[ ص: 81 ] فصل : ويصح أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة  ، مثل أن يبيع دارا ، ويستثني سكناها شهرا  ، أو جملا ، ويشترط ظهره إلى مكان معلوم ، أو عبدا ، ويستثني خدمته سنة . نص على هذا  أحمد    . وهو قول الأوزاعي  ، وإسحاق  ،  وأبي ثور  ،  وابن المنذر  ، وقال  الشافعي  ، وأصحاب الرأي : لا يصح الشرط ; { لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط   } ، ولأنه ينافي مقتضى البيع ، فأشبه ما لو شرط أن لا يسلمه ، وذلك ; لأنه شرط تأخير تسليم المبيع إلى أن يستوفي البائع منفعته ، ولأن مقتضى البيع  ملك المبيع ومنافعه ، وهذا شرط ينافيه ، وقال  ابن عقيل    : فيه رواية ثانية ، أنه يبطل البيع والشرط ، نقلها عبد الله بن محمد الفقيه  ، في الرجل يشتري من الرجل جارية ، ويشترط أن تخدمه  ، فالبيع باطل . 
وهذه الرواية لا تدل على محل النزاع في هذه المسألة ، فإن اشتراط خدمة الجارية باطل لوجهين ; أحدهما ، أنها مجهولة ، وإطلاقها يقتضي خدمتها أبدا ، وهذا لا خلاف في بطلانه ، إنما الخلاف في اشتراط منفعة معلومة . الثاني ، أن يشترط خدمتها بعد زوال ملكه عنها ، فيفضي إلى الخلوة بها ، والخطر برؤيتها ، وصحبتها ، ولا يوجد هذا في غيرها ، ولذلك منع إعارة الجارية الشابة لغير محرمها    . 
وقال  مالك    : إذا اشترط ركوبا إلى مكان قريب ، جاز ، وإن كان إلى مكان بعيد كره ; لأن اليسير تدخله المسامحة . ولنا ، ما روى  جابر    : { أنه باع النبي صلى الله عليه وسلم جملا ، واشترط ظهره إلى المدينة    } . وفي لفظ قال : { فبعته بأوقية ، واستثنيت حملانه إلى أهلي .   } متفق عليه . وفي لفظ { قال : فبعته منه بخمس أواق ، قال : قلت : على أن لي ظهره إلى المدينة    . قال : ولك ظهره إلى المدينة    } . ورواه  مسلم    . { ولأن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن الثنيا إلا أن تعلم .   } وهذه معلومة ، ولأن المنفعة قد تقع مستثناة بالشرع على المشتري فيما إذا اشترى نخلة مؤبرة ، أو أرضا مزروعة ، أو دارا مؤجرة ، أو أمة مزوجة ، فجاز أن يستثنيها  ، كما لو اشترط البائع الثمرة قبل التأبير  ، ولم يصح { نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط . وإنما نهى عن شرطين في بيع   } 
، فمفهومه إباحة الشرط الواحد ، وقياسهم ينتقض باشتراط الخيار والتأجيل في الثمن . 
				
						
						
