَلَى مَا سَعَيْتُ ، إِلَّا أَنْ تَحْفَظَ هَذَا الْمَالَ وَلَا تُضَيِّعَهُ ، فَلَيْسَ حِفْظُكَ الْمَالَ لِنَفْسِكِ مِنْ جِنْسِ الثَّوَابِ ، وَلَكِنْ صَوَّرَهُ هُوَ بِصُورَةِ الثَّوَابِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ فَأَفَادَ فَائِدَتَيْنِ :
إِحْدَاهُمَا : قَلْعُ شُبْهَةِ الطَّمَعِ فِي الثَّوَابِ مِنْ أَصْلِهِ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ لَكَ : إِنْ كَانَ حِفْظُكَ لِمَالِكَ ثَوَابًا ، فَإِنِّي أَطْلُبُ الثَّوَابَ .
وَالثَّانِيَةُ إِظْهَارُ الشَّفَقَةِ الْبَالِغَةِ ، وَأَنَّ حِفْظَكَ لِمَالِكَ يَجْرِي مَجْرَى الثَّوَابِ الْعَظِيمِ الَّذِي تُوصِلُهُ إِلَيَّ ، وَمَعْنَى اتِّخَاذِهِمْ إِلَى اللَّهِ سَبِيلًا ، تَقَرُّبُهُمْ إِلَيْهِ وَطَلَبُهُمْ عِنْدَهُ الزُّلْفَى بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ التَّقَرُّبُ بِالصَّدَقَةِ وَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28996_19650_28679وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ) فَالْمَعْنَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُتَظَاهِرُونَ عَلَى إِيذَائِهِ ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ لَا يَطْلُبَ مِنْهُمْ أَجْرًا الْبَتَّةَ ، أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ فِي دَفْعِ جَمِيعِ الْمَضَارِّ ، وَفِي جَلْبِ جَمِيعِ الْمَنَافِعِ ، وَإِنَّمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ) لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19649_29713مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي يَمُوتُ ، فَإِذَا مَاتَ الْمُتَوَكَّلُ عَلَيْهِ صَارَ الْمُتَوَكِّلُ ضَائِعًا ، أَمَّا هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ حَيٌّ لَا يَمُوتُ ، فَلَا يَضِيعُ الْمُتَوَكِّلُ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ) فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْسِ التَّسْبِيحِ بِالْقَوْلِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الصَّلَاةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29443_29624_29442التَّنْزِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ فِي تَوْحِيدِهِ وَعَدْلِهِ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58وَكَفَى بِهِ )
[ ص: 90 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=58بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) وَهَذِهِ كَلِمَةٌ يُرَادُ بِهَا الْمُبَالَغَةُ ، يُقَالُ : كَفَى بِالْعِلْمِ جَمَالًا ، وَكَفَى بِالْأَدَبِ مَالًا . وَهُوَ بِمَعْنَى حَسْبُكَ ، أَيْ : لَا تَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ خَبِيرٌ بِأَحْوَالِهِمْ ، قَادِرٌ عَلَى مُكَافَأَتِهِمْ ، وَذَلِكَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ ، كَأَنَّهُ قَالَ : إِنْ أَقْدَمْتُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ كَفَاكُمْ عِلْمُهُ فِي مُجَازَاتِكُمْ بِمَا تَسْتَحِقُّونَ مِنَ الْعُقُوبَةِ .