فصل 
وأما تعميم بدنه بالماء  ، فالمراد أن يغسل الظاهر جميعه وما في حكمه من الباطن ، وهو ما يمكن إيصال الماء إليه من غير ضرر ، وهو ما يسن إيصال الماء إليه في الوضوء ، أو يغسل من النجاسة كالبشرة التي تحت الشعور الكثيفة ، مثل شعر الرأس واللحية ، ومواضع المبالغة من باطن الفم والأنف ، هكذا ذكر بعض أصحابنا . وآخرون أوجبوا هنا ما يجب في الوضوء ؛ لأن الصائم ينهى عن المبالغة ، فإن بالغ دخل في المنهي ، وإن لم يبالغ لزم الإخلال بواجب في الغسل ، ولأن الصائم المتطوع لا يبالغ ، ولو كان واجبا لما سقط بالتطوع ، وهذه طريقة أبي حفص  في الوضوء ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " تحت كل شعرة جنابة ، فبلوا الشعر ، وأنقوا البشرة   " . احتج به الإمام أحمد  في رواية حنبل  ، وعن علي  قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل الله به كذا وكذا من النار " قال علي    : " فمن ثم عاديت شعري   " رواه أحمد   وأبو داود  ، ولأنها طهارة   [ ص: 367 ] تتعلق بجميع البدن ، فتعلقت بكل ما يمكن كطهارة الجنب ، وعلى هذا يجب غسل حشفة الأقلف المنفتق إذا أمكن تشمير القلفة ، كما يجب تطهيرها من النجاسة بخلاف المرتتق ، فأما باطن فرج المرأة  ، فنص أحمد  أنه لا يجب غسله من جنابة ولا نجاسة . وأقر النص على ظاهره طائفة من أصحابنا ؛ لأنه من الباطن فأشبه الحلقوم ، وكذلك ثبت الفطر بحصول الحشفة فيه . وقال القاضي وغيره : يجب غسله فيهما ؛ لأنه يمكن تطهيره من غير ضرر كحشفة الأقلف ، وحمل كلام أحمد  على ما عمق من فرجها بحيث لا يصل الماء إليه إلا بمشقة ، وإذا كان على يديه أو على أعضاء الوضوء نجاسة ، ارتفع الحدث قبل زوالها عند ابن عقيل ؛ لأن الماء ما لم ينفصل باق على طهوريته ، فكذلك أثر في إزالة النجاسة ، فأشبه تغيره بالطاهرات ، وقال الأكثرون : لا يرتفع الحدث إلا مع طهارة المحل  ؛ لأن ما قبل ذلك من الماء قد لاقى النجاسة وانفصل نجسا ، فلا يكون رافعا للحدث كغيره من المياه النجسة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					