الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ومن عليه حجة الإسلام أو ) عليه حجة قضاء أو نذر لم يصح ولم يجز أن يحج عن غيره لحديث ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة فقال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة } احتج به أحمد في رواية صالح وإسناده جيد وصححه البيهقي ; ولأنه حج عن غيره قبل حجه عن نفسه فلم يجز كما لو كان صبيا ، ( ولا نذره ولا نافلته ) أي : لا يجوز أن يحرم بنذر ولا نافلة من عليه حجة الإسلام .

                                                                                                                      ( فإن فعل ) بأن حج عن غيره وعليه حجة الإسلام أو أحرم بنذر أو نافلة إذن ( انصرف إلى حجة الإسلام ) في الصور كلها ; لما روى الدارقطني بإسناد ضعيف : { هذه عنك وحج عن شبرمة } ، وقوله : " أولا حج عن نفسك " أي : استدمه كقولك للمؤمن : آمن ; ولأن نية التعيين ملغاة فيصير كما لو أحرم مطلقا ، وقوله : صلى الله عليه وسلم { اجعل هذه عن نفسك } رواه ابن ماجه أجاب القاضي عنه بأنه أراد التلبية لقوله : " هذه عنك " ولم يجز فسخ حج إلى حج ، ورد النائب ( ما أخذ ) من غيره ليحج عنه لعدم إجزاء حجه عنه ووقوعه عن نفسه .

                                                                                                                      ( والعمرة كالحج في ذلك ) فمن عليه عمرة الإسلام أو قضاء أو نذر لم يجز ولم يصح أن يعتمر عن غيره ولا نذره ولا نافلته .

                                                                                                                      ( ومن أتى بواجب أحدهما ) بأن يأتي بحجة الإسلام أو عمرته ( فله فعل نذره ونفله ) أي : ما أتى بواجبه قبل الآخر ، فمن حج حجة الإسلام له أن يحج نذرا ونفلا قبل أن يعتمر ، ومن اعتمر عمرة الإسلام فله أن يعتمر نذرا [ ص: 397 ] ونفلا قبل أن يحج ( وحكم النائب كالمنوب عنه ) في ذلك ; لأنه فرعه ( فلو أحرم بنذر أو نفل عمن عليه حجة الإسلام ، وقع ) إحرامه عنها ، وكذا لو كان عليه حجة قضاء أو حجة نذر وأحرم بنفل .

                                                                                                                      ( ولو استناب عنه ) المعضوب ( أو ) استناب وارث ( عن ميت واحد في فرضه وآخر في نذره في سنة ) واحدة جاز ، وزعم ابن عقيل أنه أفضل من التأخير لوجوبه على الفور ، ( ويحرم بحجة الإسلام قبل الأخرى ، وأيهما أحرم أولا فعن حجة الإسلام ، ثم ) أحرم ( الآخر عن نذره ولو لم ينوه ) أي : ينو الثاني أنها عن النذر لعدم اعتبار التعيين في الحج لانعقاده مبهما ثم يعين .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية