( 2386 ) مسألة : قال : ( فإن وطئ المحرم في الفرج فأنزل ، أو لم ينزل ، فقد فسد حجهما ، وعليه بدنة إن كان استكرهها ، وإن كانت طاوعته ، فعلى كل واحد منهما بدنة ) أما فساد الحج بالجماع في الفرج ، فليس فيه اختلاف . قال  ابن المنذر    : أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع . والأصل في ذلك ما روي عن  ابن عمر  ، أن رجلا سأله ، فقال : إني وقعت بامرأتي ، ونحن محرمان . فقال : أفسدت حجك ، انطلق أنت وأهلك مع الناس ، فاقضوا ما يقضون ، وحل إذا حلوا ، فإذا كان في العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك ، واهديا هديا ، فإن لم تجدا ، فصوما ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجعتم . وكذلك قال  ابن عباس  ،  وعبد الله بن عمرو    . لم نعلم لهم في عصرهم مخالفا . 
روى حديثهم  الأثرم  في ( سننه ) ، وفي حديث  ابن عباس    : ( ويتفرقان ) من حيث يحرمان ، حتى يقضيا حجهما . قال  ابن المنذر    : قول  ابن عباس  أعلى شيء روي في من وطئ في حجه    . وروي ذلك عن  عمر  رضي الله عنه . وبه قال  ابن المسيب  ،  وعطاء  ،  والنخعي  ،  والثوري  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ،  وأبو ثور  وأصحاب الرأي . ولا فرق بين ما قبل الوقوف وبعده . 
وقال  أبو حنيفة    : إن جامع قبل الوقوف فسد حجه ، وإن جامع بعده لم يفسد ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { الحج عرفة    } . ولأنه معنى يأمن به الفوات ، فأمن به الفساد ، كالتحلل . 
ولنا ، أن قول الصحابة الذين روينا قولهم ، مطلق في من واقع محرما ، ولأنه جماع صادف إحراما تاما ، فأفسده ، كما قبل الوقوف . وقوله عليه السلام : { الحج عرفة    } يعني : معظمه . أو أنه ركن متأكد فيه . ولا يلزم من أمن الفوات أمن الفساد ، بدليل العمرة . إذا ثبت هذا فإنه يجب على المجامع بدنة . روي ذلك عن  ابن عباس  ،  وعطاء  ،  وطاوس  ،  ومجاهد  ،  ومالك  ،  والشافعي  ،  وأبي ثور    . 
وقال  الثوري  ، وإسحاق    : عليه بدنة ، فإن لم يجد فشاة . وقال أصحاب الرأي : إن جامع قبل الوقوف فسد حجه ، وعليه شاة ، وإن كان بعده فعليه بدنة ، وحجه صحيح ; لأنه قبل الوقوف معنى يوجب القضاء ، فلم يجب به بدنة ، كالفوات .  [ ص: 160 ] ولنا ، أنه جماع صادف إحراما تاما ، فوجبت به البدنة ، كبعد الوقوف ، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، ولم يفرقوا بين قبل الوقوف وبعده . 
وأما الفوات فهو مفارق للجماع بالإجماع ، ولذلك لا يوجبون فيه الشاة ، بخلاف الجماع . وإذا كانت المرأة مكرهة على الجماع ، فلا هدي عليها ، ولا على الرجل أن يهدي عنها . نص عليه  أحمد    ; لأنه جماع يوجب الكفارة ، فلم تجب به حال الإكراه أكثر من كفارة واحدة ، كما في الصيام . 
وهذا قول إسحاق  ،  وأبي ثور  ،  وابن المنذر    . وعن  أحمد  ، رواية أخرى : أن عليه أن يهدي عنها . وهو قول  عطاء  ،  ومالك    ; لأن إفساد الحج وجد منه في حقهما ، فكان عليه لإفساده حجها هدي ، قياسا على حجه ، وعنه ما يدل على أن الهدي عليها ; لأن فساد الحج ثبت بالنسبة إليها ، فكان الهدي عليها ، كما لو طاوعت . 
ويحتمل أنه أراد أن الهدي عليها ، يتحمله الزوج عنها ، فلا يكون رواية ثالثة . فأما حال المطاوعة ، فعلى كل واحد منهما بدنة . هذا قول  ابن عباس  ،  وسعيد بن المسيب  ،  والنخعي  ، والضحاك  ،  ومالك  ، والحكم  ، وحماد    ; لأن  ابن عباس  قال : اهد ناقة ، ولتهد ناقة . لأنها أحد المتجامعين من غير إكراه ، فلزمتها بدنة كالرجل . 
وعن  أحمد  أنه قال : أرجو أن يجزئهما هدي واحد . وروي ذلك عن  عطاء  ، وهو مذهب  الشافعي    ; لأنه جماع واحد فلم يوجب أكثر من بدنة ، كحالة الإكراه ، والنائمة كالمكرهة في هذا . 
وأما فساد الحج ، فلا فرق فيه بين حال الإكراه والمطاوعة . لا نعلم فيه خلافا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					