(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ) .
فيه مسائل :
المسألة الأولى : الزور يحتمل إقامة الشهادة الباطلة ، ويكون المعنى أنهم لا يشهدون
nindex.php?page=treesubj&link=18989_16215شهادة الزور [ ص: 99 ] فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ويحتمل حضور مواضع الكذب ؛ كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) [ الأنعام : 68] ويحتمل حضور كل موضع يجري فيه ما لا ينبغي ، ويدخل فيه أعياد المشركين ومجامع الفساق ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=18437_18439_32627من خالط أهل الشر ونظر إلى أفعالهم وحضر مجامعهم فقد شاركهم في تلك المعصية ؛ لأن الحضور والنظر دليل الرضا به ، بل هو سبب لوجوده والزيادة فيه ؛ لأن الذي حملهم على فعله استحسان النظارة ورغبتهم في النظر إليه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : المراد مجالس الزور التي يقولون فيها الزور على الله تعالى وعلى رسوله ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد ابن الحنفية : الزور : الغناء . واعلم أن كل هذه الوجوه محتملة ، ولكن استعماله في الكذب أكثر .
المسألة الثانية : الأصح أن
nindex.php?page=treesubj&link=24479اللغو كل ما يجب أن يلغى ويترك ، ومنهم من فسر اللغو بكل ما ليس بطاعة ، وهو ضعيف ؛ لأن المباحات لا تعد لغوا ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=28996_32489وإذا مروا باللغو ) أي بأهل اللغو .
المسألة الثالثة : لا شبهة في أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72مروا كراما ) معناه أنهم يكرمون أنفسهم عن مثل حال اللغو ، وإكرامهم لها لا يكون إلا بالإعراض وبالإنكار وبترك المعاونة والمساعدة ، ويدخل فيه الشرك واللغو في القرآن وشتم الرسول ، والخوض فيما لا ينبغي ، وأصل الكلمة من قولهم : ناقة كريمة ، إذا كانت تعرض عند الحلب تكرما ، كأنها لا تبالي بما يحلب منها للغزارة ، فاستعير ذلك للصفح عن الذنب ، وقال
الليث : يقال : تكرم فلان عما يشينه ، إذا تنزه وأكرم نفسه عنه ، ونظير هذه الآية قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) [القصص : 55] وعن
الحسن : لم تسفههم المعاصي ، وقيل : إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا ، وقيل : إذا ذكر النكاح كنوا عنه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) .
فِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : الزُّورُ يَحْتَمِلُ إِقَامَةَ الشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=18989_16215شَهَادَةَ الزُّورِ [ ص: 99 ] فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ، وَيَحْتَمِلُ حُضُورَ مَوَاضِعِ الْكَذِبِ ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) [ الْأَنْعَامِ : 68] وَيَحْتَمِلُ حُضُورَ كُلِّ مَوْضِعٍ يَجْرِي فِيهِ مَا لَا يَنْبَغِي ، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ وَمَجَامِعُ الْفُسَّاقِ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18437_18439_32627مَنْ خَالَطَ أَهْلَ الشَّرِّ وَنَظَرَ إِلَى أَفْعَالِهِمْ وَحَضَرَ مَجَامِعَهُمْ فَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ وَالنَّظَرَ دَلِيلُ الرِّضَا بِهِ ، بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِوُجُودِهِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى فِعْلِهِ اسْتِحْسَانُ النَّظَّارَةِ وَرَغْبَتُهُمْ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : الْمُرَادُ مَجَالِسُ الزُّورِ الَّتِي يَقُولُونَ فِيهَا الزُّورَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدٌ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : الزُّورُ : الْغِنَاءُ . وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْوُجُوهِ مُحْتَمِلَةٌ ، وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْكَذِبِ أَكْثَرُ .
المسألة الثَّانِيَةُ : الْأَصَحُّ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24479اللَّغْوَ كُلُّ مَا يَجِبُ أَنْ يُلْغَى وَيُتْرَكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَ اللَّغْوَ بِكُلِّ مَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَاتِ لَا تُعَدُّ لَغْوًا ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=28996_32489وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ) أَيْ بِأَهْلِ اللَّغْوِ .
المسألة الثَّالِثَةُ : لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72مَرُّوا كِرَامًا ) مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُكْرِمُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْ مِثْلِ حَالِ اللَّغْوِ ، وَإِكْرَامُهُمْ لَهَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِعْرَاضِ وَبِالْإِنْكَارِ وَبِتَرْكِ الْمُعَاوَنَةِ وَالْمُسَاعَدَةِ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الشِّرْكُ وَاللَّغْوُ فِي الْقُرْآنِ وَشَتْمُ الرَّسُولِ ، وَالْخَوْضُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ : نَاقَةٌ كَرِيمَةٌ ، إِذَا كَانَتْ تُعْرِضُ عِنْدَ الْحَلْبِ تَكَرُّمًا ، كَأَنَّهَا لَا تُبَالِي بِمَا يُحْلَبُ مِنْهَا لِلْغَزَارَةِ ، فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ لِلصَّفْحِ عَنِ الذَّنْبِ ، وَقَالَ
اللَّيْثُ : يُقَالُ : تَكَرَّمَ فُلَانٌ عَمَّا يَشِينُهُ ، إِذَا تَنَزَّهَ وَأَكْرَمَ نَفْسَهُ عَنْهُ ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) [الْقَصَصِ : 55] وَعَنِ
الْحَسَنِ : لَمْ تُسَفِّهْهُمُ الْمَعَاصِي ، وَقِيلَ : إِذَا سَمِعُوا مِنَ الْكُفَّارِ الشَّتْمَ وَالْأَذَى أَعْرَضُوا ، وَقِيلَ : إِذَا ذُكِرَ النِّكَاحُ كَنَّوْا عَنْهُ .