الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7230 ) فصل : وإن قال لرجل : زنيت بفلانة . كان قاذفا لهما . وقد نقل عن أبي عبد الله ، أنه سئل عن رجل قال لرجل : يا ناكح أمه . ما عليه ؟ قال : إن كانت أمه حية ، فعليه الحد للرجل . ولأمه حد . وقال مهنا : سألت أبا عبد الله : إذا قال الرجل لرجل : يا زاني ابن الزاني . ، قال عليه حدان قلت : أبلغك في هذا شيء ؟ قال : مكحول قال : فيه حدان . وإن أقر إنسان أنه زنى بامرأة ، فهو قاذف لها ، سواء ألزمه حد الزنا بإقراره أو لم يلزمه . وبهذا قال ابن المنذر ، وأبو ثور . ويشبه مذهب الشافعي .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يلزمه حد القذف ; لأنه يتصور منه الزنا بها من غير زناها ; لاحتمال أن تكون مكرهة ، أو موطوءة بشبهة .

                                                                                                                                            [ ص: 84 ] ولنا ما روى ابن عباس ، { أن رجلا من بكر بن ليث ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات ، فجلده مائة ، وكان بكرا ، ثم سأله البينة على المرأة ، فقالت : كذب والله يا رسول الله . فجلده حد الفرية ثمانين } . والاحتمال الذي ذكره لا ينفي الحد ، بدليل ما لو قال : يا نائك أمه . فإنه يلزمه الحد ، مع احتمال أن يكون فعل ذلك بشبهة .

                                                                                                                                            وقد روي عن أبي هريرة ، أنه جلد رجل قال لرجل ذلك . ويتخرج لنا مثل قول أبي حنيفة ، بناء على ما إذا قال لامرأته : يا زانية . فقالت : بك زنيت . فإن أصحابنا قالوا : لا حد عليها في قولها : بك زنيت ; لاحتمال وجود الزنا به مع كونه واطئا بشبهة ، ولا يجب الحد عليه ; لتصديقها إياه . وقال الشافعي : عليه الحد دونها ، وليس هذا بإقرار صحيح . ولنا أنها صدقته ، فلم يلزمه حد ، كما لو قالت : صدقت . ولو قال : يا زانية . قالت : أنت أزنى مني . فقال أبو بكر : هي كالتي قبلها في سقوط الحد عنه . ويلزمها له هاهنا حد القذف ، بخلاف التي قبلها ; لأنها أضافت إليه الزنا ، وفي التي قبلها أضافته إلى نفسها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية