(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ) .
اعلم أنهم لما آمنوا بأجمعهم لم يأمن
فرعون أن يقول الناس إن هؤلاء
nindex.php?page=treesubj&link=33952السحرة على كثرتهم وتظاهرهم لم يؤمنوا إلا عن معرفة بصحة أمر موسى عليه السلام فيسلكون مثل طريقهم فلبس على القوم وبالغ في التنفير عن
موسى عليه السلام من وجوه :
أولها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49قال آمنتم له قبل أن آذن لكم ) وهذا فيه إيهام أن مسارعتكم إلى الإيمان به دالة على أنكم كنتم مائلين إليه ، وذلك يطرق التهمة إليهم فلعلهم قصروا في السحر حياله .
وثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49إنه لكبيركم الذي علمكم السحر ) وهذا تصريح بما رمز به أولا ، وغرضه منه أنهم فعلوا ذلك عن مواطأة بينهم وبين
موسى عليه السلام وقصروا في السحر ليظهر أمر
موسى عليه السلام ، وإلا ففي قوة السحرة أن يفعلوا مثل ما فعل
موسى عليه السلام ، وهذه شبهة قوية في تنفير من يقبل قوله .
وثالثها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49فلسوف تعلمون ) وهو وعيد مطلق وتهديد شديد .
ورابعها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين ) وهذا هو الوعيد المفصل وقطع اليد والرجل من خلاف هو قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى والصلب معلوم ، وليس في الإهلاك أقوى من ذلك ، وليس في الآية أنه فعل ذلك أو لم يفعل ، ثم إنهم أجابوا عن هذه الكلمات من وجهين :
الأول : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون ) الضر والضير واحد ، وليس المراد أن ذلك إن وقع لم يضر وإنما عنوا بالإضافة إلى ما عرفوه من دار الجزاء .
واعلم أن قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50إنا إلى ربنا منقلبون ) فيه نكتة شريفة وهي أنهم قد بلغوا في حب الله تعالى أنهم ما أرادوا شيئا سوى الوصول إلى حضرته ، وأنهم ما آمنوا رغبة في ثواب أو رهبة من عقاب ، وإنما مقصودهم محض الوصول إلى مرضاته والاستغراق في أنوار معرفته ، وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=32873أعلى درجات الصديقين .
الجواب الثاني : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا ) فهو إشارة منهم إلى الكفر والسحر وغيرهما ، والطمع في هذا
[ ص: 118 ] الموضع يحتمل اليقين كقول
إبراهيم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=82والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) [ الشعراء : 82 ] ويحتمل الظن لأن المرء لا يعلم ما سيجيء من بعد .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51أن كنا أول المؤمنين ) فالمراد لأن كنا
nindex.php?page=treesubj&link=33952أول المؤمنين من الجماعة الذين حضروا ذلك الموقف ، أو يكون المراد من السحرة خاصة ، أو من رعية
فرعون أو من أهل زمانهم ، وقرئ " إن كنا " بالكسر ، وهو من الشرط الذي يجيء به العدل ، ونظيره قول القائل لمن يؤخر جعله : إن كنت عملت لك فوفني حقي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمَّا آمَنُوا بِأَجْمَعِهِمْ لَمْ يَأْمَنْ
فِرْعَوْنُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ إِنَّ هَؤُلَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=33952السَّحَرَةَ عَلَى كَثْرَتِهِمْ وَتَظَاهُرِهِمْ لَمْ يُؤْمِنُوا إِلَّا عَنْ مَعْرِفَةٍ بِصِحَّةِ أَمْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَسْلُكُونَ مِثْلَ طَرِيقِهِمْ فَلَبَّسَ عَلَى الْقَوْمِ وَبَالَغَ فِي التَّنْفِيرِ عَنْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَوَّلُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) وَهَذَا فِيهِ إِيهَامٌ أَنَّ مُسَارَعَتَكُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّكُمْ كُنْتُمْ مَائِلِينَ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ يَطْرُقُ التُّهْمَةَ إِلَيْهِمْ فَلَعَلَّهُمْ قَصَّرُوا فِي السِّحْرِ حِيَالَهُ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ) وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا رَمَزَ بِهِ أَوَّلًا ، وَغَرَضُهُ مِنْهُ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ عَنْ مُوَاطَأَةٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَصَّرُوا فِي السِّحْرِ لِيَظْهَرَ أَمْرُ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَإِلَّا فَفِي قُوَّةِ السَّحَرَةِ أَنْ يَفْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَهَذِهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِي تَنْفِيرِ مَنْ يَقْبَلُ قَوْلَهُ .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) وَهُوَ وَعِيدٌ مُطْلَقٌ وَتَهْدِيدٌ شَدِيدٌ .
وَرَابِعُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=49لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) وَهَذَا هُوَ الْوَعِيدُ الْمُفَصَّلُ وَقَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ هُوَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى وَالرِّجْلِ الْيُسْرَى وَالصَّلْبُ مَعْلُومٌ ، وَلَيْسَ فِي الْإِهْلَاكِ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَجَابُوا عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ) الضُّرُّ وَالضَّيْرُ وَاحِدٌ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ إِنْ وَقَعَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنَّمَا عَنَوْا بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا عَرَفُوهُ مِنْ دَارِ الْجَزَاءِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=50إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ) فِيهِ نُكْتَةٌ شَرِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوا فِي حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُمْ مَا أَرَادُوا شَيْئًا سِوَى الْوُصُولِ إِلَى حَضْرَتِهِ ، وَأَنَّهُمْ مَا آمَنُوا رَغْبَةً فِي ثَوَابٍ أَوْ رَهْبَةً مِنْ عِقَابٍ ، وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُمْ مَحْضُ الْوُصُولِ إِلَى مَرْضَاتِهِ وَالِاسْتِغْرَاقِ فِي أَنْوَارِ مَعْرِفَتِهِ ، وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=32873أَعْلَى دَرَجَاتِ الصَّدِّيقِينَ .
الْجَوَابُ الثَّانِي : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا ) فَهُوَ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ إِلَى الْكُفْرِ وَالسِّحْرِ وَغَيْرِهِمَا ، وَالطَّمَعُ فِي هَذَا
[ ص: 118 ] الْمَوْضِعِ يَحْتَمِلُ الْيَقِينَ كَقَوْلِ
إِبْرَاهِيمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=82وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) [ الشُّعَرَاءِ : 82 ] وَيَحْتَمِلُ الظَّنَّ لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَعْلَمُ مَا سَيَجِيءُ مِنْ بَعْدُ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=51أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ) فَالْمُرَادُ لِأَنْ كُنَّا
nindex.php?page=treesubj&link=33952أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ حَضَرُوا ذَلِكَ الْمَوْقِفَ ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ السَّحَرَةِ خَاصَّةً ، أَوْ مِنْ رَعِيَّةِ
فِرْعَوْنَ أَوْ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِمْ ، وَقُرِئَ " إِنْ كُنَّا " بِالْكَسْرِ ، وَهُوَ مِنَ الشَّرْطِ الَّذِي يَجِيءُ بِهِ الْعَدْلُ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ لِمَنْ يُؤَخِّرُ جُعْلَهُ : إِنْ كُنْتُ عَمِلْتُ لَكَ فَوَفِّنِي حَقِّي .