(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198ولو نزلناه على بعض الأعجمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كذلك سلكناه في قلوب المجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=201لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=202فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198ولو نزلناه على بعض الأعجمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كذلك سلكناه في قلوب المجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=201لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=202فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ) .
اعلم أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ) المراد منه ذكر الحجة الثانية على نبوته عليه السلام وصدقه ، وتقريره أن جماعة من علماء
بني إسرائيل أسلموا ونصوا على مواضع في
nindex.php?page=treesubj&link=30588_29629التوراة والإنجيل ذكر فيها الرسول عليه الصلاة والسلام بصفته ونعته ، وقد كان مشركو
قريش يذهبون إلى
اليهود ويتعرفون منهم هذا الخبر ، وهذا يدل دلالة ظاهرة على نبوته لأن تطابق الكتب الإلهية على نعته ووصفه يدل قطعا على نبوته ، واعلم أنه قرئ " يكن " بالتذكير ، " وآية " بالنصب على أنها خبره و " أن يعلمه " هو الاسم ، وقرئ " تكن " بالتأنيث وجعلت " آية " اسما و " أن يعلمه " خبرا ، وليست كالأولى لوقوع النكرة اسما والمعرفة خبرا ، ويجوز مع نصب الآية تأنيث " يكن " كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا ) [ الأنعام : 23 ] .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198ولو نزلناه على بعض الأعجمين ) فاعلم أنه تعالى لما بين بالدليلين المذكورين نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم وصدق لهجته بين بعد ذلك أن هؤلاء
nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554الكفار لا تنفعهم الدلائل ولا البراهين ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198ولو نزلناه على بعض الأعجمين ) يعني : إنا أنزلنا هذا القرآن على رجل عربي بلسان عربي مبين ، فسمعوه وفهموه وعرفوا
[ ص: 146 ] فصاحته ، وأنه معجز لا يعارض بكلام مثله ، وانضم إلى ذلك بشارة كتب الله السالفة به ، فلم يؤمنوا به وجحدوه ، وسموه شعرا تارة وسحرا أخرى ، فلو نزلناه على بعض الأعجمين الذي لا يحسن العربية لكفروا به أيضا ولتمحلوا لجحودهم عذرا ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ) أي مثل هذا السلك سلكناه في قلوبهم ، وهكذا مكناه وقررناه فيها وكيفما فعل بهم فلا سبيل إلى أن يتغيروا عما هم عليه من الجحود والإنكار ، وهذا أيضا مما يفيد
nindex.php?page=treesubj&link=30614تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه إذا عرف رسول الله إصرارهم على الكفر ، وأنه قد جرى القضاء الأزلي بذلك حصل اليأس ، وفي المثل : اليأس إحدى الراحتين .
المسألة الرابعة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ) يدل على أن الكل بقضاء الله وخلقه ، قال صاحب " الكشاف " : أراد به أنه صار ذلك التكذيب متمكنا في قلوبهم أشد التمكن فصار ذلك كالشيء الجبلي . والجواب : أنه إما أن يكون قد فعل الله فيهم ما يقتضي رجحان التكذيب على التصديق أو ما فعل ذلك فيهم ، فإن كان الأول فقد دللنا في سورة الأنعام على أن الترجيح لا يتحقق ما لم ينته إلى حد الوجوب وحينئذ يحصل المقصود ، فإن لم يفعل فيهم ما يقتضي الترجيح البتة ، امتنع قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كذلك سلكناه ) كما أن طيران الطائر لما لم يكن له تعلق بكفرهم ، امتنع إسناد الكفر إلى ذلك الطيران .
المسألة الخامسة : قال صاحب " الكشاف " : فإن قلت : ما موقع (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=201لا يؤمنون به ) من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200سلكناه في قلوب المجرمين ) ؟ قلت : موقعه منه موقع الموضح والمبين ؛ لأنه مسوق لبيانه مؤكد للجحود في قلوبهم ، فاتبع ما يقرر هذا المعنى من أنهم لا يزالون على التكذيب به حتى يعاينوا الوعيد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=201لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=202فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=201لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=202فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) الْمُرَادُ مِنْهُ ذِكْرُ الحجة الثَّانِيَةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصِدْقِهِ ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ عُلَمَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَسْلَمُوا وَنَصُّوا عَلَى مَوَاضِعَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30588_29629التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ذُكِرَ فِيهَا الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِصِفَتِهِ وَنَعْتِهِ ، وَقَدْ كَانَ مُشْرِكُو
قُرَيْشٍ يَذْهَبُونَ إِلَى
الْيَهُودِ وَيَتَعَرَّفُونَ مِنْهُمْ هَذَا الْخَبَرَ ، وَهَذَا يَدُلُّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى نُبُوَّتِهِ لِأَنَّ تَطَابُقَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ عَلَى نَعْتِهِ وَوَصْفِهِ يَدُلُّ قَطْعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قُرِئَ " يَكُنْ " بِالتَّذْكِيرِ ، " وَآيَةً " بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُهُ وَ " أَنْ يَعْلَمَهُ " هُوَ الِاسْمُ ، وَقُرِئَ " تَكُنْ " بِالتَّأْنِيثِ وَجُعِلَتْ " آيَةٌ " اسْمًا وَ " أَنْ يَعْلَمَهُ " خَبَرًا ، وَلَيْسَتْ كَالْأُولَى لِوُقُوعِ النَّكِرَةِ اسْمًا وَالْمَعْرِفَةِ خَبَرًا ، وَيَجُوزُ مَعَ نَصْبِ الْآيَةِ تَأْنِيثُ " يَكُنْ " كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ) [ الْأَنْعَامِ : 23 ] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ) فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ بِالدَّلِيلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ نُبُوَّةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِدْقَ لَهْجَتِهِ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554الْكُفَّارَ لَا تَنْفَعُهُمُ الدَّلَائِلُ وَلَا الْبَرَاهِينُ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ) يَعْنِي : إِنَّا أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى رَجُلٍ عَرَبِيٍّ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ، فَسَمِعُوهُ وَفَهِمُوهُ وَعَرَفُوا
[ ص: 146 ] فَصَاحَتَهُ ، وَأَنَّهُ مُعْجِزٌ لَا يُعَارَضُ بِكَلَامٍ مِثْلِهِ ، وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ بِشَارَةُ كُتُبِ اللَّهِ السَّالِفَةِ بِهِ ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَجَحَدُوهُ ، وَسَمَّوْهُ شِعْرًا تَارَةً وَسِحْرًا أُخْرَى ، فَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ لَكَفَرُوا بِهِ أَيْضًا وَلَتَمَحَّلُوا لِجُحُودِهِمْ عُذْرًا ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ) أَيْ مِثْلُ هَذَا السَّلْكِ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَهَكَذَا مَكَّنَّاهُ وَقَرَّرْنَاهُ فِيهَا وَكَيْفَمَا فَعَلَ بِهِمْ فَلَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ يَتَغَيَّرُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ ، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يُفِيدُ
nindex.php?page=treesubj&link=30614تَسْلِيَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ إِذَا عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ إِصْرَارَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ ، وَأَنَّهُ قَدْ جَرَى الْقَضَاءُ الْأَزَلِيُّ بِذَلِكَ حَصَلَ الْيَأْسُ ، وَفِي الْمَثَلِ : الْيَأْسُ إِحْدَى الرَّاحَتَيْنِ .
المسألة الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ ، قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ صَارَ ذَلِكَ التَّكْذِيبُ مُتَمَكِّنًا فِي قُلُوبِهِمْ أَشَدَّ التَّمَكُّنِ فَصَارَ ذَلِكَ كَالشَّيْءِ الْجِبِلِّيِّ . وَالْجَوَابُ : أَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ مَا يَقْتَضِي رُجْحَانَ التَّكْذِيبِ عَلَى التَّصْدِيقِ أَوْ مَا فَعَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ دَلَّلْنَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ عَلَى أَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَتَحَقَّقُ مَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى حَدِّ الْوُجُوبِ وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِمْ مَا يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ الْبَتَّةَ ، امْتَنَعَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ ) كَمَا أَنَّ طَيَرَانَ الطَّائِرِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِكُفْرِهِمْ ، امْتَنَعَ إِسْنَادُ الْكُفْرِ إِلَى ذَلِكَ الطَّيَرَانِ .
المسألة الْخَامِسَةُ : قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : فَإِنْ قُلْتَ : مَا مَوْقِعُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=201لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ) مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=200سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ) ؟ قُلْتُ : مَوْقِعُهُ مِنْهُ مُوقِعُ الْمُوَضِّحِ وَالْمُبَيِّنِ ؛ لِأَنَّهُ مَسُوقٌ لِبَيَانِهِ مُؤَكِّدٌ لِلْجُحُودِ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَاتَّبَعَ مَا يُقَرِّرُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ عَلَى التَّكْذِيبِ بِهِ حَتَّى يُعَايِنُوا الْوَعِيدَ .