( 7148 ) فصل : ولا يقام الحد على حامل حتى تضع ،  سواء كان الحمل من زنى أو غيره . لا نعلم في هذا خلافا . قال  ابن المنذر    : أجمع أهل العلم على أن الحامل لا ترجم حتى تضع . وقد روى بريدة  ، { أن امرأة من بني غامد قالت : يا رسول الله ، طهرني . قال : وما ذاك ؟ قالت : إنها حبلى من زنى . قال : أنت ؟ قالت : نعم . فقال لها : ارجعي حتى تضعين ما في بطنك . قال ، فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت ، قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد وضعت الغامدية . فقال : إذا لا نرجمها ، وندع ولدها صغيرا ليس له من ترضعه . فقام رجل من الأنصار ، فقال : إلي إرضاعه يا نبي الله ، قال : فرجمها   } . رواه  مسلم  ، وأبو داود    . وروي أن امرأة زنت في أيام  عمر  رضي الله عنه فهم  عمر  برجمها وهي حامل ، فقال له  معاذ    : إن كان لك سبيل عليها ، فليس لك سبيل على حملها . فقال : عجز النساء أن يلدن مثلك . ولم يرجمها . وعن  علي  مثله . 
ولأن في إقامة الحد عليها في حال حملها إتلافا لمعصوم ، ولا سبيل إليه ، وسواء  [ ص: 48 ] كان الحد رجما أو غيره ، لأنه لا يؤمن تلف الولد من سراية الضرب والقطع ، وربما سرى إلى نفس المضروب والمقطوع ، فيفوت الولد بفواته . فإذا وضعت الولد ، فإن كان الحد رجما ، لم ترجم حتى تسقيه اللبأ    ; لأن الولد لا يعيش إلا به ، ثم إن كان له من يرضعه ، أو تكفل أحد برضاعه رجمت ، وإلا تركت حتى تفطمه ; لما ذكرنا من حديث الغامدية  ، ولما روى أبو داود  بإسناده عن بريدة  ، { أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني فجرت ، فوالله إني لحبلى . فقال لها : ارجعي حتى تلدي . فرجعت ، فلما ولدت ، أتته بالصبي ، فقال : ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه . فجاءت به وقد فطمته ، وفي يده شيء يأكله ، فأمر بالصبي ، فدفع إلى رجل من المسلمين ، فأمر بها فحفر لها ، وأمر بها فرجمت ، وأمر بها فصلي عليها ودفنت .   } 
وإن لم يظهر حملها  ، لم تؤخر ; لاحتمال أن تكون حملت من الزنى ، { لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهودية والجهنية ، ولم يسأل عن استبرائهما .   } وقال لأنيس    : { اذهب إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها   } . ولم يأمره بسؤالها عن استبرائها . ورجم  علي  شراحة  ، ولم يستبرئها . وإن ادعت الحمل قبل قولها ، كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم قول الغامدية . وإنكان الحد جلدا ، فإذا وضعت الولد ، وانقطع النفاس ، وكانت قوية يؤمن تلفها  ، أقيم عليها الحد ، وإن كانت في نفاسها ، أو ضعيفة يخاف تلفها  ، لم يقم عليها الحد حتى تطهر وتقوى . وهذا قول  الشافعي   وأبي حنيفة    . 
وذكر  القاضي  ، أنه ظاهر كلام  الخرقي    . وقال أبو بكر    : يقام عليها الحد في الحال ، بسوط يؤمن معه التلف ، فإن خيف عليها من السوط ، أقيم بالعثكول . يعني شمراخ النخل ، وأطراف الثياب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بضرب المريض الذي زنى ، فقال : { خذوا له مائة شمراخ ، فاضربوه بها ضربة واحدة   } . ولنا ، ما روي عن  علي  رضي الله عنه أنه قال : { إن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت ، فأمرني أن أجلدها ، فإذا هي حديثة عهد بنفاس ، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أحسنت   } . رواه  مسلم  ،  والنسائي  ، وأبو داود    . ولفظه ، قال : { فأتيته ، فقال : يا  علي  ، أفرغت ؟ فقلت : أتيتها ودمها يسيل . فقال : دعها حتى ينقطع عنها الدم ، ثم أقم عليها الحد   } . 
وفي حديث  أبي بكرة  ، { أن المرأة انطلقت ، فولدت غلاما ، فجاءت به النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : انطلقي ، فتطهري من الدم   } . رواه أبو داود    . ولأنه لو توالى عليه حدان ، فاستوفى أحدهما ، لم يستوف الثاني حتى يبرأ من الأول ، ولأن في تأخيره إقامة الحد على الكمال ، من غير إتلاف ، فكان أولى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					