القول فيما ذكره الله تعالى من أحوال
محمد عليه الصلاة والسلام
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك لتكون من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وإنه لفي زبر الأولين ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك لتكون من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وإنه لفي زبر الأولين ) .
اعلم أن الله تعالى لما ختم ما اقتصه من خبر الأنبياء ذكر بعد ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=29629ما يدل على نبوته صلى الله عليه وسلم وهو من وجهين :
الأول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين ) وذلك لأنه لفصاحته معجز فيكون ذلك من رب العالمين ، أو لأنه إخبار عن القصص الماضية من غير تعليم البتة ، فلا يكون ذلك إلا بوحي من الله تعالى ، وقوله بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وإنه لفي زبر الأولين ) كأنه مؤكد لهذا الاحتمال ، وذلك لأنه عليه السلام لما ذكر هذه القصص السبع على ما هي موجودة في زبر الأولين من غير تفاوت أصلا مع أنه لم يشتغل بالتعلم والاستعداد ، دل ذلك على أنه ليس إلا من عند الله تعالى ، فهذا هو المقصود من الآية .
فأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين ) فالمراد بالتنزيل المنزل ، ثم قد كان يجوز في القرآن وهذه القصص أن يكون تنزيلا من الله تعالى إلى
محمد صلى الله عليه وسلم بلا واسطة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين ) والباء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح ) و " نزل به الروح " على القراءتين للتعدية ، ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح ) جعل الله الروح نازلا به على قلبك أي فهمك إياه وأثبته في قلبك إثبات ما لا ينسى كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا تنسى ) [ الأعلى : 6 ]
nindex.php?page=treesubj&link=29753_29751والروح الأمين جبريل عليه السلام وسماه روحا من حيث خلق من الروح ، وقيل : لأنه نجاة الخلق في باب الدين فهو كالروح الذي تثبت معه الحياة ، وقيل : لأنه روح كله لا كالناس الذين في أبدانهم روح وسماه أمينا لأنه مؤتمن على ما يؤديه إلى الأنبياء عليهم السلام ، وإلى غيرهم .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك ) ففيه قولان :
الأول : أنه إنما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك ) وإن كان إنما أنزله عليه ليؤكد به أن ذلك المنزل محفوظ للرسول متمكن في قلبه لا يجوز عليه التغيير فيوثق بالإنذار الواقع منه الذي بين الله تعالى أنه هو المقصود ولذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194لتكون من المنذرين ) .
الثاني : أن
nindex.php?page=treesubj&link=30481القلب هو المخاطب في الحقيقة لأنه موضع التمييز والاختيار ، وأما سائر الأعضاء فمسخرة له والدليل عليه القرآن والحديث والمعقول ، أما القرآن فآيات :
إحداها : قوله تعالى في سورة البقرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97فإنه نزله على قلبك ) وقال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=37إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) [ ق : 37 ] .
وثانيها : أنه ذكر أن استحقاق الجزاء ليس إلا على ما في القلب من المساعي فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) [ البقرة : 225 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) [ الحج : 37 ] والتقوى في القلب لأنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=3أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ) [ الحجرات : 3 ] وقال تعالى :
[ ص: 143 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=10وحصل ما في الصدور ) [ العاديات : 10 ] .
وثالثها : قوله حكاية عن أهل النار : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=10لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) [ الملك : 10 ] ومعلوم أن العقل في القلب والسمع منفذ إليه ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) [ الإسراء : 36 ] ومعلوم أن السمع والبصر لا يستفاد منهما إلا ما يؤديانه إلى القلب ، فكان السؤال عنهما في الحقيقة سؤالا عن القلب وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) [ غافر : 19 ] ، ولم تخف الأعين إلا بما تضمر القلوب عند التحديق بها .
ورابعها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=9وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ) [ السجدة : 9 ] فخص هذه الثلاثة بإلزام الحجة منها واستدعاء الشكر عليها ، وقد قلنا : لا طائل في السمع والأبصار إلا بما يؤديان إلى القلب ليكون القلب هو القاضي فيه والمتحكم عليه ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم ) [ الأحقاف : 26 ] فجعل هذه الثلاثة تمام ما ألزمهم من حجته ، والمقصود من ذلك هو الفؤاد القاضي فيما يؤدي إليه السمع والبصر .
وخامسها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم ) [ البقرة : 7 ] فجعل العذاب لازما على هذه الثلاثة وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ) [ الأعراف : 179 ] وجه الدلالة أنه قصد إلى نفي العلم عنهم رأسا ، فلو ثبت العلم في غير القلب كثباته في القلب لم يتم الغرض . فهذه الآيات ومشاكلها ناطقة بأجمعها أن القلب هو المقصود بإلزام الحجة ، وقد بينا أن ما قرن بذكره من ذكر السمع والبصر فذلك لأنهما آلتان للقلب في تأدية صور المحسوسات والمسموعات .
وأما الحديث فما روى
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير قال سمعته عليه السلام يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013530ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " وأما المعقول فوجوه :
أحدها : أن القلب إذا غشي عليه فلو قطع سائر الأعضاء لم يحصل الشعور به وإذا أفاق القلب فإنه يشعر بجميع ما ينزل بالأعضاء من الآفات فدل ذلك على أن سائر الأعضاء تبع للقلب ولذلك فإن القلب إذا فرح أو حزن فإنه يتغير حال الأعضاء عند ذلك ، وكذا القول في سائر الأعراض النفسانية .
وثانيها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=30481القلب منبع المشاق الباعثة على الأفعال الصادرة من سائر الأعضاء وإذا كانت المشاق مبادئ للأفعال ومنبعها هو القلب كان الآمر المطلق هو القلب .
وثالثها : أن معدن العقل هو القلب وإذا كان كذلك كان الآمر المطلق هو القلب .
أما المقدمة الأولى : ففيها النزاع فإن طائفة من القدماء ذهبوا إلى أن معدن العقل هو الدماغ والذي يدل على قولنا وجوه :
الأول : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ) [ الحج : 46 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لهم قلوب لا يفقهون بها ) [ الأعراف : 179 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=37إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) [ ق : 37 ] أي عقل ، أطلق عليه اسم القلب لما أنه معدنه .
الثاني : أنه تعالى أضاف أضداد العلم إلى القلب ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=12في قلوبهم مرض ) [ الأحزاب : 12 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله على قلوبهم ) [ البقرة : 7 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم ) [ النساء : 155 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم ) [ التوبة : 64 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ) [ الفتح : 11 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كلا بل ران على قلوبهم ) [ المطففين : 14 ] ، ?
[ ص: 144 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=24أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) [ محمد : 24 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ الحج : 46 ] فدلت هذه الآيات على أن موضع الجهل والغفلة هو القلب فوجب أن يكون موضع العقل والفهم أيضا هو القلب .
الثالث : وهو أنا إذا جربنا أنفسنا وجدنا علومنا حاصلة في ناحية القلب ، ولذلك فإن الواحد منا إذا أمعن في الفكر وأكثر منه أحس من قلبه ضيقا وضجرا حتى كأنه يتألم بذلك ، وكل ذلك يدل على أن موضع العقل هو القلب ، وإذا ثبت ذلك وجب أن يكون المكلف هو القلب لأن التكليف مشروط بالعقل والفهم .
الرابع : وهو أن القلب أول الأعضاء تكونا ، وآخرها موتا ، وقد ثبت ذلك بالتشريح ولأنه متمكن في الصدر الذي هو أوسط الجسد ، ومن شأن الملوك المحتاجين إلى الخدم أن يكونوا في وسط المملكة لتكتنفهم الحواشي من الجوانب فيكونوا أبعد من الآفات ، واحتج من قال العقل في الدماغ بأمور :
أحدها : أن الحواس التي هي الآلات للإدراك نافذة إلى الدماغ دون القلب .
وثانيها : أن الأعصاب التي هي الآلات في الحركات الاختيارية نافذة من الدماغ دون القلب .
وثالثها : أن الآفة إذا حلت في الدماغ اختل العقل .
ورابعها : أن في العرف كل من أريد وصفه بقلة العقل قيل إنه خفيف الدماغ خفيف الرأس .
وخامسها : أن العقل أشرف فيكون مكانه أشرف ، والأعلى هو الأشرف وذلك هو الدماغ لا القلب ؛ فوجب أن يكون محل العقل هو الدماغ .
والجواب عن الأول : لم لا يجوز أن يقال الحواس تؤدي آثارها إلى الدماغ ، ثم إن الدماغ يؤدي تلك الآثار إلى القلب ، فالدماغ آلة قريبة للقلب ، والحواس آلات بعيدة فالحس يخدم الدماغ ، ثم الدماغ يخدم القلب ، وتحقيقه أنا ندرك من أنفسنا أنا إذا عقلنا أن الأمر الفلاني يجب فعله أو يجب تركه ، فإن الأعضاء تتحرك عند ذلك ، ونحن نجد التعقلات من جانب القلب لا من جانب الدماغ .
وعن الثاني : أنه لا يبعد أن يتأدى الأثر من القلب إلى الدماغ ، ثم الدماغ يحرك الأعضاء بواسطة الأعصاب النابتة منه .
وعن الثالث : لا يبعد أن يكون سلامة الدماغ شرطا لوصول تأثير القلب إلى سائر الأعضاء .
وعن الرابع : أن ذلك العرف إنما كان لأن القلب إنما يعتدل مزاجه بما يستمد من الدماغ من برودته ، فإذا لحق الدماغ خروج عن الاعتدال خرج القلب عن الاعتدال أيضا ، إما لازدياد حرارته عن القدر الواجب أو لنقصان حرارته عن ذلك القدر فحينئذ يختل العقل .
وعن الخامس : أنه لو صح ما قالوه لوجب أن يكون موضع العقل هو القحف ، ولما بطل ذلك ثبت فساد قولهم والله أعلم .
فرع : اعلم أن المعاني التي بينا كونها مختصة بالقلوب قد تضاف إلى الصدر تارة وإلى الفؤاد أخرى ، أما الصدر فلقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=10وحصل ما في الصدور ) [ العاديات : 10 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154وليبتلي الله ما في صدوركم ) [ آل عمران : 154 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=43إنه عليم بذات الصدور ) [ الأنفال : 43 ] ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=29إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه ) [ آل عمران : 29 ] وأما الفؤاد فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ) [ الأنعام : 110 ] .
ومن الناس من
nindex.php?page=treesubj&link=34077فرق بين القلب والفؤاد فقال : القلب : هو العلقة السوداء في جوف الفؤاد دون ما يكتنفها من اللحم والشحم ، ومجموع ذلك هو الفؤاد ، ومنهم من قال القلب والفؤاد لفظان مترادفان ، وكيف كان فيجب أن يعلم أن من جملة العضو المسمى قلبا وفؤادا موضعا هو الموضع في الحقيقة للعقل والاختيار ، وأن معظم جرم هذا العضو مسخر لذلك الموضع ، كما أن سائر الأعضاء مسخرة للقلب ، فإن العضو قد تزيد أجزاؤه من غير ازدياد المعاني المنسوبة إليه أعني العقل والفرح والحزن وقد ينقص من غير نقصان في تلك المعاني ، فيشبه أن يكون اسم القلب اسما للأجزاء التي تحل فيها هذه المعاني بالحقيقة ، واسم الفؤاد يكون اسما لمجموع العضو ، فهذا
[ ص: 145 ] هو الكلام في هذا الباب والله الموفق للصواب .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194nindex.php?page=treesubj&link=32026_28997_31037لتكون من المنذرين ) فيدخل تحت الإنذار الدعاء إلى كل واجب من علم وعمل والمنع من كل قبيح لأن في الوجهين جميعا يدخل الخوف من العقاب .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين ) فالباء إما أن تتعلق ب " المنذرين " فيكون المعنى لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان ، وهم خمسة :
هود وصالح وشعيب وإسماعيل ومحمد عليهم السلام ، وإما أن تتعلق ب " نزل " فيكون المعنى
nindex.php?page=treesubj&link=20758_31781نزله باللسان العربي لينذر به لأنه لو نزله باللسان الأعجمي لقالوا له ما نصنع بما لا نفهمه فيتعذر الإنذار به ، وفي هذا الوجه أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك لأنك تفهمه ويفهمه قومك ، ولو كان أعجميا لكان نازلا على سمعك دون قلبك ، لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وإنه لفي زبر الأولين ) فيحتمل هذه الأخبار خاصة ، ويحتمل أن يكون المراد صفة القرآن ، ويحتمل صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل أن يكون المراد وجوه التخويف ، لأن ذكر هذه الأشياء بأسرها قد تقدم .
الْقَوْلُ فِيمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَحْوَالِ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) .
اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَتَمَ مَا اقْتَصَّهُ مِنْ خَبَرِ الْأَنْبِيَاءِ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=29629مَا يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لِفَصَاحَتِهِ مُعْجِزٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أَوْ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ الْقَصَصِ الْمَاضِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيمٍ الْبَتَّةَ ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) كَأَنَّهُ مُؤَكِّدٌ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْقَصَصَ السَّبْعَ عَلَى مَا هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالتَّعَلُّمِ وَالِاسْتِعْدَادِ ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) فَالْمُرَادُ بِالتَّنْزِيلِ الْمُنَزَّلُ ، ثُمَّ قَدْ كَانَ يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ وَهَذِهِ الْقَصَصِ أَنْ يَكُونَ تَنْزِيلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا وَاسِطَةٍ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ ) وَ " نُزِّلَ بِهِ الرُّوحُ " عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ لِلتَّعْدِيَةِ ، وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ ) جَعَلَ اللَّهُ الرُّوحَ نَازِلًا بِهِ عَلَى قَلْبِكَ أَيْ فَهَّمَكَ إِيَّاهُ وَأَثْبَتَهُ فِي قَلْبِكَ إِثْبَاتَ مَا لَا يُنْسَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ) [ الْأَعْلَى : 6 ]
nindex.php?page=treesubj&link=29753_29751وَالرُّوحُ الْأَمِينُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَمَّاهُ رُوحًا مِنْ حَيْثُ خُلِقَ مِنَ الرُّوحِ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ نَجَاةُ الْخَلْقِ فِي بَابِ الدِّينِ فَهُوَ كَالرُّوحِ الَّذِي تَثْبُتُ مَعَهُ الْحَيَاةُ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ رُوحٌ كُلُّهُ لَا كَالنَّاسِ الَّذِينَ فِي أَبْدَانِهِمْ رُوحٌ وَسَمَّاهُ أَمِينًا لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا يُؤَدِّيهِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَإِلَى غَيْرِهِمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ ) فَفِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ ) وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ لِيُؤَكِّدَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْمُنَزَّلَ مَحْفُوظٌ لِلرَّسُولِ مُتَمَكِّنٌ فِي قَلْبِهِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّغْيِيرُ فَيُوثَقُ بِالْإِنْذَارِ الْوَاقِعِ مِنْهُ الَّذِي بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) .
الثَّانِي : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30481الْقَلْبَ هُوَ الْمُخَاطَبُ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ التَّمْيِيزِ وَالِاخْتِيَارِ ، وَأَمَّا سَائِرُ الْأَعْضَاءِ فَمُسَخَّرَةٌ لَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ وَالْمَعْقُولُ ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَآيَاتٌ :
إِحْدَاهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ) وَقَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=37إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) [ ق : 37 ] .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْجَزَاءِ لَيْسَ إِلَّا عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ مِنَ الْمَسَاعِي فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 225 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) [ الْحَجِّ : 37 ] وَالتَّقْوَى فِي الْقَلْبِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=3أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ) [ الْحُجُرَاتِ : 3 ] وَقَالَ تَعَالَى :
[ ص: 143 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=10وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) [ الْعَادِيَاتِ : 10 ] .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ حِكَايَةً عَنْ أَهْلِ النَّارِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=10لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) [ الْمُلْكِ : 10 ] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ وَالسَّمْعَ مُنْفِذٌ إِلَيْهِ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 36 ] وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُمَا إِلَّا مَا يُؤَدِّيَانِهِ إِلَى الْقَلْبِ ، فَكَانَ السُّؤَالُ عَنْهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ سُؤَالًا عَنِ الْقَلْبِ وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) [ غَافِرٍ : 19 ] ، وَلَمْ تُخْفِ الْأَعْيُنُ إِلَّا بِمَا تُضْمِرُ الْقُلُوبُ عِنْدَ التَّحْدِيقِ بِهَا .
وَرَابِعُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=9وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ) [ السَّجْدَةِ : 9 ] فَخَصَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِإِلْزَامِ الحجة مِنْهَا وَاسْتِدْعَاءِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا ، وَقَدْ قُلْنَا : لَا طَائِلَ فِي السَّمْعِ وَالْأَبْصَارَ إِلَّا بِمَا يُؤَدِّيَانِ إِلَى الْقَلْبِ لِيَكُونَ الْقَلْبُ هُوَ الْقَاضِيَ فِيهِ وَالْمُتَحَكِّمَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ ) [ الْأَحْقَافِ : 26 ] فَجَعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تَمَامَ مَا أَلْزَمَهُمْ مِنْ حُجَّتِهِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْفُؤَادُ الْقَاضِي فِيمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ .
وَخَامِسُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 7 ] فَجَعَلَ الْعَذَابَ لَازِمًا عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ) [ الْأَعْرَافِ : 179 ] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ قَصَدَ إِلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَنْهُمْ رَأْسًا ، فَلَوْ ثَبَتَ الْعِلْمُ فِي غَيْرِ الْقَلْبِ كَثَبَاتِهِ فِي الْقَلْبِ لَمْ يَتِمَّ الْغَرَضُ . فَهَذِهِ الْآيَاتُ وَمُشَاكِلُهَا نَاطِقَةٌ بِأَجْمَعِهَا أَنَّ الْقَلْبَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِإِلْزَامِ الحجة ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا قُرِنَ بِذِكْرِهِ مِنْ ذِكْرِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا آلَتَانِ لِلْقَلْبِ فِي تَأْدِيَةِ صُوَرِ الْمَحْسُوسَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ .
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=114النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013530أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ " وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَوُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْقَلْبَ إِذَا غُشِيَ عَلَيْهِ فَلَوْ قُطِعَ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ لَمْ يَحْصُلِ الشُّعُورُ بِهِ وَإِذَا أَفَاقَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ يَشْعُرُ بِجَمِيعِ مَا يَنْزِلُ بِالْأَعْضَاءِ مِنَ الْآفَاتِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ تَبَعٌ لِلْقَلْبِ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا فَرِحَ أَوْ حَزِنَ فَإِنَّهُ يَتَغَيَّرُ حَالُ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ ذَلِكَ ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30481الْقَلْبَ مَنْبَعُ الْمَشَاقِّ الْبَاعِثَةِ عَلَى الْأَفْعَالِ الصَّادِرَةِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَإِذَا كَانَتِ الْمَشَاقُّ مَبَادِئَ لِلْأَفْعَالِ وَمَنْبَعُهَا هُوَ الْقَلْبُ كَانَ الْآمِرُ الْمُطْلَقُ هُوَ الْقَلْبَ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ مَعْدِنَ الْعَقْلِ هُوَ الْقَلْبُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْآمِرُ الْمُطْلَقُ هُوَ الْقَلْبَ .
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى : فَفِيهَا النِّزَاعُ فَإِنَّ طَائِفَةً مِنَ الْقُدَمَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَعْدِنَ الْعَقْلِ هُوَ الدِّمَاغُ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى قَوْلِنَا وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ) [ الْحَجِّ : 46 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ) [ الْأَعْرَافِ : 179 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=37إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) [ ق : 37 ] أَيْ عَقْلٌ ، أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الْقَلْبِ لِمَا أَنَّهُ مَعْدِنُهُ .
الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ أَضْدَادَ الْعِلْمِ إِلَى الْقَلْبِ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=12فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) [ الْأَحْزَابِ : 12 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 7 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ) [ النِّسَاءِ : 155 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ) [ التَّوْبَةِ : 64 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) [ الْفَتْحِ : 11 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) [ الْمُطَفِّفِينَ : 14 ] ، ?
[ ص: 144 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=24أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [ مُحَمَّدٍ : 24 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) [ الْحَجِّ : 46 ] فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ هُوَ الْقَلْبُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ أَيْضًا هُوَ الْقَلْبَ .
الثَّالِثُ : وَهُوَ أَنَّا إِذَا جَرَّبْنَا أَنْفُسَنَا وَجَدْنَا عُلُومَنَا حَاصِلَةً فِي نَاحِيَةِ الْقَلْبِ ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا إِذَا أَمْعَنَ فِي الْفِكْرِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ أَحَسَّ مِنْ قَلْبِهِ ضِيقًا وَضَجَرًا حَتَّى كَأَنَّهُ يَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْعَقْلِ هُوَ الْقَلْبُ ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُكَلَّفُ هُوَ الْقَلْبَ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالْعَقْلِ وَالْفَهْمِ .
الرَّابِعُ : وَهُوَ أَنَّ الْقَلْبَ أَوَّلُ الْأَعْضَاءِ تَكَوُّنًا ، وَآخِرُهَا مَوْتًا ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالتَّشْرِيحِ وَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِي الصَّدْرِ الَّذِي هُوَ أَوْسَطُ الْجَسَدِ ، وَمِنْ شَأْنِ الْمُلُوكِ الْمُحْتَاجِينَ إِلَى الْخَدَمِ أَنْ يَكُونُوا فِي وَسَطِ الْمَمْلَكَةِ لِتَكْتَنِفَهُمُ الْحَوَاشِي مِنَ الْجَوَانِبِ فَيَكُونُوا أَبْعَدَ مِنَ الْآفَاتِ ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ الْعَقْلُ فِي الدِّمَاغِ بِأُمُورٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ الْآلَاتُ لِلْإِدْرَاكِ نَافِذَةٌ إِلَى الدِّمَاغِ دُونَ الْقَلْبِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ الْأَعْصَابَ الَّتِي هِيَ الْآلَاتُ فِي الْحَرَكَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ نَافِذَةٌ مِنَ الدِّمَاغِ دُونَ الْقَلْبِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْآفَةَ إِذَا حَلَّتْ فِي الدِّمَاغِ اخْتَلَّ الْعَقْلُ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّ فِي الْعُرْفِ كُلُّ مَنْ أُرِيدَ وَصْفُهُ بِقِلَّةِ الْعَقْلِ قِيلَ إِنَّهُ خَفِيفُ الدِّمَاغِ خَفِيفُ الرَّأْسِ .
وَخَامِسُهَا : أَنَّ الْعَقْلَ أَشْرَفُ فَيَكُونُ مَكَانُهُ أَشْرَفَ ، وَالْأَعْلَى هُوَ الْأَشْرَفُ وَذَلِكَ هُوَ الدِّمَاغُ لَا الْقَلْبُ ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ الْعَقْلِ هُوَ الدِّمَاغَ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْحَوَاسُّ تُؤَدِّي آثَارُهَا إِلَى الدِّمَاغِ ، ثُمَّ إِنِ الدِّمَاغَ يُؤَدِّي تِلْكَ الْآثَارَ إِلَى الْقَلْبِ ، فَالدِّمَاغُ آلَةٌ قَرِيبَةٌ لِلْقَلْبِ ، وَالْحَوَاسُّ آلَاتٌ بَعِيدَةٌ فَالْحِسُّ يَخْدِمُ الدِّمَاغَ ، ثُمَّ الدِّمَاغُ يَخْدِمُ الْقَلْبَ ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّا نُدْرِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا أَنَّا إِذَا عَقَلْنَا أَنَّ الْأَمْرَ الْفُلَانِيَّ يَجِبُ فِعْلُهُ أَوْ يَجِبُ تَرْكُهُ ، فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ تَتَحَرَّكُ عِنْدَ ذَلِكَ ، وَنَحْنُ نَجِدُ التَّعَقُّلَاتِ مِنْ جَانِبِ الْقَلْبِ لَا مِنْ جَانِبِ الدِّمَاغِ .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَأَدَّى الْأَثَرُ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى الدِّمَاغِ ، ثُمَّ الدِّمَاغُ يُحَرِّكُ الْأَعْضَاءَ بِوَاسِطَةِ الْأَعْصَابِ النَّابِتَةِ مِنْهُ .
وَعَنِ الثَّالِثِ : لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ سَلَامَةُ الدِّمَاغِ شَرْطًا لِوُصُولِ تَأْثِيرِ الْقَلْبِ إِلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ .
وَعَنِ الرَّابِعِ : أَنَّ ذَلِكَ الْعُرْفَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الْقَلْبَ إِنَّمَا يَعْتَدِلُ مِزَاجُهُ بِمَا يَسْتَمِدُّ مِنَ الدِّمَاغِ مِنْ بُرُودَتِهِ ، فَإِذَا لَحِقَ الدِّمَاغَ خُرُوجٌ عَنِ الِاعْتِدَالِ خَرَجَ الْقَلْبُ عَنِ الِاعْتِدَالِ أَيْضًا ، إِمَّا لِازْدِيَادِ حَرَارَتِهِ عَنِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ أَوْ لِنُقْصَانِ حَرَارَتِهِ عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَحِينَئِذٍ يَخْتَلُّ الْعَقْلُ .
وَعَنِ الْخَامِسِ : أَنَّهُ لَوْ صَحَّ مَا قَالُوهُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ هُوَ الْقِحْفَ ، وَلَمَّا بَطَلَ ذَلِكَ ثَبَتَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
فَرْعٌ : اعْلَمْ أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي بَيَّنَّا كَوْنَهَا مُخْتَصَّةً بِالْقُلُوبِ قَدْ تُضَافُ إِلَى الصَّدْرِ تَارَةً وَإِلَى الْفُؤَادِ أُخْرَى ، أَمَّا الصَّدْرُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=10وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) [ الْعَادِيَاتِ : 10 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 154 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=43إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) [ الْأَنْفَالِ : 43 ] ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=29إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 29 ] وَأَمَّا الْفُؤَادُ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ ) [ الْأَنْعَامِ : 110 ] .
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=34077فَرَّقَ بَيْنَ الْقَلْبِ وَالْفُؤَادِ فَقَالَ : الْقَلْبُ : هُوَ الْعَلَقَةُ السَّوْدَاءُ فِي جَوْفِ الْفُؤَادِ دُونَ مَا يَكْتَنِفُهَا مِنَ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ ، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ هُوَ الْفُؤَادُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْقَلْبُ وَالْفُؤَادُ لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ ، وَكَيْفَ كَانَ فَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْعُضْوِ الْمُسَمَّى قَلْبًا وَفُؤَادًا مَوْضِعًا هُوَ الْمَوْضِعُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْعَقْلِ وَالِاخْتِيَارِ ، وَأَنَّ مُعْظَمَ جِرْمِ هَذَا الْعُضْوِ مُسَخَّرٌ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، كَمَا أَنَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ مُسَخَّرَةٌ لِلْقَلْبِ ، فَإِنَّ الْعُضْوَ قَدْ تَزِيدُ أَجْزَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ ازْدِيَادِ الْمَعَانِي الْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهِ أَعْنِي الْعَقْلَ وَالْفَرَحَ وَالْحُزْنَ وَقَدْ يَنْقُصُ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْقَلْبِ اسْمًا لِلْأَجْزَاءِ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا هَذِهِ الْمَعَانِي بِالْحَقِيقَةِ ، وَاسْمُ الْفُؤَادِ يَكُونُ اسْمًا لِمَجْمُوعِ الْعُضْوِ ، فَهَذَا
[ ص: 145 ] هُوَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194nindex.php?page=treesubj&link=32026_28997_31037لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) فَيَدْخُلُ تَحْتَ الْإِنْذَارِ الدُّعَاءُ إِلَى كُلِّ وَاجِبٍ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ وَالْمَنْعُ مَنْ كُلِّ قَبِيحٍ لِأَنَّ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا يَدْخُلُ الْخَوْفُ مِنَ الْعِقَابِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) فَالْبَاءُ إِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِ " الْمُنْذِرِينَ " فَيَكُونَ الْمَعْنَى لِتَكُونَ مِنَ الَّذِينَ أَنْذَرُوا بِهَذَا اللِّسَانِ ، وَهُمْ خَمْسَةٌ :
هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَإِسْمَاعِيلُ وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَإِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِ " نَزَلَ " فَيَكُونَ الْمَعْنَى
nindex.php?page=treesubj&link=20758_31781نَزَلَّهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ لِيُنْذِرَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ نَزَّلَهُ بِاللِّسَانِ الْأَعْجَمِيِّ لَقَالُوا لَهُ مَا نَصْنَعُ بِمَا لَا نَفْهَمُهُ فَيَتَعَذَّرُ الْإِنْذَارُ بِهِ ، وَفِي هَذَا الوجه أَنَّ تَنْزِيلَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الَّتِي هِيَ لِسَانُكَ وَلِسَانُ قَوْمِكَ تَنْزِيلٌ لَهُ عَلَى قَلْبِكَ لِأَنَّكَ تَفْهَمُهُ وَيَفْهَمُهُ قَوْمُكَ ، وَلَوْ كَانَ أَعْجَمِيًّا لَكَانَ نَازِلًا عَلَى سَمْعِكَ دُونَ قَلْبِكَ ، لِأَنَّكَ تَسْمَعُ أَجْرَاسَ حُرُوفٍ لَا تَفْهَمُ مَعَانِيَهَا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) فَيَحْتَمِلُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ خَاصَّةً ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ صِفَةَ الْقُرْآنِ ، وَيَحْتَمِلُ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وُجُوهَ التَّخْوِيفِ ، لِأَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِأَسْرِهَا قَدْ تَقَدَّمَ .