( 2823 ) فصل : في الحنطة وفروعها ، وفروعها نوعان ، أحدهما ، ما ليس فيه غيره ، كالدقيق ، والسويق . والثاني ، ما فيه غيره ، كالخبز ، والهريسة ، والفالوذج ، والنشاء ، وأشباهها . ولا يجوز بيع الحنطة بشيء من فروعها  وهي ثلاثة أقسام : أحدها السويق ، فلا يجوز بيعه بالحنطة ، وبهذا قال  الشافعي  ، وحكي عن  مالك  ،  وأبي ثور  جواز ذلك ، متماثلا ، ومتفاضلا . 
ولنا ، أنه بيع الحنطة ببعض أجزائها متفاضلا  ، فلم يجز ، كبيع مكوك حنطة بمكوكي دقيق  ، ولا سبيل إلى التماثل ; لأن النار قد أخذت من أحدهما دون الآخر ، فأشبهت المقلية . القسم الثاني ، ما معه غيره ، فلا يجوز بيعها به أيضا . وقال أصحاب  أبي حنيفة    : يجوز ذلك ، بناء على مسألة مد عجوة . وسنذكر الدليل على ذلك إن شاء الله تعالى . القسم الثالث ، الدقيق ، فلا يجوز بيعها به في الصحيح . وهو مذهب  سعيد بن المسيب  ، والحسن  ، والحكم  ، وحماد  ،  والثوري  ،  وأبي حنيفة  ،  ومكحول    . وهو المشهور عن  الشافعي    . 
وعن  أحمد  رواية أخرى ، أنه جائز . وبهذا قال  ربيعة  ،  ومالك    . وحكي ذلك عن  النخعي  ،  وقتادة  ،  وابن شبرمة  ، وإسحاق  ،  وأبي ثور    ; لأن الدقيق نفس الحنطة ، وإنما تكسرت أجزاؤها ، فجاز بيع بعضها ببعض ، كالحنطة المكسرة بالصحاح ، فعلى هذا إنما تباع الحنطة بالدقيق وزنا ; لأنها قد تفرقت أجزاؤها بالطحن وانتشرت ، فتأخذ من المكيال مكانا كبيرا ، والحنطة تأخذ مكانا صغيرا ، والوزن يسوي بينهما . وبهذا قال إسحاق    . 
ولنا ، أن بيع الحنطة بالدقيق  بيع للحنطة بجنسها متفاضلا ، فحرم ، كبيع مكيلة بمكيلتين ; وذلك لأن الطحن قد فرق أجزاءها ، فيحصل في مكيالها دون ما يحصل في مكيال الحنطة ، وإن لم يتحقق التفاضل ، فقد جهل التماثل ، والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل فيما يشترط التماثل فيه ، ولذلك لم يجز بيع بعضها ببعض جزافا ، وتساويهما في الوزن لا يلزم منه التساوي في الكيل ، والحنطة والدقيق مكيلان ; لأن الأصل الكيل ، ولم يوجد ما ينقل عنه ، ولأن الدقيق يشبه المكيلات ، فكان مكيلا ، كالحنطة ، ثم لو كان موزونا ، لم يتحقق التساوي بين المكيل والموزون ; لأن المكيل لا يقدر بالوزن ، كما لا يقدر الموزون بالكيل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					