الْقِصَّةُ الثَّالِثَةُ قِصَّةُ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=105كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=106إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=107إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=108فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=109وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=110فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=111قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=112قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=113إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=114وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=115إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=116قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=117قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=118فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=119فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=120ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=121إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=122وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )? .
[ ص: 133 ]
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=105كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=106إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=107إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=108فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=109وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=110فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=111قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=112قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=113إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=114وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=115إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=116قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=117قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=118فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=119فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=120ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=121إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=122وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَصَّ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ
مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ تَسْلِيَةً لَهُ فِيمَا يَلْقَاهُ مِنْ قَوْمِهِ قَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا نَبَأَ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَدْ كَانَ نَبَؤُهُ أَعْظَمَ مِنْ نَبَأِ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَدْعُوهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ، وَمَعَ ذَلِكَ كَذَّبَهُ قَوْمُهُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=105كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ) وَإِنَّمَا قَالَ " كَذَّبَتْ " لِأَنَّ الْقَوْمَ مُؤَنَّثٌ وَتَصْغِيرُهَا قُوَيْمَةٌ ، وَإِنَّمَا حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا الْمُرْسَلِينَ لِوَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمْ وَإِنْ كَذَّبُوا
نُوحًا لَكِنَّ تَكْذِيبَهُ فِي الْمَعْنَى يَتَضَمَّنُ تَكْذِيبَ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ مَعْرِفَةِ الرُّسُلِ لَا تَخْتَلِفُ فَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا الْمُرْسَلِينَ .
وَثَانِيهِمَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33953_32016_31788قَوْمَ نُوحٍ كَذَّبُوا بِجَمِيعِ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى ، إِمَّا لِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنَ الزَّنَادِقَةِ أَوْ مِنَ
الْبَرَاهِمَةِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=106أَخُوهُمْ ) فَلِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ يَا أَخَا
بَنِي تَمِيمٍ يُرِيدُونَ يَا وَاحِدًا مِنْهُمْ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ حَكَى عَنْ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَوَّلًا خَوَّفَهُمْ ، وَثَانِيًا أَنَّهُ وَصَفَ نَفْسَهُ ، أَمَّا التَّخْوِيفُ فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=106أَلَا تَتَّقُونَ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا قَبِلُوا تِلْكَ الْأَدْيَانَ لِلتَّقْلِيدِ وَالْمُقَلِّدُ إِذَا خُوِّفَ خَافَ ، وَمَا لَمْ يَحْصُلِ الْخَوْفُ فِي قَلْبِهِ لَا يَشْتَغِلُ بِالِاسْتِدْلَالِ ، فَلِهَذَا السَّبَبِ قَدَّمَ عَلَى جَمِيعِ كَلِمَاتِهِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=106أَلَا تَتَّقُونَ ) . وَأَمَّا وَصْفُهُ نَفْسَهُ فَذَاكَ بِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=107إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ مَشْهُورًا بِالْأَمَانَةِ
كَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُرَيْشٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ أَمِينًا مِنْ قَبْلُ ، فَكَيْفَ تَتَّهِمُونِي الْيَوْمَ ؟
وَثَانِيهِمَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=109وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ) أَيْ عَلَى مَا أَنَا فِيهِ مِنَ ادِّعَاءِ الرِّسَالَةِ لِئَلَّا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ دَعَاهُمْ لِلرَّغْبَةِ ، فَإِنْ قِيلَ : وَلِمَاذَا كَرَّرَ الْأَمْرَ بِالتَّقْوَى ؟ جَوَابُهُ : لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَرَادَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=106أَلَا تَتَّقُونَ ) مُخَالَفَتِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ ، وَفِي الثَّانِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=106أَلَا تَتَّقُونَ ) مُخَالَفَتِي وَلَسْتُ آخُذُ مِنْكُمْ أَجْرًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ وَلَا تَكْرَارَ فِيهِ ، وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ : أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي عُقُوقِي وَقَدْ رَبَّيْتُكُ صَغِيرًا ! أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي عُقُوقِي وَقَدْ عَلَّمْتُكَ كَبِيرًا ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=28914_28912قَدَّمَ الْأَمْرَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْأَمْرِ بِطَاعَتِهِ ، لِأَنَّ تَقْوَى اللَّهِ عِلَّةٌ لِطَاعَتِهِ فَقَدَّمَ الْعِلَّةَ عَلَى الْمَعْلُولِ ، ثُمَّ إِنَّ
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ أَجَابُوهُ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=111أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ) .
قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : وَقُرِئَ " وَأَتْبَاعُكَ الْأَرْذَلُونَ " جَمْعُ تَابِعٍ كَشَاهِدٍ وَأَشْهَادٍ أَوْ جَمْعُ تَبَعٍ كَبَطَلٍ وَأَبْطَالٍ
[ ص: 134 ] وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَحَقُّهَا أَنْ يُضْمَرَ بَعْدَهَا قَدْ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=111وَاتَّبَعَكَ ) وَقَدْ جُمِعَ أَرْذَالٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَعَلَى التَّكْسِيرِ فِي قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا ) [ هُودٍ : 27 ] وَالرَّذَالَةُ الْخِسَّةُ ، وَإِنَّمَا اسْتَرْذَلُوهُمْ لِاتِّضَاعِ نَسَبِهِمْ وَقِلَّةِ نَصِيبِهِمْ مِنَ الدُّنْيَا ، وَقِيلَ : كَانُوا مِنْ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ الْخَسِيسَةِ كَالْحِيَاكَةِ وَالْحِجَامَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ فِي نِهَايَةِ الرَّكَاكَةِ ، لِأَنَّ
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ بُعِثَ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي ذَلِكَ بِسَبَبِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَشَرَفِ الْمَكَاسِبِ وَدَنَاءَتِهَا ، فَأَجَابَهُمْ
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْجَوَابِ الْحَقِّ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=112وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ نَسَبُوهُمْ مَعَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا عَنْ نَظَرٍ وَبَصِيرَةٍ ، وَإِنَّمَا آمَنُوا بِالْهَوَى وَالطَّمَعِ كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ ) [ هُودٍ : 27 ] ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=113إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي ) مَعْنَاهُ لَا نَعْتَبِرُ إِلَّا الظَّاهِرَ مِنْ أَمْرِهِمْ دُونَ مَا يَخْفَى ، وَلَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=113إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي ) وَكَانُوا لَا يُصَدِّقُونَ بِذَلِكَ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=113لَوْ تَشْعُرُونَ ) ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=114وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ ) وَذَلِكَ كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ سَأَلُوهُ إِبْعَادَهُمْ لِكَيْ يَتَّبِعُوهُ أَوْ لِيَكُونُوا أَقْرَبَ إِلَى ذَلِكَ ، فَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُهُ عَنْ طَرْدِهِمْ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ غَرَضَهُ بِمَا حَمَلَ مِنَ الرِّسَالَةِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=115إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) وَالْمُرَادُ إِنِّي أُخَوِّفُ مَنْ كَذَّبَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ مِنِّي ، فَمَنْ قَبِلَ فَهُوَ الْقَرِيبُ ، وَمَنْ رَدَّ فَهُوَ الْبَعِيدُ ، ثُمَّ إِنَّ
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَمَّمَ هَذَا الْجَوَابَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ إِلَّا التَّهْدِيدُ ، فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=116لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ خَوَّفُوهُ بِأَنْ يُقْتَلَ بِالْحِجَارَةِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَصَلَ الْيَأْسُ
لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ فَلَاحِهِمْ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=117رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=118فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا ) وَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْهُ إِخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّكْذِيبِ لِعِلْمِهِ أَنَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَعْلَمُ ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ : إِنِّي لَا أَدْعُوكَ عَلَيْهِمْ لَمَّا آذَوْنِي ، وَإِنَّمَا أَدْعُوكَ لِأَجْلِكَ وَلِأَجَلِ دَيْنِكَ وَلِأَنَّهُمْ كَذَّبُونِي فِي وَحْيِكِ وَرِسَالَتِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=118فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ) أَيْ فَاحْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، وَالْفَتَاحَةُ الْحُكُومَةَ ، وَالْفَتَّاحُ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ يَفْتَحُ الْمُسْتَغْلَقَ ، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ إِنْزَالُ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ قَالَ عَقِبَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=118وَنَجِّنِي ) وَلَوْلَا أَنَّ الْمُرَادَ إِنْزَالُ الْعُقُوبَةِ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ النَّجَاةِ بَعْدَهُ مَعْنًى ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي قِصَّتِهِ مَشْرُوحًا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَسُورَةِ هُودٍ .
ثم قال تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=119فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : الْفُلْكُ السَّفِينَةُ وَجَمْعُهُ فَلَكٌ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=12وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ ) [ فَاطِرٍ : 12 ] فَالْوَاحِدُ بِوَزْنِ قُفْلٍ وَالْجَمْعُ بِوَزْنِ أَسَدٍ وَالْمَشْحُونُ الْمَمْلُوءُ يُقَالُ : شَحَنَهَا عَلَيْهِمْ خَيْلًا وَرِجَالًا ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ نَجَوْا مَعَهُ كَانَ فِيهِمْ كَثْرَةٌ ، وَأَنَّ الْفُلْكَ امْتَلَأَ بِهِمْ وَبِمَا صَحِبَهُمْ ، وَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَنْجَاهُمْ أَغْرَقَ الْبَاقِينَ وَأَنَّ إِغْرَاقَهُ لَهُمْ كَانَ كَالْمُتَأَخِّرِ عَنْ نَجَاتِهِمْ .