(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين ) .
[ ص: 171 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين )
اعلم أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41نكروا ) معناه : اجعلوا العرش منكرا مغيرا عن شكله ، كما يتنكر الرجل للناس لئلا يعرفوه ؛ وذلك لأنه لو ترك على ما كان لعرفته لا محالة ، وكان لا تدل معرفتها به على ثبات عقلها ، وإذا غير دلت معرفتها أو توقفها فيه على فضل عقل ، ولا يمتنع صحة ما قيل : إن
سليمان عليه السلام ألقي إليه أن فيها نقصان عقل ؛ لكي لا يتزوجها أو لا تحظى عنده على وجه الحسد ، فأراد بما ذكرنا اختبار عقلها .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41ننظر ) فقرئ بالجزم على الجواب ، وبالرفع على الاستئناف ، واختلفوا في ( أتهتدي ) على وجهين :
أحدهما : أتعرف أنه عرشها أم لا ؟ كما قدمنا .
الثاني : أتعرف به نبوة
سليمان أم لا ؟ ولذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41أم تكون من الذين لا يهتدون ) وذلك كالذم ولا يليق إلا بطريقة الدلالة ، فكأنه عليه السلام أحب أن تنظر فتعرف به نبوته من حيث صار متنقلا من المكان البعيد إلى هناك ، وذلك يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=28783_33679قدرة الله تعالى وعلى صدق
سليمان عليه السلام ، ويعرف بذلك أيضا فضل عقلها لأغراض كانت له ، فعند ذلك سألها .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42أهكذا عرشك ) فاعلم أن هكذا ثلاث كلمات ، حرف التنبيه ، وكاف التشبيه ، واسم الإشارة ، ولم يقل : أهذا عرشك ، ولكن أمثل هذا عرشك ؟ لئلا يكون تلقينا ، فقالت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كأنه هو ) ولم تقل : هو هو ، ولا ليس به ، وذلك من كمال عقلها حيث توقفت في محل التوقف .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وأوتينا العلم من قبلها ) ففيه سؤالان : وهو أن هذا الكلام كلام من ؟ وأيضا فعلى أي شيء عطف هذا الكلام ؟ وعنه جوابان :
الأول : أنه كلام
سليمان وقومه ، وذلك لأن
بلقيس لما سئلت عن عرشها ، ثم إنها أجابت بقولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كأنه هو ) فالظاهر أن
سليمان وقومه قالوا : إنها قد أصابت في جوابها ، وهي عاقلة لبيبة ، وقد رزقت الإسلام ، ثم عطفوا على ذلك قولهم : وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته قبل علمها ، ويكون غرضهم من ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=19607شكر الله تعالى في أن خصهم بمزية التقدم في الإسلام .
الثاني : أنه من كلام
بلقيس موصولا بقولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كأنه هو ) والمعنى : وأوتينا العلم بالله وبصحة نبوة
سليمان قبل هذه المعجزة أو قبل هذه الحالة ، ثم إن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وصدها ما كانت تعبد من دون الله ) إلى آخر الآية يكون من كلام رب العزة .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وصدها ما كانت تعبد من دون الله ) ففيه وجهان :
الأول : المراد : وصدها عبادتها لغير الله عن الإيمان .
الثاني : وصدها الله أو
سليمان عما كانت تعبد ، بتقدير حذف الجار وإيصال الفعل ، وقرئ ( أنها ) بالفتح على أنه بدل من فاعل صد وبمعنى لأنها ، واحتجت
المعتزلة بهذه الآية ، فقالوا : لو كان تعالى خلق الكفر فيها لم يكن الصاد لها كفرها المتقدم ولا كونها من جملة الكفار ، بل كان يكون الصاد لها عن الإيمان تجدد خلق الله الكفر فيها .
والجواب : أما على التأويل الثاني فلا شك في سقوط الاستدلال .
وأما على الأول فجوابنا : أن كونها من جملة الكفار صار سببا لحصول الداعية المستلزمة للكفر ، وحينئذ يبقى ظاهر الآية موافقا لقولنا ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ) .
[ ص: 171 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ )
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41نَكِّرُوا ) مَعْنَاهُ : اجْعَلُوا الْعَرْشَ مُنَكَّرًا مُغَيَّرًا عَنْ شَكْلِهِ ، كَمَا يَتَنَكَّرُ الرَّجُلُ لِلنَّاسِ لِئَلَّا يَعْرِفُوهُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ عَلَى مَا كَانَ لَعَرَفَتْهُ لَا مَحَالَةَ ، وَكَانَ لَا تَدُلُّ مَعْرِفَتُهَا بِهِ عَلَى ثَبَاتِ عَقْلِهَا ، وَإِذَا غُيِّرَ دَلَّتْ مَعْرِفَتُهَا أَوْ تَوَقُّفُهَا فِيهِ عَلَى فَضْلِ عَقْلٍ ، وَلَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ مَا قِيلَ : إِنَّ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُلْقِيَ إِلَيْهِ أَنَّ فِيهَا نُقْصَانَ عَقْلٍ ؛ لِكَيْ لَا يَتَزَوَّجَهَا أَوْ لَا تَحْظَى عِنْدَهُ عَلَى وَجْهِ الْحَسَدِ ، فَأَرَادَ بِمَا ذَكَرْنَا اخْتِبَارَ عَقْلِهَا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41نَنْظُرْ ) فَقُرِئَ بِالْجَزْمِ عَلَى الْجَوَابِ ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي ( أَتَهْتَدِي ) عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَتَعْرِفُ أَنَّهُ عَرْشُهَا أَمْ لَا ؟ كَمَا قَدَّمْنَا .
الثَّانِي : أَتَعْرِفُ بِهِ نُبُوَّةَ
سُلَيْمَانَ أَمْ لَا ؟ وَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ) وَذَلِكَ كَالذَّمِّ وَلَا يَلِيقُ إِلَّا بِطَرِيقَةِ الدَّلَالَةِ ، فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَبَّ أَنْ تَنْظُرَ فَتَعْرِفَ بِهِ نُبُوَّتَهُ مِنْ حَيْثُ صَارَ مُتَنَقِّلًا مِنَ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ إِلَى هُنَاكَ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28783_33679قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى صِدْقِ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَيَعْرِفُ بِذَلِكَ أَيْضًا فَضْلَ عَقْلِهَا لِأَغْرَاضٍ كَانَتْ لَهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ سَأَلَهَا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42أَهَكَذَا عَرْشُكِ ) فَاعْلَمْ أَنَّ هَكَذَا ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ ، حَرْفُ التَّنْبِيهِ ، وَكَافُ التَّشْبِيهِ ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ ، وَلَمْ يَقُلْ : أَهَذَا عَرْشُكِ ، وَلَكِنْ أَمِثْلُ هَذَا عَرْشُكِ ؟ لِئَلَّا يَكُونَ تَلْقِينًا ، فَقَالَتْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كَأَنَّهُ هُوَ ) وَلَمْ تَقُلْ : هُوَ هُوَ ، وَلَا لَيْسَ بِهِ ، وَذَلِكَ مِنْ كَمَالِ عَقْلِهَا حَيْثُ تَوَقَّفَتْ فِي مَحَلِّ التَّوَقُّفِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا ) فَفِيهِ سُؤَالَانِ : وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَلَامُ مَنْ ؟ وَأَيْضًا فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ عَطَفَ هَذَا الْكَلَامَ ؟ وَعَنْهُ جَوَابَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ كَلَامُ
سُلَيْمَانَ وَقَوْمِهِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ
بِلْقِيسَ لَمَّا سُئِلَتْ عَنْ عَرْشِهَا ، ثُمَّ إِنَّهَا أَجَابَتْ بِقَوْلِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كَأَنَّهُ هُوَ ) فَالظَّاهِرُ أَنَّ
سُلَيْمَانَ وَقَوْمَهُ قَالُوا : إِنَّهَا قَدْ أَصَابَتْ فِي جَوَابِهَا ، وَهِيَ عَاقِلَةٌ لَبِيبَةٌ ، وَقَدْ رُزِقَتِ الْإِسْلَامَ ، ثُمَّ عَطَفُوا عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُمْ : وَأُوتِينَا نَحْنُ الْعِلْمَ بِاللَّهِ وَبِقُدْرَتِهِ قَبْلَ عِلْمِهَا ، وَيَكُونُ غَرَضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=19607شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ خَصَّهُمْ بِمَزِيَّةِ التَّقَدُّمِ فِي الْإِسْلَامِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ
بِلْقِيسَ مَوْصُولًا بِقَوْلِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كَأَنَّهُ هُوَ ) وَالْمَعْنَى : وَأُوتِينَا الْعِلْمَ بِاللَّهِ وَبِصِحَّةِ نُبُوَّةِ
سُلَيْمَانَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ أَوْ قَبْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ ، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ يَكُونُ مِنْ كَلَامِ رَبِّ الْعِزَّةِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) فَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ : وَصَدَّهَا عِبَادَتُهَا لِغَيْرِ اللَّهِ عَنِ الْإِيمَانِ .
الثَّانِي : وَصَدَّهَا اللَّهُ أَوْ
سُلَيْمَانُ عَمَّا كَانَتْ تَعْبُدُ ، بِتَقْدِيرِ حَذْفِ الْجَارِّ وَإِيصَالِ الْفِعْلِ ، وَقُرِئَ ( أَنَّهَا ) بِالْفَتْحِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ فَاعِلِ صَدَّ وَبِمَعْنَى لِأَنَّهَا ، وَاحْتَجَّتِ
الْمُعْتَزِلَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالُوا : لَوْ كَانَ تَعَالَى خَلَقَ الْكُفْرَ فِيهَا لَمْ يَكُنِ الصَّادُّ لَهَا كُفْرَهَا الْمُتَقَدِّمَ وَلَا كَوْنَهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكُفَّارِ ، بَلْ كَانَ يَكُونُ الصَّادُّ لَهَا عَنِ الْإِيمَانِ تَجَدُّدَ خَلْقِ اللَّهِ الْكُفْرَ فِيهَا .
وَالْجَوَابُ : أَمَّا عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي فَلَا شَكَّ فِي سُقُوطِ الِاسْتِدْلَالِ .
وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَجَوَابُنَا : أَنَّ كَوْنَهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكُفَّارِ صَارَ سَبَبًا لِحُصُولِ الدَّاعِيَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْكُفْرِ ، وَحِينَئِذٍ يَبْقَى ظَاهِرُ الْآيَةِ مُوَافِقًا لِقَوْلِنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .