الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3382 ) فصل : وإن كان عبدا يحتاج إلى ختان ، والدين حال ، أو أجله قبل برئه ، منع منه ; لأنه ينقص ثمنه ، وفيه ضرر ، وإن كان يبرأ قبل محل الحق ، والزمان معتدل لا يخاف عليه فيه ، فله ذلك ; لأنه من الواجبات ، ويزيد به الثمن ، ولا يضر المرتهن ، ومؤنته على الراهن . فإن مرض ، فاحتاج إلى دواء ، لم يجبر الراهن عليه ; لأنه يتحقق أنه سبب لبقائه ، وقد يبرأ بغير علاج ، بخلاف النفقة ، وإن أراد الراهن مداواته بما لا ضرر فيه ، لم يمنع منه ; لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما . وإن كان الدواء مما يخاف غائلته ، كالسموم ، فللمرتهن منعه منه ; لأنه لا يأمن تلفه . وإن احتاج إلى فصد ، أو احتاجت الدابة إلى توديج ، ومعناه فتح الودجين حتى يسيل الدم ، وهما عرقان عريضان غليظان من جانبي ثغرة النحر ، أو تبزيغ ، وهو فتح الرهصة ، فللراهن فعل ذلك ، ما لم يخف منه ضررا . وإن احتيج إلى قطع شيء من بدنه بدواء لا يخاف منه ، جاز ، وإن خيف منه ، فأيهما امتنعا منه لم يجبر . وإن كانت به آكلة كان له قطعها ; لأنه يخاف من تركها لا من قطعها ، لأنه لا يحس بلحم ميت . وإن كانت به خبيثة ، فقال أهل الخبرة : الأحوط قطعها . وهو أنفع من بقائها ، فللراهن ذلك ، وإلا فليس له فعله . وإن تساوى الخوف عليه في الحالين لم يكن له قطعها ; لأنه يحدث جرحا فيه لم يترجح إحداثه . وإن كانت به سلعة أو إصبع زائدة ، لم يملك الراهن قطعها ; لأن قطعها يخاف منه ، وتركها لا يخاف منه . وإن كانت الماشية جربة ، فأراد الراهن دهنها بما يرجى نفعه ، ولا يخاف ضرره ، كالقطران والزيت اليسير ، لم يمنع . وإن خيف ضرره ، كالكثير ، فللمرتهن منعه . وقال القاضي : له ذلك بغير إذن المرتهن ; لأن له معالجة ملكه ، وإن امتنع من ذلك ، لم يجبر عليه . ولو أراد المرتهن مداواتها بما ينفعها ، ولا يخشى ضرره ، لم يمنع ; لأن فيه إصلاح حقه بما لا يضر بغيره ، وإن خيف منه الضرر لم يمكن منه ; لأن فيه خطرا بحق غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية