القول في خطاب الله عز وجل مع
محمد صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أم ما يشركون )
في هذه الآية قولان :
الأول : أنه متعلق بما قبله من القصص ، والمعنى : الحمد لله على إهلاكهم ، وسلام على عباده الذين اصطفى بأن أرسلهم ونجاهم .
الثاني : أنه مبتدأ ، فإنه تعالى لما ذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام ، وكان
محمد صلى الله عليه وسلم كالمخالف لمن قبله في أمر العذاب ؛ لأن عذاب الاستئصال مرتفع عن قومه ، أمره تعالى بأن
nindex.php?page=treesubj&link=19607_19609_20698يشكر ربه على ما خصه بهذه النعم ، وبأن يسلم على الأنبياء عليهم السلام الذين صبروا على مشاق الرسالة .
فأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59آلله خير أم ما يشركون ) فهو تبكيت للمشركين وتهكم بحالهم ، وذلك : أنهم آثروا عبادة الأصنام على عبادة الله تعالى ، ولا يؤثر عاقل شيئا على شيء إلا لزيادة خير ومنفعة ، فقيل لهم هذا الكلام تنبيها على نهاية ضلالهم وجهلهم . وقرئ ( يشركون ) بالياء والتاء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال : "
بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم " .
ثم اعلم أنه سبحانه وتعالى تكلم بعد ذلك في عدة فصول :
الفصل الأول : في الرد على عبدة الأوثان ، ومدار هذا الفصل على بيان أنه سبحانه وتعالى هو الخالق لأصول النعم وفروعها ، فكيف تحسن عبادة ما لا منفعة منه البتة ؟ ثم إنه سبحانه وتعالى ذكر أنواعا :
الْقَوْلُ فِي خِطَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ )
فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْقَصَصِ ، وَالْمَعْنَى : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ ، وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى بِأَنْ أَرْسَلَهُمْ وَنَجَّاهُمُ .
الثَّانِي : أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَكَانَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُخَالِفِ لِمَنْ قَبْلَهُ فِي أَمْرِ الْعَذَابِ ؛ لِأَنَّ عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ مُرْتَفِعٌ عَنْ قَوْمِهِ ، أَمَرَهُ تَعَالَى بِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19607_19609_20698يَشْكُرَ رَبَّهُ عَلَى مَا خَصَّهُ بِهَذِهِ النِّعَمِ ، وَبِأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الَّذِينَ صَبَرُوا عَلَى مَشَاقِّ الرِّسَالَةِ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ ) فَهُوَ تَبْكِيتٌ لِلْمُشْرِكِينَ وَتَهَكُّمٌ بِحَالِهِمْ ، وَذَلِكَ : أَنَّهُمْ آثَرُوا عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا يُؤْثِرُ عَاقِلٌ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ إِلَّا لِزِيَادَةِ خَيْرٍ وَمَنْفَعَةٍ ، فَقِيلَ لَهُمْ هَذَا الْكَلَامُ تَنْبِيهًا عَلَى نِهَايَةِ ضَلَالِهِمْ وَجَهْلِهِمْ . وَقُرِئَ ( يُشْرِكُونَ ) بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ : "
بَلِ اللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَجَلُّ وَأَكْرَمُ " .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ فُصُولٍ :
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ : فِي الرَّدِّ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ ، وَمَدَارُ هَذَا الْفَصْلِ عَلَى بَيَانِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ لِأُصُولِ النِّعَمِ وَفُرُوعِهَا ، فَكَيْفَ تَحْسُنُ عِبَادَةُ مَا لَا مَنْفَعَةَ مِنْهُ الْبَتَّةَ ؟ ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ أَنْوَاعًا :