الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( الثاني أن يكونوا بقرية مجتمعة البناء بما جرت العادة بالبناء به ، من حجر أو لبن أو طين أو قصب أو شجر ) لأنه صلى الله عليه وسلم { كتب إلى قرى عرينة أن يصلوا الجمعة } وقوله : مجتمعة البناء قال في المبدع : اعتبر أحمد في رواية ابن القاسم اجتماع المنازل في القرية قاله القاضي وقال أيضا : معناه متقاربة الاجتماع والصحيح : أن التفريق إذا لم تجر به العادة لم تصح فيها الجمعة زاد في الشرح : إلا أن يجتمع منها ما يسكنه أربعون فتجب بهم الجمعة ، ويتبعهم الباقون قال ابن تميم والمجد في فروعه : وربض البلد له حكمه وإن كان بينهما فرجة ا هـ فيحمل قوله : مجتمعة البناء على أن لا تكون متفرقة بما يخرج عن العادة ، كما يعلم مما يأتي في كلامه ( يستوطنها أربعون ) فأكثر ، ولو ( بالإمام من أهل وجوبها ) أي وجوب الجمعة .

                                                                                                                      لما روى أبو داود عن كعب بن مالك قال " أول من صلى بنا الجمعة في نقيع الخضمات أسعد بن زرارة وكنا أربعين صححه ابن حبان والبيهقي والحاكم وقال على شرط مسلم .

                                                                                                                      وقال جابر " مضت السنة في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر رواه الدارقطني وفيه ضعف ( استيطان إقامة لا يظعنون ) أي يرحلون ( عنها صيفا ولا شتاء ) لأن ذلك هو الاستيطان ( فلا تجب ) الجمعة ( ولا تصح من مستوطن بغير بناء ، كبيوت الشعر والخيام والخراكي ونحوها ) لأن ذلك لم يقصد للاستيطان غالبا .

                                                                                                                      ولذلك كانت قبائل العرب حوله صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم بها زاد في المستوعب وغيره : ولو اتخذوها أوطانا لأن استيطانهم في غير بنيان ( ولا ) تجب ولا تصح ( في بلد يسكنها أهلها بعض السنة دون بعض ) لعدم الإقامة قال ابن تميم : وكذا لو دخل قوم بلدا لا ساكن به بنية الإقامة به سنة فلا جمعة عليهم ولو أقام ببلد ما يمنع القصر وأهله أي البلد لا تجب عليهم فلا جمعة أيضا ( أو بلد فيها دون العدد المعتبر ) فلا جمعة عليهم ، لعدم صحتها منهم ( أو ) بلد ( متفرقة بما لم تجر العادة به ) [ ص: 28 ] أي تفرقا كثيرا غير معتاد .

                                                                                                                      ( ولو شملها اسم واحد ) لعدم الاجتماع ( وإن خربت القرية أو بعضها ، وأهلها مقيمون بها عازمون على إصلاحها فحكمها باق في إقامة الجمعة بها ) لعدم ارتحالهم أشبهوا المستوطنين .

                                                                                                                      ( فإن عزموا على النقلة عنها ) أي عن القرية الخراب ( لم تجب عليهم الجمعة لعدم الاستيطان وتصح ) الجمعة ( فيما قارب البنيان من الصحراء ، ولو بلا عذر ) فلا يشترط لها البنيان لقول كعب بن مالك : أسعد بن زرارة أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع ، يقال له ، نقيع الخضمات قال : كم كنتم يومئذ ؟ قال : أربعين رجلا رواه أبو داود والدارقطني قال البيهقي حسن الإسناد صحيح قال الخطابي حرة بني بياضة على ميل من المدينة وقياسا على الجامع لكن قال ابن عقيل : إذا صلى في الصحراء استخلف من يصلي بالضعفة ( ولا ) تصح الجمعة ( فيما بعد ) عن البنيان ، لشبههم إذن بالمسافرين .

                                                                                                                      ( ولا يتمم عدد من مكانين متقاربين ) كقريتين في كل منهما عشرون فلا تتمم الجمعة منهما ولو قرب ما بينهما لأنه لا يشملهما اسم واحد أشبهتا المتباعدين .

                                                                                                                      ( ولا يصح تجميع ) عدد ( كامل في ) محل ( ناقص ) فيه العدد ( مع القرب الموجب للسعي ) ويلزم التجميع في الكامل لئلا يصير التابع متبوعا وعدم الصحة مع البعد أولى .

                                                                                                                      ( والأولى مع تتمة العدد فيها ) أي المكانين ( تجمع كل قوم ) في قريتهم لأنه أبلغ في إظهار الشعار .

                                                                                                                      ( وإن جمعوا في مكان واحد فلا بأس ) بذلك لتأديتهم فرضهم ( ولا يشترط للجمعة المصر ) خلافا لأبي حنيفة لما تقدم من كتابته صلى الله عليه وسلم إلى قرى عرينة " أن يصلوا الجمعة " ولما روى الأثرم عن أبي هريرة أنه " كتب إلى عمر يسأله عن الجمعة بالبحرين وكان عامله عليها فكتب إليه عمر : جمعوا حيث كنتم قال أحمد : إسناده جيد .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية