الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3543 ) فصل : فإن كان السفل لرجل ، والعلو لآخر ، فانهدم السقف الذي بينهما ، فطلب أحدهما المباناة من الآخر ، فامتنع ، فهل يجبر الممتنع على ذلك ؟ على روايتين ، كالحائط بين البيتين . وللشافعي قولان كالروايتين . وإن انهدمت حيطان السفل ، فطالبه صاحب العلو بإعادتها ، فعلى روايتين . إحداهما ، يجبر . وهو قول مالك ، وأبي ثور ، وأحد قولي الشافعي ، فعلى هذه الرواية ، يجبر على البناء وحده ; لأنه ملكه خاصة . والثانية ، لا يجبر .

                                                                                                                                            وهو قول أبي حنيفة ، وإن أراد صاحب العلو بناءه لم يمنع من ذلك . على الروايتين جميعا . فإن بناه بآلته ، فهو على ما كان ، وإن بناه بآلة من عنده ، فقد روي عن أحمد : لا ينتفع به صاحب السفل . يعني حتى يؤدي القيمة ، فيحتمل أن لا يسكن ، وهو قول أبي حنيفة ، لأن البيت إنما يبني للسكنى ، فلم يملكه كغيره ، ويحتمل أنه أراد الانتفاع بالحيطان خاصة ، من طرح الخشب ، وسمر الوتد ، وفتح الطاق ، ويكون له السكنى من غير تصرف في ملك غيره ، وهذا مذهب الشافعي ; لأن السكنى إنما هي إقامته في فناء الحيطان ، من غير تصرف فيها ، فأشبه الاستظلال بها من خارج .

                                                                                                                                            فأما إن طالب صاحب السفل بالبناء ، وأبى صاحب العلو ، ففيه روايتان : إحداهما ، لا يجبر على بنائه ، ولا مساعدته . وهو قول الشافعي ; لأن الحائط ملك صاحب السفل مختص به ، فلم يجبر غيره على بنائه ، ولا المساعدة فيه ، كما لو لم يكن عليه علو . والثانية ، يجبر على مساعدته والبناء معه ، وهو قول أبي الدرداء ; لأنه حائط يشتركان في الانتفاع به ، أشبه الحائط بين الدارين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية