الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7805 ) فصل : وهل يجب الأكل من الميتة على المضطر ؟ فيه وجهان ; أحدهما : يجب . وهو قول مسروق ، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي .

                                                                                                                                            قال الأثرم : سئل أبو عبد الله عن المضطر يجد الميتة ، ولم يأكل ؟ فذكر قول مسروق : من اضطر ، فلم يأكل ولم يشرب ، فمات ، دخل النار . وهذا اختيار ابن حامد ; وذلك لقول الله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } . وترك الأكل مع إمكانه في هذا الحال إلقاء بيده إلى التهلكة ، وقال الله تعالى { : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } .

                                                                                                                                            ولأنه قادر على إحياء نفسه بما أحله الله له ، فلزمه ، كما لو كان معه طعام حلال . والثاني : لا يلزمه ; لما روي عن عبد الله بن حذافة السهمي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طاغية الروم حبسه في بيت ، وجعل معه خمرا ممزوجا بماء ، ولحم خنزير مشوي ، ثلاثة أيام ، فلم يأكل ولم يشرب ، حتى مال رأسه من الجوع والعطش ، وخشوا موته ، فأخرجوه ، فقال : قد كان الله أحله لي ; لأني مضطر ، ولكن لم أكن لأشمتك بدين الإسلام .

                                                                                                                                            ولأن إباحة الأكل رخصة ، فلا تجب عليه ، كسائر الرخص ; ولأن له غرضا في اجتناب النجاسة ، والأخذ بالعزيمة ، وربما لم تطب نفسه بتناول الميتة ، وفارق الحلال في الأصل من هذه الوجوه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية