( 7809 ) مسألة : قال   : ( ومن مر بثمرة ، فله أن يأكل منها ، ولا يحمل )  هذا يحتمل أنه أراد في حال الجوع والحاجة ; لأنه ذكره عقيب مسألة المضطر . قال  أحمد    : إذا لم يكن عليها حائط ، يأكل إذا كان جائعا ، وإذا لم يكن جائعا ، فلا يأكل . وقال : قد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن إذا كان عليه حائط ، لم يأكل ; لأنه قد صار شبه الحريم . 
وقال في موضع : إنما الرخصة للمسافر . إلا أنه لم يعتبر هاهنا حقيقة الاضطرار ; لأن الاضطرار يبيح ما وراء الحائط . ورويت عنه الرخصة في الأكل من غير المحوطة مطلقا ، من غير اعتبار جوع ولا غيره . وروي عن أبي زينب التيمي  ، قال : سافرت مع  أنس بن مالك   وعبد الرحمن بن سمرة   وأبي بردة  ، فكانوا يمرون بالثمار ، فيأكلون في أفواههم . 
وهو قول  عمر   وابن عباس   وأبي بردة    . قال  عمر    : يأكل ، ولا يتخذ خبنة . وروي عن  أحمد  أنه قال : يأكل مما تحت الشجر ، وإذا لم يكن تحت الشجر فلا يأكل ثمار الناس ، وهو غني عنه . ولا يضرب بحجر ، ولا يرمي ; لأن هذا يفسد . وقد روي عن رافع بن عمرو  قال : كنت أرمي نخل الأنصار ، فأخذوني ، فذهبوا بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال {   : يا  رافع  ، لم ترمي نخلهم ؟   } . قلت : يا رسول الله ، الجوع . قال {   : لا ترم ، وكل ما وقع ، أشبعك الله وأرواك   } . أخرجه الترمذي    . وقال : هذا حديث حسن صحيح . 
وقال أكثر الفقهاء : لا يباح الأكل في الضرورة ; لما روى  العرباض بن سارية  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {   : ألا وإن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب  إلا بإذن ، ولا ضرب نسائهم ، ولا أكل ثمارهم ، إذا أعطوكم الذي عليهم .   } أخرجه أبو داود    . وقال النبي صلى الله عليه وسلم {   : إن دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، حرام ، كحرمة يومكم هذا   } . متفق عليه .  [ ص: 333 ] 
ولنا ، ما روى  عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه سئل عن الثمر المعلق ، فقال {   : ما أصاب منه من ذي حاجة ، غير متخذ خبنة ، فلا شيء عليه ، ومن أخرج منه شيئا ، فعليه غرامة مثليه والعقوبة   } . قال الترمذي    : هذا حديث حسن . وروى  أبو سعيد الخدري  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {   : إذا أتيت على حائط بستان فناد صاحب البستان ثلاثا ، فإن أجابك ، وإلا فكل من غير أن تفسد   } . 
وروى سعيد  ، بإسناده عن الحسن  ، عن سمرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، . ولأنه قول من سمينا من الصحابة من غير مخالف ، فيكون إجماعا . فإن قيل : فقد أبى  سعد  أن يأكل ؟ قلنا : امتناع  سعد  من أكله ليس بمخالف لهم ; لأن الإنسان قد يترك المباح غنى عنه ، أو تورعا ، أو تقذرا ، كترك النبي صلى الله عليه وسلم أكل الضب . 
فأما أحاديثهم ، فهي مخصوصة بما رويناه من الحديث والإجماع ، فإن كانت محوطة ، لم يجز الدخول إليها ; لقول  ابن عباس    : إن كان عليها حائط فهو حريم ، فلا تأكل ، وإن لم يكن عليها حائط ، فلا بأس . ولأن إحرازه بالحائط يدل على شح صاحبه به ، وعدم المسامحة فيه . 
قال بعض أصحابنا : إذا كان عليه ناطور ، فهو بمنزلة المحوط ، في أنه لا يدخل إليه ، ولا يأكل منه إلا في الضرورة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					