( 7149 ) فصل : والمريض على ضربين ; أحدهما ، يرجى برؤه ،  فقال أصحابنا : يقام عليه الحد ، ولا يؤخر . كما قال أبو بكر  في النفساء . وهذا قول إسحاق  ،  وأبي ثور  ، لأن  عمر  رضي الله عنه أقام الحد على  قدامة بن مظعون  في مرضه ، ولم يؤخره ، وانتشر ذلك في الصحابة ، فلم ينكروه ، فكان إجماعا ، ولأن الحد واجب فلا يؤخر ما أوجبه الله بغير حجة . قال  القاضي    : وظاهر قول  الخرقي  تأخيره ; لقوله فيمن يجب عليه الحد : وهو صحيح عاقل . وهذا قول  أبي حنيفة  ،  ومالك  ،  والشافعي    ; لحديث  علي  رضي الله عنه في التي هي حديثة عهد بنفاس ، وما ذكرناه من المعنى . 
وأما حديث  عمر  في جلد قدامة ،  فإنه يحتمل أنه كان مرضا خفيفا ، لا يمنع من إقامة الحد على الكمال ، ولهذا لم ينقل عنه أنه خفف عنه في السوط ، وإنما اختار له سوطا وسطا ، كالذي يضرب به الصحيح ، ثم إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يقدم على فعل  عمر  ، مع أنه اختيار  علي  وفعله ، وكذلك الحكم في تأخيره لأجل الحر والبرد المفرط .  [ ص: 49 ] الضرب الثاني : المريض الذي لا يرجى برؤه . فهذا يقام عليه الحد في الحال ولا يؤخر ، بسوط يؤمن معه التلف ، كالقضيب الصغير ، وشمراخ النخل ، فإن خيف عليه من ذلك ، جمع ضغث فيه مائة شمراخ ، فضرب به ضربة واحدة . وبهذا قال  الشافعي    . 
وأنكر  مالك  هذا ، وقال : قد قال الله تعالى : { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة    } . وهذا جلدة واحدة . ولنا ، ما روى  أبو أمامة بن سهل بن حنيف  ، { عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا منهم اشتكى حتى ضني ، فدخلت عليه امرأة فهش لها ، فوقع بها ، فسئل له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا مائة شمراخ فيضربوه ضربة واحدة   } . رواه أبو داود  ،  والنسائي    . وقال  ابن المنذر    : في إسناده مقال . ولأنه لا يخلو من أن يقام الحد على ما ذكرنا ، أو لا يقام أصلا ، أو يضرب ضربا كاملا لا يجوز تركه بالكلية ; لأنه يخالف الكتاب والسنة ولا يجوز جلده جلدا تاما ; لأنه يفضي إلى إتلافه ، فتعين ما ذكرناه . وقولهم : هذا جلدة واحدة . قلنا : يجوز أن يقام ذلك في حال العذر مقام مائة ، كما قال الله تعالى في حق أيوب    : { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث    } . وهذا أولى من ترك حده بالكلية ، أو قتله بما لا يوجب القتل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					