(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210وما تنزلت به الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وما ينبغي لهم وما يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210وما تنزلت به الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وما ينبغي لهم وما يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ) .
اعلم أنه تعالى لما احتج على صدق
محمد صلى الله عليه وسلم بكون
nindex.php?page=treesubj&link=32238_28741القرآن تنزيل رب العالمين ، وإنما يعرف ذلك لوقوعه من الفصاحة في النهاية القصوى ، ولأنه مشتمل على قصص المتقدمين من غير تفاوت ، مع أنه عليه السلام لم يشتغل بالتعلم والاستفادة ، فكان الكفار يقولون : لم لا يجوز أن يكون هذا من إلقاء الجن والشياطين كسائر ما ينزل على الكهنة ؟ ، فأجاب الله تعالى عنه بأن ذلك لا يتسهل للشياطين لأنهم مرجومون بالشهب معزولون عن استماع كلام أهل السماء ، ولقائل أن يقول : العلم بكون الشياطين ممنوعين عن ذلك لا يحصل إلا بواسطة خبر النبي الصادق ، فإذا أثبتنا كون
محمد صلى الله عليه وسلم صادقا بفصاحة القرآن وإخباره عن الغيب ، ولا يمكن إثبات كون الفصاحة والإخبار عن الغيب معجزا إلا إذا ثبت كون الشياطين ممنوعين عن ذلك ، لزم الدور وهو باطل وجوابه : لا نسلم أن العلم بكون الشياطين ممنوعين عن ذلك لا يستفاد إلا من قول النبي ، وذلك لأنا نعلم بالضرورة أن الاهتمام بشأن الصديق أقوى من الاهتمام بشأن العدو ، ونعلم بالضرورة أن
محمدا صلى الله عليه وسلم كان يلعن الشياطين ويأمر الناس بلعنهم ، فلو كان هذا الغيب إنما حصل من إلقاء الشياطين ، لكان الكفار أولى بأن يحصل لهم مثل هذا العلم ، فكان يجب أن يكون اقتدار الكفار على مثله أولى ، فلما لم يكن كذلك علمنا أن الشياطين ممنوعون عن ذلك ، وأنهم معزولون عن تعرف الغيوب ، ثم إنه تعالى لما ذكر هذا الجواب ابتدأ بخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فلا تدع مع الله إلها آخر ) وذلك في الحقيقة خطاب
[ ص: 148 ] لغيره ، لأن من شأن الحكيم إذا أراد أن يؤكد خطاب الغير أن يوجهه إلى الرؤساء في الظاهر ، وإن كان المقصود بذلك هم الأتباع ، ولأنه تعالى أراد أن يتبعه ما يليق بذلك ، فلهذه العلة أفرده بالمخاطبة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا احْتَجَّ عَلَى صِدْقِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَوْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=32238_28741الْقُرْآنِ تَنْزِيلَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ لِوُقُوعِهِ مِنَ الْفَصَاحَةِ فِي النِّهَايَةِ الْقُصْوَى ، وَلِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى قَصَصِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ ، مَعَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالتَّعَلُّمِ وَالِاسْتِفَادَةِ ، فَكَانَ الْكُفَّارُ يَقُولُونَ : لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ إِلْقَاءِ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ كَسَائِرِ مَا يَنْزِلُ عَلَى الْكَهَنَةِ ؟ ، فَأَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَسَهَّلُ لِلشَّيَاطِينِ لِأَنَّهُمْ مَرْجُومُونَ بِالشُّهُبِ مَعْزُولُونَ عَنِ اسْتِمَاعِ كَلَامِ أَهْلِ السَّمَاءِ ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : الْعِلْمُ بِكَوْنِ الشَّيَاطِينِ مَمْنُوعِينَ عَنْ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِوَاسِطَةِ خَبَرِ النَّبِيِّ الصَّادِقِ ، فَإِذَا أَثْبَتْنَا كَوْنَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَادِقًا بِفَصَاحَةِ الْقُرْآنَ وَإِخْبَارِهِ عَنِ الْغَيْبِ ، وَلَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُ كَوْنِ الْفَصَاحَةِ وَالْإِخْبَارِ عَنِ الْغَيْبِ مُعْجِزًا إِلَّا إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الشَّيَاطِينِ مَمْنُوعِينَ عَنْ ذَلِكَ ، لَزِمَ الدَّوْرُ وَهُوَ بَاطِلٌ وَجَوَابُهُ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ الشَّيَاطِينِ مَمْنُوعِينَ عَنْ ذَلِكَ لَا يُسْتَفَادُ إِلَّا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ، وَذَلِكَ لِأَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الِاهْتِمَامَ بِشَأْنِ الصَّدِيقِ أَقْوَى مِنَ الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِ الْعَدُوِّ ، وَنَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْعَنُ الشَّيَاطِينَ وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِلَعْنِهِمْ ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْغَيْبُ إِنَّمَا حَصَلَ مِنْ إِلْقَاءِ الشَّيَاطِينِ ، لَكَانَ الْكُفَّارُ أَوْلَى بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ مِثْلُ هَذَا الْعِلْمِ ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اقْتِدَارُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلِهِ أَوْلَى ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عِلِمْنَا أَنَّ الشَّيَاطِينَ مَمْنُوعُونَ عَنْ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُمْ مَعْزُولُونَ عَنْ تَعَرُّفِ الْغُيُوبِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْجَوَابَ ابْتَدَأَ بِخِطَابِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) وَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ خِطَابٌ
[ ص: 148 ] لِغَيْرِهِ ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْحَكِيمِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَكِّدَ خِطَابَ الْغَيْرِ أَنْ يُوَجِّهَهُ إِلَى الرُّؤَسَاءِ فِي الظَّاهِرِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ هُمُ الْأَتْبَاعَ ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُتْبِعَهُ مَا يَلِيقُ بِذَلِكَ ، فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ أَفْرَدَهُ بِالْمُخَاطَبَةِ .