الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7290 ) مسألة : قال : ( ويقطع السارق وإن وهبت له السرقة بعد إخراجها ) وجملته أن السارق إذا ملك العين المسروقة بهبة أو بيع أو غيرهما من أسباب الملك ، لم يخل من أن يملكها قبل رفعه إلى الحاكم ، والمطالبة بها عنده ، أو بعد ذلك ، فإن ملكها قبله ، لم يجب القطع ; لأن من شرطه المطالبة بالمسروق وبعد ملكه له لا تصح المطالبة ، وإن ملكها بعده ، لم يسقط القطع . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وإسحاق .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الرأي : يسقط ; لأنها صارت ملكه ، فلا يقطع في عين هي ملكه ، كما لو ملكها قبل المطالبة بها ; ولأن المطالبة شرط ، والشروط يعتبر دوامها ، ولم يبق لهذه العين مطالب . ولنا ما روى الزهري ، عن { ابن صفوان ، عن أبيه ، أنه نام في المسجد ، وتوسد رداءه ، فأخذ من تحت رأسه ، فجاء بسارقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع ، فقال صفوان : يا رسول الله لم أرد هذا ، ردائي عليه صدقة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلا قبل أن تأتيني به ، } . رواه ابن ماجه ، والجوزجاني . وفي لفظ قال : { فأتيته ، فقلت : أتقطعه من أجل ثلاثين درهما ؟ أنا أبيعه وأنسئه ثمنها . قال : فهلا كان قبل أن تأتيني به ، } . رواه الأثرم ، وأبو داود . فهذا يدل على أنه لو وجد قبل رفعه إليه ، لدرأ القطع ، وبعده لا يسقطه . وقولهم : إن المطالبة شرط . قلنا : هي شرط الحكم لا شرط القطع ، بدليل أنه لو استرد العين لم يسقط القطع ، وقد زالت المطالبة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية