[ ص: 185 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فتوكل على الله إنك على الحق المبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فتوكل على الله إنك على الحق المبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون )
اعلم أنه سبحانه لما تمم الكلام في إثبات المبدأ والمعاد ، ذكر بعد ذلك ما يتعلق بالنبوة ، ولما كانت
nindex.php?page=treesubj&link=29629_28752العمدة الكبرى في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن ، لا جرم بين الله تعالى أولا كونه معجزة من وجوه :
أحدها : إن
nindex.php?page=treesubj&link=29778الأقاصيص المذكورة في القرآن موافقة لما كانت مذكورة في التوراة والإنجيل ، مع العلم بأنه عليه الصلاة والسلام كان أميا ، وأنه لم يخالط أحدا من العلماء ، ولم يشتغل قط بالاستفادة والتعلم ، فإذن لا يكون ذلك إلا من قبل الله تعالى ، واختلفوا فقال بعضهم : أراد به ما اختلفوا فيه وتباينوا ، وقال آخرون : أراد به ما حرفه بعضهم ، وقال بعضهم : بل أراد به أخبار الأنبياء ، والأول أقرب .
وثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ) وذلك لأن بعض الناس قال : إنا لما تأملنا القرآن فوجدنا فيه من الدلائل العقلية على التوحيد والحشر والنبوة ، وشرح صفات الله تعالى وبيان نعوت جلاله ما لم نجده في شيء من الكتب ، ووجدنا ما فيه من الشرائع مطابقة للعقول موافقة لها ، ووجدناه مبرأ عن التناقض والتهافت ، فكان هدى ورحمة من هذه الجهات ووجدنا القوى البشرية قاصرة على جمع كتاب على هذا الوجه ، فعلمنا أنه ليس إلا من عند الله تعالى ، فكان
nindex.php?page=treesubj&link=28741القرآن معجزا من هذه الجهة .
وثالثها : أنه هدى ورحمة للمؤمنين ، لبلوغه في الفصاحة إلى حيث عجزوا عن معارضته وذلك معجز ، ثم إنه تعالى لما بين كونه معجزا دالا على الرسالة ذكر بعده أمرين :
الأول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ) والمراد أن القرآن وإن كان يقص على
بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ، لكن لا تكن أنت في قيدهم ، فإن ربك هو الذي يقضي بينهم ، أي بين المصيب والمخطئ منهم ، وذلك كالزجر للكفار ، فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78وهو العزيز ) أي القادر الذي لا يمنع , العليم بما يحكم فلا يكون إلا الحق ، فإن قيل : القضاء والحكم شيء واحد ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78يقضي بينهم بحكمه ) كقوله : يقضي بقضائه ، ويحكم بحكمه ، والجواب : معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78بحكمه ) أي بما يحكم به وهو عدله ؛ لأنه لا يقضي إلا بالعدل ، أو أراد بحكمه ، ويدل عليه قراءة من قرأ ( بحكمه ) جمع حكمة .
الثاني : أنه تعالى أمره بعد ظهور حجة رسالته بأن يتوكل على الله ، ولا يلتفت إلى أعداء الله ، ويشرع في تمشية مهمات الرسالة بقلب قوي ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فتوكل على الله ) ثم علل ذلك بأمرين :
أحدهما : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79إنك على الحق المبين ) وفيه بيان أن
nindex.php?page=treesubj&link=29677_29676المحق حقيق بنصرة الله تعالى وأنه لا يخذل .
وثانيهما : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إنك لا تسمع الموتى ) وإنما حسن جعله سببا للأمر بالتوكل ، وذلك
[ ص: 186 ] لأن الإنسان ما دام يطمع في أحد أن يأخذ منه شيئا ، فإنه لا يقوى قلبه على إظهار مخالفته ، فإذا قطع طمعه عنه قوي قلبه على إظهار مخالفته ، فالله سبحانه وتعالى قطع
محمدا صلى الله عليه وسلم عنهم بأن بين له أنهم كالموتى وكالصم وكالعمي ، فلا يفهمون ولا يسمعون ولا يبصرون ولا يلتفتون إلى شيء من الدلائل ، وهذا سبب لقوة قلبه عليه الصلاة والسلام على إظهار الدين كما ينبغي ، فإن قيل ما معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إذا ولوا مدبرين ) ؟ جوابه : هو تأكيد لحال الأصم ؛ لأنه إذا تباعد عن الداعي بأن تولى عنه مدبرا كان أبعد عن إدراك صوته .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا ) فالمعنى : ما يجدي إسماعك إلا الذين علم الله أنهم يؤمنون بآياته ، أي يصدقون بها (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81فهم مسلمون ) أي مخلصون من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم وجهه لله ) ( البقرة : 112 ) يعني جعله سالما لله تعالى خالصا له ، والله أعلم .
[ ص: 185 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ )
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا تَمَّمَ الْكَلَامَ فِي إِثْبَاتِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ ، ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنُّبُوَّةِ ، وَلَمَّا كَانَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=29629_28752الْعُمْدَةُ الْكُبْرَى فِي إِثْبَاتِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْقُرْآنَ ، لَا جَرَمَ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلًا كَوْنَهُ مُعْجِزَةً مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29778الْأَقَاصِيصَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ مُوَافِقَةٌ لِمَا كَانَتْ مَذْكُورَةً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ أُمِّيًّا ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِطْ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ قَطُّ بِالِاسْتِفَادَةِ وَالتَّعَلُّمِ ، فَإِذَنْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَرَادَ بِهِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَتَبَايَنُوا ، وَقَالَ آخَرُونَ : أَرَادَ بِهِ مَا حَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ أَرَادَ بِهِ أَخْبَارَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=77وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) وَذَلِكَ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ : إِنَّا لَمَّا تَأَمَّلْنَا الْقُرْآنَ فَوَجَدْنَا فِيهِ مِنَ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْحَشْرِ وَالنُّبُوَّةِ ، وَشَرْحِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيَانِ نُعُوتِ جَلَالِهِ مَا لَمْ نَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ ، وَوَجَدْنَا مَا فِيهِ مِنَ الشَّرَائِعِ مُطَابِقَةً لِلْعُقُولِ مُوَافِقَةً لَهَا ، وَوَجَدْنَاهُ مُبَرَّأً عَنِ التَّنَاقُضِ وَالتَّهَافُتِ ، فَكَانَ هُدَىً وَرَحْمَةً مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ وَوَجَدْنَا الْقُوَى الْبَشَرِيَّةَ قَاصِرَةً عَلَى جَمْعِ كِتَابٍ عَلَى هَذَا الوجه ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28741الْقُرْآنُ مُعْجِزًا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ هُدَىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ، لِبُلُوغِهِ فِي الْفَصَاحَةِ إِلَى حَيْثُ عَجَزُوا عَنْ مُعَارَضَتِهِ وَذَلِكَ مُعْجِزٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ كَوْنَهُ مُعْجِزًا دَالًّا عَلَى الرِّسَالَةِ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَمْرَيْنِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ) وَالْمُرَادُ أَنَّ الْقُرْآنَ وَإِنْ كَانَ يَقُصُّ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ، لَكِنْ لَا تَكُنْ أَنْتَ فِي قَيْدِهِمْ ، فَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَهُمْ ، أَيْ بَيْنَ الْمُصِيبِ وَالْمُخْطِئِ مِنْهُمْ ، وَذَلِكَ كَالزَّجْرِ لِلْكُفَّارِ ، فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78وَهُوَ الْعَزِيزُ ) أَيِ الْقَادِرُ الَّذِي لَا يُمْنَعُ , الْعَلِيمُ بِمَا يَحْكُمُ فَلَا يَكُونُ إِلَّا الْحَقُّ ، فَإِنْ قِيلَ : الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ) كَقَوْلِهِ : يَقْضِي بِقَضَائِهِ ، وَيَحْكُمُ بِحُكْمِهِ ، وَالْجَوَابُ : مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=78بِحُكْمِهِ ) أَيْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ وَهُوَ عَدْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي إِلَّا بِالْعَدْلِ ، أَوْ أَرَادَ بِحُكْمِهِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ( بِحِكَمِهِ ) جَمْعُ حِكْمَةٍ .
الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ بَعْدَ ظُهُورِ حُجَّةِ رِسَالَتِهِ بِأَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ ، وَلَا يَلْتَفِتَ إِلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ ، وَيَشْرَعَ فِي تَمْشِيَةِ مُهِمَّاتِ الرِّسَالَةِ بِقَلْبٍ قَوِيٍّ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ) وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29677_29676الْمُحِقَّ حَقِيقٌ بِنُصْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ لَا يُخْذَلُ .
وَثَانِيهِمَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ) وَإِنَّمَا حَسُنَ جَعْلُهُ سَبَبًا لِلْأَمْرِ بِالتَّوَكُّلِ ، وَذَلِكَ
[ ص: 186 ] لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَا دَامَ يَطْمَعُ فِي أَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّهُ لَا يَقْوَى قَلْبُهُ عَلَى إِظْهَارِ مُخَالَفَتِهِ ، فَإِذَا قَطَعَ طَمَعَهُ عَنْهُ قَوِيَ قَلْبُهُ عَلَى إِظْهَارِ مُخَالَفَتِهِ ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَطَعَ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ بِأَنْ بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُمْ كَالْمَوْتَى وَكَالصُّمِّ وَكَالْعُمْيِ ، فَلَا يَفْهَمُونَ وَلَا يَسْمَعُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الدَّلَائِلِ ، وَهَذَا سَبَبٌ لِقُوَّةِ قَلْبِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ كَمَا يَنْبَغِي ، فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=80إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ) ؟ جَوَابُهُ : هُوَ تَأْكِيدٌ لِحَالِ الْأَصَمِّ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا تَبَاعَدَ عَنِ الدَّاعِي بِأَنْ تَوَلَّى عَنْهُ مُدْبِرًا كَانَ أَبْعَدَ عَنْ إِدْرَاكِ صَوْتِهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ) فَالْمَعْنَى : مَا يُجْدِي إِسْمَاعُكَ إِلَّا الَّذِينَ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِهِ ، أَيْ يُصَدِّقُونَ بِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=81فَهُمْ مُسْلِمُونَ ) أَيْ مُخْلِصُونَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ) ( الْبَقَرَةِ : 112 ) يَعْنِي جَعَلَهُ سَالِمًا لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا لَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .