( 7158 ) فصل : وإن تزوج ذات محرمه  ، فالنكاح باطل بالإجماع . فإن وطئها ، فعليه الحد . في قول أكثر أهل العلم ; منهم الحسن  ،  وجابر بن زيد   ومالك  ،  والشافعي  ،  وأبو يوسف  ،  ومحمد  ، وإسحاق  ،  وأبو أيوب  ، وابن أبي خيثمة    . وقال  أبو حنيفة  ،  والثوري    : لا حد عليه ; لأنه وطء تمكنت الشبهة منه ، فلم يوجب الحد ، كما لو اشترى أخته من الرضاع ثم وطئها . وبيان الشبهة أنه قد وجدت صورة المبيح ، وهو عقد النكاح الذي هو سبب للإباحة ، فإذا لم يثبت حكمه وهو الإباحة ، بقيت صورته شبهة دارئة للحد الذي يندرئ بالشبهات . 
ولنا ، أنه وطء في فرج امرأة ، مجمع على تحريمه ، من غير ملك ولا شبهة ملك ، والواطئ من أهل الحد ، عالم بالتحريم ، فيلزمه الحد ، كما لو لم يوجد العقد ، وصورة المبيح إنما تكون شبهة إذا كانت صحيحة ، والعقد هاهنا باطل محرم ، وفعله جناية تقتضي العقوبة ، انضمت إلى الزنى ، فلم تكن شبهة ، كما لو أكرهها ، وعاقبها ، ثم زنى بها ، ثم يبطل بالاستيلاء عليها ، فإن الاستيلاء سبب للملك في المباحات ، وليس بشبهة . 
وأما إذا اشترى أخته من الرضاع ، فلنا فيه منع ، وإن سلمنا ، فإن الملك المقتضي للإباحة صحيح ثابت ، وإنما تخلفت الإباحة لمعارض ، بخلاف مسألتنا ; فإن المبيح غير موجود ; لأن عقد النكاح باطل ، والملك به غير ثابت ، فالمقتضي معدوم ، فافترقا ، فأشبه ما لو اشترى خمرا فشربه ، أو غلاما فوطئه . إذا ثبت هذا ، فاختلف في الحد ، فروي عن  أحمد  أنه يقتل على كل حال . وبهذا قال  جابر بن زيد  ، وإسحاق  ،  وأبو أيوب  ، وابن أبي خيثمة    . وروى إسماعيل بن سعيد  ، عن  أحمد  ، في رجل تزوج امرأة أبيه ، أو بذات محرم  ، فقال : يقتل ويؤخذ ماله إلى بيت المال . 
والرواية الثانية ، حده حد الزاني وبه قال الحسن  ،  ومالك  ،  والشافعي    ; لعموم الآية والخبر . ووجه الأولى ، ما روى {  البراء    . قال : لقيت عمي ومعه الراية ، فقلت : إلى أين تريد ؟ فقال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه  [ ص: 55 ] من بعده ، أن أضرب عنقه ، وآخذ ماله .   } رواه أبو داود  والجوزجاني  ،  وابن ماجه  ، والترمذي    . وقال : حديث حسن ، وسمى الجوزجاني  عمه الحارث بن عمرو    . وروى الجوزجاني  ،  وابن ماجه  ، بإسنادهما عن  ابن عباس  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من وقع على ذات محرم ، فاقتلوه   } ورفع إلى  الحجاج  رجل اغتصب أخته على نفسها ، فقال : احبسوه ، وسلوا من هاهنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فسألواعبد الله بن أبي مطرف  ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من تخطى المؤمنين ، فخطوا وسطه بالسيف   } . وهذه الأحاديث أخص ما ورد في الزنى ، فتقدم . والقول في من زنى بذات محرمه من غير عقد ، كالقول في من وطئها بعد العقد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					