[ ص: 230 ] مسألة ; قال :   ( وإذا حورب العدو ، لم يحرقوا بالنار )  أما العدو إذا قدر عليه ، فلا يجوز تحريقه بالنار ، بغير خلاف نعلمه . وقد كان  أبو بكر الصديق  رضي الله عنه يأمر بتحريق أهل الردة بالنار . وفعل ذلك  خالد بن الوليد  بأمره ، فأما اليوم فلا أعلم فيه بين الناس خلافا . 
وقد روى حمزة الأسلمي  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره على سرية ، قال : فخرجت فيها ، فقال : { إن أخذتم فلانا ، فأحرقوه بالنار   } . فوليت ، فناداني ، فرجعت ، فقال : { إن أخذتم فلانا ، فاقتلوه ، ولا تحرقوه ; فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار   } . رواه أبو داود  ، وسعيد    . وروى أحاديث سواه في هذا المعنى . 
وروى  البخاري  ، وغيره ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث  حمزة    . فأما رميهم قبل أخذهم بالنار ، فإن أمكن أخذهم بدونها ، لم يجز رميهم بها ; لأنهم في معنى المقدور عليه ، وأما عند العجز عنهم بغيرها ، فجائز ، في قول أكثر أهل العلم . وبه قال  الثوري  ، والأوزاعي  ،  والشافعي    . 
وروى سعيد  ، بإسناده عن  صفوان بن عمرو  ،  وحريز بن عثمان  أن جنادة بن أمية الأزدي  ، وعبد الله بن قيس الفزاري  ، وغيرهما من ولاة البحرين  ، ومن بعدهم ، كانوا يرمون العدو من الروم  وغيرهم بالنار ، ويحرقونهم ، هؤلاء لهؤلاء ، وهؤلاء لهؤلاء . قال عبد الله بن قيس    : لم يزل أمر المسلمين على ذلك . ( 7574 ) فصل : وكذلك الحكم في فتح البثوق عليهم ، ليغرقهم  ، إن قدر عليهم بغيره ، لم يجز ، إذا تضمن ذلك إتلاف النساء والذرية ، الذين يحرم إتلافهم قصدا ، وإن لم يقدر عليهم إلا به ، جاز ، كما يجوز البيات المتضمن لذلك . 
ويجوز نصب المنجنيق عليهم .  وظاهر كلام  أحمد  جوازه مع الحاجة وعدمها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف    . وممن رأى ذلك  الثوري  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي . قال  ابن المنذر    : جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نصب المنجنيق على أهل الطائف    . وعن  عمرو بن العاص  ، أنه نصب المنجنيق على أهل الإسكندرية    . ولأن القتال به معتاد ، فأشبه الرمي بالسهام . 
( 7575 ) . فصل : ويجوز تبييت الكفار ،  وهو كسبهم ليلا ، وقتلهم وهم غارون . قال  أحمد    : لا بأس بالبيات ، وهل غزو الروم  إلا البيات ، قال : ولا نعلم أحدا كره بيات العدو . وقرأ عليه : سفيان  ، عن الزهري  ، عن عبد الله  ، عن  ابن عباس  ، عن الصعب بن جثامة    . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الديار من المشركين ، نبيتهم فنصيب من نسائهم وذراريهم ؟ فقال : " هم منهم " . فقال : إسناد جيد . 
فإن قيل : فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والذرية . قلنا : هذا محمول على التعمد لقتلهم . قال  أحمد    : أما أن يتعمد قتلهم ، فلا . قال : وحديث الصعب  بعد نهيه عن قتل النساء ; لأن نهيه عن قتل النساء حين بعث إلى ابن أبي الحقيق    . وعلى أن الجمع بينهما ممكن ، يحمل النهي على التعمد ، والإباحة على ما عداه . 
				
						
						
