فصل في ذم من أراد بفعله غير الله تعالى    . 
اعلم أن ما ذكرناه من الفضل في طلب العلم إنما هو فيمن طلبه مريدا به وجه الله تعالى ، لا لغرض من الدنيا ، ومن أراده لغرض دنيوي كمال أو رياسة أو منصب أو وجاهة ، أو شهرة أو استمالة الناس إليه ، أو قهر المناظرين ، أو نحو ذلك فهو مذموم ، قال الله تعالى : { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ، وما له في الآخرة من نصيب    } ، وقال تعالى : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا    } الآية ، وقال تعالى : { إن ربك لبالمرصاد    } ، وقال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء    } ، والآيات فيه كثيرة . وروينا في صحيح  مسلم  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت قال : كذبت ، ولكنك قاتلت ليقال جريء ، فقد قيل : ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم ، وعلمته ، وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت ، ولكنك تعلمت ليقال : عالم ، وقرأت القرآن ليقال : قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على ، وجهه حتى ألقي في النار   } ) 
وروينا عن  أبي هريرة  أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  [ ص: 47 ]   { من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني : ريحها   } رواه أبو داود  ، وغيره بإسناد صحيح ، وروينا عن  عمرو بن شعيب  عن أبيه عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من تعلم علما ينتفع به في الآخرة يريد به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة   } روي بفتح الياء مع فتح الراء ، وكسرها ، وروي بضم الياء مع كسر الراء ، وهي ثلاث لغات مشهورة ، ومعناه لم يجد ريحها ، وعن  أنس   ، وحذيفة  قالا : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من طلب العلم ليماري به السفهاء ، ويكاثر به العلماء ، أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار   } ) ، ورواه الترمذي  من رواية  كعب بن مالك ،  وقال فيه : ( أدخله الله النار ) ، وعن  أبي هريرة  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لا ينتفع به   } ، وعنه صلى الله عليه وسلم : { شرار الناس شرار العلماء .   } وروينا في مسند الدارمي  عن  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه قال : " يا حملة العلم اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم ، ووافق علمه عمله ، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم ، يخالف عملهم علمهم ، ويخالف سريرتهم علانيتهم ، يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ، ويدعه ، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى " ، وعن سفيان    : " ما ازداد عبد علما فازداد في الدنيا رغبة إلا ازداد من الله بعدا " ، وعن  حماد بن سلمة    : ( من طلب الحديث لغير الله مكر به ) ، والآثار به كثيرة 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					