( 7423 ) وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده  ، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك . وينبغي أن يبتدئ بترتيب قوم في أطراف البلاد يكفون من بإزائهم من المشركين ، ويأمر بعمل حصونهم ، وحفر خنادقهم ، وجميع مصالحهم ، ويؤمر في كل ناحية أميرا ، يقلده أمر الحروب ، وتدبير الجهاد  ، ويكون ممن له رأي وعقل ونجدة وبصر بالحرب ومكايدة العدو ، ويكون فيه أمانة ورفق ونصح للمسلمين ; وإنما يبدأ بذلك ، لأنه لا يأمن عليها من المشركين . 
ويغزو كل قوم من يليهم  ، إلا أن يكون في بعض الجهات من لا يفي به من يليه ، فينقل إليهم قوما من آخرين . ويتقدم إلى من يؤمره أن لا يحمل المسلمين على مهلكة ، ولا يأمرهم بدخول مطمورة يخاف أن يقتلوا  [ ص: 167 ] تحتها ، فإن فعل ذلك ، فقد أساء ، ويستغفر الله تعالى ، وليس عليه عقل ولا كفارة إذا أصيب واحد منهم بطاعته    ; لأنه فعل ذلك باختياره ومعرفته . فإن عدم الإمام ، لم يؤخر الجهاد ; لأن مصلحته تفوت بتأخيره . وإن حصلت غنيمة ، قسمها أهلها على موجب الشرع . قال  القاضي    : ويؤخر قسمة الإماء حتى يظهر إمام  احتياطا للفروج . 
فإن بعث الإمام جيشا ، وأمر عليهم أميرا ، فقتل أو مات  ، فللجيش أن يؤمروا أحدهم ، كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في جيش مؤتة ، لما قتل أمراؤهم الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أمروا عليهم  خالد بن الوليد  ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فرضي أمرهم ، وصوب رأيهم ، وسمى  خالدا  يومئذ :   " سيف الله "    . 
( 7424 ) فصل : قال  أحمد    : قال  عمر    : وفروا الأظفار في أرض العدو ; فإنه سلاح . قال  أحمد    : يحتاج إليها في أرض العدو ، ألا ترى أنه إذا أراد أن يحل الحبل أو الشيء فإذا لم يكن له أظفار لم يستطع . 
وقال عن الحكم بن عمرو    : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نحفي الأظفار في الجهاد ، فإن القوة الأظفار   } . 
( 7425 ) فصل : قال  أحمد    : يشيع الرجل إذا خرج ، ولا يتلقونه  ، شيع علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، ولم يتلقه . وروي عن  أبي بكر الصديق  رضي الله عنه أنه شيع  يزيد بن أبي سفيان  حين بعثه إلى الشام  ، ويزيد  راكب وأبو بكر  رضي الله عنه يمشي ، فقال له يزيد    : يا خليفة رسول الله ، إما أن تركب ، وإما أن أنزل أنا فأمشي معك . قال : لا أركب ولا تنزل ، إنني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله . 
وشيع  أبو عبد الله  أبا الحارث الصائغ  ونعلاه في يديه ، وذهب إلى فعل أبي بكر  ، أراد أن تغبر قدماه في سبيل الله . وقال : عن عوف بن مالك الخثعمي  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم {   : من اغبرت قدماه في سبيل الله ، حرمه الله على النار   } . قال  أحمد    : ليس للخثعمي  صحبة ، وهو قديم . 
				
						
						
