الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3512 ) فصل : إذا صالح رجلا على موضع قناة من أرضه يجري فيها ماء ، بينا موضعها وعرضها وطولها ، جاز ; لأن ذلك بيع لموضع من أرضه ، ولا حاجة إلى بيان عمقه ; لأنه إذا ملك الموضع كان له إلى تخومه ، فله أن يترك فيه ما شاء . وإن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض رب الأرض ، مع بقاء ملكه عليها ، فهذا إجارة للأرض ، فيشترط تقدير المدة ; لأن هذا شأن الإجارة . فإن كانت الأرض في يد رجل بإجارة ، جاز له أن يصالح رجلا على إجراء الماء فيها في ساقية محفورة مدة لا تجاوز مدة إجارته . وإن لم تكن الساقية محفورة لم يجز أن يصالحه على ذلك ; لأنه لا يجوز إحداث ساقية في أرض في يده بإجارة .

                                                                                                                                            فأما إن كانت الأرض في يده وقفا عليه ، فقال القاضي : هو كالمستأجر ، له أن يصالح إجراء الماء في ساقية محفورة في مدة معلومة ، وليس له أن يحفر فيها ساقية ; لأنه لا يملكها ، إنما يستوفي منفعتها ، كالأرض المستأجرة سواء . وهذا كله مذهب الشافعي والأولى أنه يجوز له حفر الساقية ; لأن الأرض له ، وله التصرف فيها كيفما شاء ، ما لم ينقل الملك فيها إلى غيره ، بخلاف المستأجر ، فإنه إنما يتصرف فيها بما أذن له فيه ، فكان الموقوف عليه بمنزلة المستأجر إذا أذن له في الحفر ، فإن مات الموقوف عليه في أثناء المدة ، فهل لمن انتقل إليه فسخ الصلح فيما بقي من المدة ؟ على وجهين ، بناء على ما إذا آجره مدة ، فمات في أثنائها . فإن قلنا : له فسخ الصلح . ففسخه ، رجع المصالح على ورثة الذي صالحه بقسط ما بقي من المدة . وإن قلنا : ليس له الفسخ . رجع من انتقل إليه الوقف على الورثة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية