( 7535 ) فصل : وإذا سبي المتزوج من الكفار ، لم يخل من ثلاثة أحوال ; أحدها ، أن يسبى الزوجان معا ، فلا ينفسخ نكاحهما . وبهذا قال  أبو حنيفة  ، والأوزاعي    . وقال  مالك  ،  والثوري  ،  والليث  ،  والشافعي  ،  وأبو ثور    : ينفسخ نكاحهما ; لقوله تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم    } والمحصنات المزوجات { إلا ما ملكت أيمانكم    } بالسبي ، قال  أبو سعيد الخدري    : نزلت هذه الآية في سبي أوطاس    . وقال  ابن عباس    : إلا ذوات الأزواج من المسبيات . 
ولأنه استولى على محل حق الكافر ، فزال ملكه ، كما لو سباها وحدها . ولنا ، أن الرق معنى لا يمنع ابتداء النكاح ، فلا يقطع استدامته ، كالعتق ، والآية نزلت في سبايا أوطاس  ، وكانوا  [ ص: 216 ] أخذوا النساء دون أزواجهن ، وعموم الآية مخصوص بالمملوكة المزوجة في دار الإسلام ، فيخص منه محل النزاع بالقياس عليه . الحال الثاني ، أن تسبى المرأة وحدها ، فينفسخ النكاح ، بلا خلاف علمناه . 
والآية دالة عليه ، وقد روى  أبو سعيد الخدري  ، قال : أصبنا سبايا يوم أوطاس  ، ولهن أزواج في قومهن ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم    } . رواه الترمذي  ، وقال : هذا حديث حسن . إلا أن  أبا حنيفة  قال : إذا سبيت المرأة وحدها ، ثم سبي زوجها بعدها بيوم ، لم ينفسخ النكاح . 
ولنا ، أن السبب المقتضي للفسخ وجد ، فانفسخ النكاح ، كما لو سبي بعد شهر . الحال الثالث ، سبي الرجل وحده ، فلا ينفسخ النكاح ; لأنه لا نص فيه ، ولا القياس يقتضيه ، وقد سبى النبي صلى الله عليه وسلم سبعين من الكفار يوم بدر ،  فمن على بعضهم ، وفادى بعضا ، فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم . ولأننا إذا لم نحكم بفسخ النكاح فيما إذا سبيا معا ، مع الاستيلاء على محل حقه ، فلأن لا ينفسخ نكاحه مع عدم الاستيلاء أولى . وقال  أبو الخطاب    : إذا سبي أحد الزوجين ، انفسخ النكاح . ولم يفرق . 
وبه قال  أبو حنيفة    ; لأن الزوجين افترقت بهما الدار ، وطرأ الملك على أحدهما ، فانفسخ النكاح ، كما لو سبيت المرأة وحدها . وقال  الشافعي    : إن سبي واسترق ، انفسخ نكاحه ، وإن من عليه أو فودي ، لم ينفسخ . ولنا ، ما ذكرناه ، وأن السبي لم يزل ملكه عن ماله في دار الحرب ، فلم يزله عن زوجته ، كما لم يزله عن أمته . 
( 7536 ) فصل : ولم يفرق أصحابنا في سبي الزوجين ، بين أن يسبيهما رجل واحد أو رجلان ، وينبغي أن يفرق بينهما ، فإنهما إذا كانا مع رجلين ، كان مالك المرأة منفردا بها ، ولا زوج معه لها ، فتحل له ; لقوله تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم    } . وذكر الأوزاعي  ، أن الزوجين إذا سبيا ، فهما على النكاح في المقاسم ، فإن اشتراهما رجل ، فله أن يفرق بينهما إن شاء ، أو يقرهما على النكاح . ولنا ، أن تجدد الملك في الزوجين لرجل لا يقتضي جواز الفسخ ، كما لو اشترى زوجين مسلمين   . إذا ثبت هذا ، فإنه لا يحرم التفريق بين الزوجين في القسمة والبيع ; لأن الشرع لم يرد بذلك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					