الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن عدم نعلين أو ) وجدهما و ( لم يمكن لبسهما ) لضيق أو غيره ( لبس خفين ونحوهما من ران وغيره ) كسرموذة وزربول لحديث ابن عباس السابق ( بلا فدية ) لظاهر الخبر ولو وجبت لبينها ; لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ( ويحرم قطعهما ) أي : الخفين لحديث ابن عباس السابق ولمسلم عن جابر مرفوعا مثله وليس فيه " يخطب بعرفات ولم يذكر في هذين الحديثين قطع الخفين ولقول علي قطع الخفين فساد " ; ولأن الخف ملبوس أبيح لعدم غيره أشبه لبس السراويل من غير فتق ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وقال أبو الشعثاء لابن عباس " لم يقل : ليقطعهما قال لا : رواه أحمد .

                                                                                                                      وروى أيضا عن عمر " الخفان نعلان لمن لا نعل له " ( وعنه يقطعهما ) أي : الخفين ونحوهما ( حتى يكونا أسفل من الكعبين وجوزه جمع قال الموفق وغيره والأولى قطعهما عملا بالحديث الصحيح ) أي : حديث ابن عمر وخروجا من الخلاف وأخذا بالاحتياط قال [ ص: 427 ] الشارح : وما قاله صحيح وأجيب بأن زيادة القطع لم يذكرها جماعة وروي أنها من قول ابن عمر ولو سلم صحة رفعها فهي بالمدينة وخبر ابن عباس بعرفات فلو كان القطع واجبا لبينه للجمع العظيم الذي لم يحضر كثير منهم كلامه في المدينة في موضع البيان وقت الحاجة لا يقال : اكتفى بما سبق ; لأنه يقال : فلم ذكر لبسهما والمفهوم من إطلاقه لبسهما بلا قطع .

                                                                                                                      ويجاب عن قول المخالف : بأن المقيد يقضي على المطلق : أن محله إذا لم يمكن تأويله وعن قوله : أن حديث ابن عمر فيه زيادة لفظ بأن خبر ابن عباس وجابر فيهما زيادة حكم جواز اللبس بلا قطع يعني أن هذا الحكم لم يشرع بالمدينة وهذا أولى من دعوى النسخ وبهذا يجاب عن قول الخطابي : العجب من أحمد في هذا أي : قوله بعدم القطع فإنه لا يخالف سنة تبلغه وفيه شيء فإنه قد يخالف لمعارض راجح كما هو عادة المتبحرين في العلم الذين أيدهم الله بمعونته في جمعهم بين الأخبار ( وإن لبس مقطوعا ) من خف وغيره ( دون الكعبين مع وجود نعل ) حرم كلبس الصحيح ; لأن قطعه كذلك لا يخرجه عن كونه مخيطا ( وفدى ) للبسه كذلك .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية